كيف يؤثر تعطيل الإتفاق النووي على المشهد السياسي في لبنان.. تحول كبير بعد فوز حزب الله بالأغلبية.. توقعات بتولي سعد الحريري رئاسة الوزراء مجددًا.. وحزب الله لن يتشدد في تحديد التوازنات بالحكومة
ADVERTISEMENT
يتّفق محللون على أنّ القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ستكون له ارتدادات واضحة على المشهد السياسي اللبناني، عقب الانتخابات البرلمانية.
ويعتبر المحللون أن القرار الأمريكي إما أن يسرّع في تفكيك “الألغام” المزروعة أمام مرحلة تكليف رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، وإما يفرض معطيات جديدة ذات صلة بما يفرضه التقاطع بين الواقعين المحلي والإقليمي.
يأتي ذلك في ظل التقدّم الذي أحرزه تحالف “حزب الله” و”حركة أمل”، على حساب تياريْ “الوطني الحر”، الذي ينتمي إليه رئيس البلاد ميشال عون، و”المستقبل” بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري.
غير أن التطورات التي فرضها الإعلان الأمريكي، جعلت الضبابية تخيّم على مرحلة فائقة الحساسية في لبنان الذي يستعد لتشكيل حكومته، في سياق متفجّر، يجعل المشهد المحلي مفتوحًا على أكثر من سيناريو، بينها إعادة تسمية رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري، لتشكيل الحكومة، وذلك رغم امتلاك “حزب الله” الغالبية.
ردّ هادئ
الدكتور في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، اللبناني وليد الأيوبي، اعتبر أن انسحاب واشنطن من الاتفاق الإيراني ، يشكّل “استدارة كبيرة ونقطة تحوّل في المنطقة”.
وأشار الأيوبي إلى أن “لبنان سيتأثر حتماً بهذا التحوّل، نظراً لوجود ‘حزب الله’ الذي يلعب دوراً عسكرياً أساسياً، باعتبار تموقعه على الحدود مع إسرائيل، كما أنه يعتبر حليفًا لإيران”.
ورأى الخبير أن “إسرائيل لعبت دوراً كبيراً في قرار ترامب بشأن الاتفاق النووي، وذلك عبر اللوبي اليهودي الموجود في الولايات المتحدة، والدور المؤثر الذي يضطلع به الأخير”.
رضا واشنطن
لكن اللافت للنظر، وفق الأيوبي، هو أن الردّ الإيراني، ممثلًا في تصريحات مسؤوليه، جاء “هادئًا وخاليًا من أي رغبة في التصعيد”.
ورأى أن “واشنطن صعّدت دبلوماسياً وسياسياً، غير أنها لا تريد التصعيد عسكرياً، فالأمر يقتصر حتى الآن على التشنج الدبلوماسي”.
وفي إسقاط للمتغيرات الإقليمية والدولية على الواقع اللبناني، قال الأيوبي “إن موازين القوى التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية اللبنانية تمضي لصالح إيران وليس لصالح الولايات المتحدة وحلفائها”.
ولفت الى أن الحكومة الجديدة ستحمل أغلبية واضحة لـ”حزب الله”، لكنه سيتم تسمية الحريري مجدداً لتولي رئاستها، وهذا الأمر “يرضي واشنطن”.
وخلص الخبير إلى أن تلك الإحداثيات تخلّص المشهد العام في لبنان من أي حيثيات قد يرى فيها “حزب الله” ومن ورائه إيران، مبررًا لعرقلة تشكيل الحكومة المقبلة؛ ما يعني أن هذا المعسكر سيقبل بالتسوية، من خلال إعادة رئاسة الوزراء للحريري، في رسالة من شأنها أن تطمئن واشنطن بأنها ليست خارج اللعبة.
طرح يعني في نهاية المطاف، أن القرار الأمريكي لن يعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وسيفصل الملف الأخير عن التطورات الملتهبة بالمنطقة والعالم، وفق الأيوبي.
تأثير سياسي
من جانبه، رأى إيلي محفوض، رئيس حركة “التغيير” (تنتمي لقوى 14 آذار)، أنّ “القرار الأمريكي لن يؤثّر على لبنان فقط، وإنما سيمتد تأثيره ليطال المنطقة بأسرها”.
وقال محفوظ إن “تشكيل الحكومة، إضافة إلى موقف رئيس الجمهورية ميشال عون، سيتأثران بالقرار الأمريكي”، مستدركًا: “غير أنّ حزب الله لن يكون متشدداً في تحديد التوازنات داخل الحكومة؛ لأن السياسات في المنطقة تتغير بسرعة، ولن يستطع فرض شروطه رغم حصوله على الغالبية”.
محفوظ أكد أن هناك معطياتٍ جديدة في المنطقة ستؤثّر على البلاد، لافتًا إلى أن هذا التأثير قد لا يطال الجانب التقني لتشكيل الحكومة، أي توزيع الحقائب الوزارية، وإنما سيقتصر على حسابات أخرى بينها موازين القوى والتحالفات وغيره.
وأشار الى أن حزب “القوات اللبنانية”، بزعامة سمير جعجع، سيحظى بحقائب سيادية، ولن يستطع “حزب الله” معارضة هذا الأمر؛ ما يعني أن التأثير السياسي للقرار الأمريكي على لبنان قد لا تكون له تداعيات مباشرة على تشكيل الحكومة.
ورجحت مصادر وزارية في “14 آذار”، ألا يستغرق تشكيل الحكومة الجديدة وقتاً طويلًا، طالما باتت قوى التوازات النيابية واضحة.
كما اعتبرت المصادر نفسها أن القرار الأمريكي وما صاحبه من تطوّرات، لن يؤثر على الوضع الداخلي للبنان الذي يتبنى سياسة “النأي بالنفس” عن صراعات المنطقة.
والثلاثاء، أعلن ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، مبررًا قراره بأن “الاتفاق النووي سيّئ”، ويتضمّن “عيوبًا” من وجهة نظره، تتمثل في عدم فرض قيود على البرنامج الصاروخي الإيراني وسياسة طهران في الشرق الأوسط.
وفي 2015، أبرمت إيران الاتفاق النووي مع فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والصين وروسيا، ويقضي بفرض قيود وتفتيش دائم على برنامجها النووي، وحصره في الاستخدامات السلمية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها.