الصحفي الأمريكي إغناثيوس يكتب ملاحظاته على الإصلاحات في السعودية.. الشباب ورجال الدين يؤيدون التغييرات في المملكة.. أمين عام رابطة العالم الإسلامي حليف محمد بن سلمان.. وحماس المواطنين يشجع سلمان
ADVERTISEMENT
زار الكاتب في صحيفة ذا واشنطن بوست الأمريكية دايفد إغناثيوس المملكة العربية السعودية ودوّن ملاحظاته حول رأي المواطنين بالإصلاحات التي أدخلها وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان.
وتساءل إغناثيوس بداية عمّا إذا كانت هذه الإصلاحات حقيقية وما إذا كانت مدعومة من الجمهور ورجال الدين في دولة محافظة جداً. رأى الكاتب أنّ بناء توقعات موثوق بها حول السعودية مستحيلة بالنسبة إلى مراقب من الخارج، لكنّه استطاع أن يقدم عدداً من النقاط التي جمعها في رحلته حيث سمع دعماً قوياً من الشبان السعوديين الذين قابلهم في الشارع كما سمع التأييد من رجل دين بارز قابله خلال جولته.
يشير الكاتب إلى أنّ إمكانية بن سلمان في النجاح مع أجندته التغييرية ما زالت سؤالاً مفتوحاً. لكنّ ولي العهد يتمتع بحليف بارز وهو الشيخ محمد العيسى الذي أصبح منذ 2016 أمين عام رابطة العالم الإسلامي. ومن خلال مترجم، أكّد العيسى دعمه لسلسلة الخطوات التي اتّخذها ولي العهد والمدعومة أيضاً من العلماء. ذكر إغناثيوس أنّ العيسى بدأ بالتطرق إلى مسألة السماح للنساء بقيادة السيارات في يونيو 2018: "لم تكن مسألة قيادة النساء دينية قطّ. لقد أراد المتطرفون ربطها بالدين"، لكنّ العديد من العلماء "رحبوا بالقرار".
قرار حكيم
وتحدّث العيسى عن دعم العلماء أيضاً لخطوة وليّ العهد في تقييد سلطة الشرطة الدينية. "لقد أخذت الشرطة الدينية سلطة لم تكن لها ... لم يعترض أحد على هذا القرار. لقد كان قراراً حكيماً". وأشار أيضاً إلى أنّ مسألة ارتداء النساء للعباءة السوداء أو النقاب المغطّي للوجه "ليس أمراً مهماً". لكنّه قال إنّه يجب على المرأة في جميع الدول المسلمة الاستمرار في تغطية شعرها. وحين سأله إغناثيوس عن توقعات بعض المحللين عمّا إذا كان سيكون هنالك ردود فعل دينية ضدّ هذه التغييرات شدّد العيسى على أنّ وجهات النظر هذه "غير صحيحة على الإطلاق". وقال إنّ العلماء يقبلون بأنّ "هذه الإصلاحات ستساعد عموماً في فهم وتطوير المجتمع بشكل أفضل".
تصحيح الأخطاء
ويذكر إغناثيوس إصراره على التطرق إلى الأسباب التي دفعت المملكة العربية السعودية إلى اعتناق نسخة محافظة من الإسلام لوقت طويل بدت وكأنها داعمة للمتطرفين الدينيين. لكنّ العيسى أجابه: "يجب ألّا نهرب من واقع أنّ أخطاء قد وقعت، قبل أن يتمّ تصحيحها ... من واجبنا أن نواجه هذا التطرف". لفت العيسى اهتمام الغرب في يناير حين كتب رسالة إلى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست في واشنطن والتي وصف فيها حملة الإبادة النازية بأنّها "من بين أسوأ الأعمال الوحشية للبشرية على الإطلاق". وأضاف الكاتب أنّ الموقف السعودي ضد الإسلام المتطرف له جانب عمليّ أيضاً، حيث زار المركز العالمي لمحاربة الأيديولوجيا المتطرفة "إعتدال". كتب إغناثيوس أنّ عدة مئات من المحللين تجمّعوا تحت قبة عملاقة أمام شاشات الكومبيوتر يراقبون حركة الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتعقب مؤشرات دعم للمجموعات الإرهابية، مشيراً إلى أنّ هذا المركز يتوافق مع المطالب الغربية حول مكافحة الرياض للتطرف بشكل أقسى.
حماس شبابيّ لقرارات بن سلمان
وتوجّه إغناثيوس إلى مقهى في شارع الثغر بلازا شمال غرب الرياض حيث التقى بشبان سعوديين ليسألهم عن رأيهم بالإصلاحات. وكتب أنّ ما فعله لا يقع ضمن خانة استطلاع الرأي العلمي، ومع ذلك، أبدى جميع هؤلاء الشبان حماساً عفوياً إزاء تغيير الأساليب القديمة في التعاطي مع الأمور. لقد حظيت الحملة المناهضة للفساد والتي شنّها الأمير بن سلمان بشعبية واسعة حيث تم التحقيق مع 381 من أثرياء السعودية، من بينهم أمراء بارزون، في فندق ريتز-كارلتون في نوفمبر الماضي وقد دفع من ثبت تورطهم بالفساد حوالي مئة مليار دولار قبل أن يتمّ إطلاق سراحهم.
المملكة أمام مزيد من الحداثة
ونقل الكاتب عن المستشار في إحدى المدارس الثانوية المحلية راكان الدوسري الذي يبلغ من العمر 26 عاماً إعجابه بحملة مكافحة الفساد: "هذه بداية العدالة. الأمير مثل أي مواطن عادي آخر". عبد العزيز الفراج، مصرفي يبلغ من العمر 29 عاماً قال لإغناسيوس: "العالم يتغير بأكمله. لا عجب في أنّ الممكلة تتغيّر". شاب آخر يُدعى مؤاب قال إنّه إضافة إلى وظيفته في المصرف، فتح محلاً تجارياً لبيع لوازم الهواتف الخلوية، وهو قطاع كان يسيطر عليه اليمنيون. وشرح ذلك قائلاً: "منذ فترة قريبة، لم يكن السعودي العادي يفكر في البدء بعمل حر. كل ما كان يريده هو عمل حكومي".
يلخّص إغناثيوس الوضع بأنّ أبواب المزيد من الحداثة والمبادرة والشبابية المجتمعية باتت مفتوحة أمام المملكة. قد يكون هذا المسار مفروضاً من أعلى هرم السلطة نزولاً باتجاه القاعدة الشعبية، "لكن يبدو أنّه يكسب الزخم".