انهيار الليرة التركية يضر بورصتي لندن ونيويورك.. الصحفية أيلا جان تلقي على أردوغان مسؤولية الكارثة.. طفرة البناء تترك 800 ألف منزل غير مباع في اسطنبول.. الأعمال التجارية تتجه نحو التوقف. وترامب مظلوم
ADVERTISEMENT
كتبت الصحفية أيلا جان ياكلي في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن هارون مجيد هو واحد من قلة من الرجال المحظوظين في تركيا، إذ إنه يبني منشآت رياضة ويبيع تجهيزات إلى الخارج، مما يكسبه عملة أجنبية تعينه على سداد قروضه الخارجية. لكن شركات أخرى، مع عائدات وأصول بالعملة المحلية بشكل أساسي، تنظر الآن إلى ديونها وهي تتراكم مع هبوط قيمة الليرة بنسبة الثلث هذا الشهر وحده.
وقالت إن انهيار الليرة قد بدد رؤوس الأموال في البنوك وينذر بموجة من الإفلاسات. واتسعت الأزمة إلى ما وراء تركيا، لتؤثر على أسواق ناشئة أخرى وتتسبب بانخفاض الأسهم في بورصتي لندن ونيويورك. كما أنها سممت العلاقات بين أنقرة وواشنطن، التي تحملها تركيا مسؤولية إثارة الفوضى في "مؤامرة خرقاء"، بحسب وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لتركيع بلاده. مع ذلك، فإن الأسباب الجذرية لانهيار الليرة، تكمن في سياسات الرئيس القوي، الذي أدار اقتصاده بطريقة الهدف منها الحصول على دعم شعبي ليفوز بتسعة انتخابات في سنوات عدة.
800 ألف منزل جديد
وتنقل الكاتبة عن مجيد البالغ من العمر 53 عاماً: "كان من الواضح أن هذا الوضع سينفجر. لقد واظبت على القول لأصدقائي في مجال أعمال البناء منذ سنوات كي يتوقفوا عن التنافس في ما بينهم، وأن ثمة عالماً في الخارج يمكن البناء فيه". ومن مكتب مجيد في ضاحية باكجيلار في اسطنبول يمكن رؤية العشرات من الشوارع التي تضم نحو 800 ألف منزل جديد غير مباع، الأمر الذي فاق قدرة السوق التركية.
مساجد وجسور ومراكز تجارية
واشارت إلى أن طفرة البناء قد حولت الأماكن التاريخية في اسطنبول إلى أمكنة من المباني الممتدة. وقد تغذى قطاع البناء، بتشييد مساجد وجسور وطرقات ومراكز تجارية كبيرة جديدة. ويشكل قطاع البناء نسبة عشرة في المئة من الناتج المحلي. ومنذ عام 2001، تجاوزت واردات مواد البناء والسلع الأخرى صادرات تركيا وتضخم عجز الحساب الجاري ( الذي يحسب صافي التجارة والدخل من الخارج والتحويلات الجارية) إلى 50.2 مليار دولار. وتتراكم الديون في قطاعات أخرى من الاقتصاد أيضاً. فكل من الحكومة والبنوك والمصانع والمطاعم ومالكي المنازل كانوا يعتمدون على القروض الرخيصة من الخارج، لتصل قيمة هذه القروض إلى 460 مليار دولار، أي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.
ولفتت إلى أن الأعمال التجارية تتجه نحو التوقف. ويشكو بعض مالكي الشركات من توقف تسليم بعض المنتجات الغذائية، فضلاً عن أن هناك منتجين يطالبون بالسيولة سلفاً لتلبية الطلبات. وفي هذه الأثناء توقف نصف محطات توليد الطاقة الكهربائية الأسبوع الماضي عن العمل، بعدما ادى انخفاض سعر الليرة إلى ارتفاع كلفة الغاز الطبيعي.
تشكيك في زعم الحكومة
وأضافت أن بعض الاقتصاديين يشككون في زعم الحكومة التركية بأن المشاكل المالية سببها الولايات المتحدة على ضوء أزمة القس الأمريكي أندرو برانسون المحتجز في تركيا بتهمة "التجسس والإرهاب" وتطالب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإطلاقه فوراً، الأمر الذي ترفضه السلطات التركية. وهذا ما حدا بترامب إلى فرض عقوبات على وزيرين تركيين ومضاعفة الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا. وفي الواقع فإن الحرب الكلامية بين ترامب والمسؤولين الأتراك قد زادت من بيع الأصول التركية التي كانت أصلاً عملية جارية قبل ذلك. وبدأت الليرة آخر تعثراتها الشهر الماضي غداة تسلم إردوغان منصبه كرئيس بصلاحيات تنفيذية واسعة، وسارع إلى تعيين صهره بيرات ألبيرق عديم الخبرة وزيراً للمال. وكان واضحاً من هذه الخطوة أن إردوغان يعتزم ممارسة الضغط على البنك المركزي كي يبقي أسعار الفائدة منخفضة بشكل اصطناعي على رغم أن التضخم تجاوز رقماً مزدوجاً.