عاجل
الإثنين 25 نوفمبر 2024 الموافق 23 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

لماذا لا يمكن لأمريكا إعلان هزيمة داعش؟

تحيا مصر

أعلن التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، عن تنفيذ غارة جوية كبرى في محافظة دير الزور بجنوب شرق سوريا أسفرت عن مقتل 150 مسلحاً، ولكن الصحافي جوشوا كيتينغ يلفت في مجلة "سليت" الأمريكية، إلى أن مثل هذه الضربات (التي كانت شائعة من قبل) باتت الآن نادرة إلى حد كبير.

وبحسب مجموعة المراقبة المستقلة "إيروارز" شن التحالف 122 غارة جوية حتى الآن في العراق وسوريا خلال شهر يناير (كانون الثاني)، كما بلغ عدد الغارات الجوية للتحالف خلال الشهر الماضي 212، وهذه الأرقام هي الأدنى منذ أغسطس (آب) عام 2014 حينما بدأت الحملة ضد داعش وهي تنخفض أيضاً بشدة عن عدد الغارات التي شنها التحالف في أغسطس الماضي والذي بلغ 1755 ضربة جوية من أجل تحرير الرقة عاصمة خلافة داعش المزعومة.

خسائر داعش
ويرى كاتب المقال أن تراجع معدل الغارات أو الضربات الجوية ليس مفاجئاً؛ إذ لم يتبق الكثير لقصفه؛ حيث فقد داعش أكثر من 95% من الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا، وقتل أكثر من 60 ألف داعشي و120 من كبار قادة التنظيم الإرهابي، كما توقف تقريباً تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على الأعداد الدقيقة للأشخاص الذين لا يزالون موالين لداعش في سوريا والعراق، فإن التقديرات تشير إلى أن عدد المقاتلين الناشطين في ساحة المعركة يتراوح ما بين 1000 و 3000 مقاتل.

الولايات المتحدة في مأزق
وربما يعتقد البعض أن هذا الأمر يشكل انتصاراً للولايات المتحدة وحلفائها، بيد أنه في الحقيقة يضع المسؤولين الأمريكيين في مأزق بسبب إعلان الولايات المتحدة أن القوات الأمريكية لن تذهب إلى أي مكان، ويختلف المسؤولون الأمريكيون الآن في وصف داعش باعتباره "بقايا مُحطمة لتنظيم إرهابي" أو "قوة قتالية لا تزال قوية" اعتماداً على موقفهم من الاستمرار في نشر القوات الأمريكية.

وبحسب كاتب المقال، يتفق المسؤولون والقادة الأمريكيون بشكل عام على أنه رغم هزيمة داعش كقوة إقليمية، فإن ثمة حاجة إلى بقاء القوات الأمريكية من أجل التأكد من عدم ظهور التنظيم الإرهابي مرة أخرى، ويبدو هذا الأمر منطقياً وبخاصة مع عودة تنظيم القاعدة في العراق حتى مع اعتقاد الجميع بهزيمته قبل عقد من الزمن. وعلاوة على ذلك، فإن التفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل العشرات من الأشخاص في بغداد خلال الأسبوع الماضي يعكس أن داعش لا يزال يشكل تهديداً رغم عدم سيطرته على الأراضي.

ويلفت الكاتب إلى أن بقاء الولايات المتحدة في العراق يمكن تبريره إلى حد ما بأنه يستهدف مساعدة الحكومة على الحفاظ على الاستقرار، ولكن الوضع يختلف في سوريا الممزقة حيث لا تتعاون الولايات المتحدة مع الحكومة المركزية لبشار الأسد، وبقاء قرابة 2000 جندي أمريكي في سوريا يبدو أمراً غامضاً بالنسبة إلى الكونغرس.

الولايات المتحدة باقية في سوريا
وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قد كشف الأسبوع الماضي عن أهداف لاستمرار بقاء الولايات المتحدة في سوريا؛ أبرزها تقويض النفوذ الإيراني المتنامي، ودعم القوات الكردية التي قاتلت داعش والضغط على بشار الأسد للتنحى، ولكن اللافت للنظر برأي كاتب المقال أن الكونغرس لم يفوض الرئيس دونالد ترامب باستخدام القوة العسكرية لتحقيق أي من هذه الأهداف، والواقع أن الولايات المتحدة استندت فعلاً على أساس قانوني ضعيف (تفويض عام 2001 باستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم القاعدة) من أجل ملاحقة داعش ودحره في سوريا، ومن ثم فإن الاستمرار في استخدام تفويض عام 2001 عقب هزيمة داعش بشكل جوهري سيكون بلاشك "أمراً سخيفاً" على حد وصف الكاتب، وقد أثار الديمقراطيون في الكونغرس هذا الاعتراض خلال الأسبوع الماضي.

إشكالية التوغل التركي
ويلفت كاتب المقال إلى أن التوغل التركي في جيب عفرين الحدودي وضرب المقاتلين الأكراد (الذين تعتبرهم تركيا "إرهابيين") يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة؛ حيث تتنافس تركيا (حليفة الناتو) مع الأكراد السوريين، شريك الولايات المتحدة في الحرب على داعش. وقد حذر وزير الدفاع جميس ماتيس من أن الهجوم التركي يصرف الانتباه عن دحر داعش، كما حذر ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكالمة هاتفية من تصعيد القتال. وأكد بيان للبيت الأبيض أنه يتعين على كل الأطراف التركيز على تحقيق الهدف المشترك الذي يتمثل في دحر داعش بصورة نهائية. وفي الوقت نفسه اتهم تيلرسون نظام الأسد بمواصلة استخدام الأسلحة الكيماوية وألقى باللوم على شريكته روسيا للسماح باستمرار هذه الهجمات.

ويخلص الكاتب إلى أن إدارة ترامب (مثل إدارة أوباما إلى حد كبير) كانت تسعى إلى أن تكون مشاركة الولايات المتحدة في الصراع السوري قاصرة على محاربة داعش، ولكن يبدو أن إدارة ترامب توصلت إلى استنتاج مفاده أن الانسحاب من سوريا ربما يقود إلى ظهور تهديدات جديدة ولذلك لن تتخلى الولايات المتحدة عن النفوذ الذي توفره قواتها البرية الموجودة هناك، ومن هذا المنطلق يجب أن يستمر القتال ضد داعش.
تابع موقع تحيا مصر علي