عاجل
الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

من الصين إلى جيبوتى: العالم يبحث عن حل لأزمة السكان

من الصين إلى جيبوتى:
من الصين إلى جيبوتى: العالم يبحث عن حل لأزمة السكان

«خيانة للبلاد» هكذا تعد سياسة تنظيم الأسرة فى تركيا من وجهه نظر الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» بحسب ما قاله العام الماضى خلال مشاركته فى حفل زفاف نجل أحد رجل الأعمال، وقال الرئيس التركى – رئيس الحكومة وقتها - إن من نفذوا تلك السياسات حاولوا تقليص أعداد الشعب التركى من خلال تجفيف منابع الأجيال الجديدة. وأكد «أردوغان» على رفض السماح بالإجهاض أو التوسع فى توزيع «حبوب منع الحمل»، مهاجمًا الذين يروجون لسياسات تنظيم الأسرة بأنهم يسعون إلى حرمان تركيا من أن تصبح أمة مزدهرة تتمتع بأجيال شابة، موصياً بأن يكون الحد الأدنى المقبول من الأطفال لا يقل عن أربعة أطفال.
وإلى الشرق من تركيا، حيث تقع الصين، تلك الدولة التى يتخطى عدد سكانها مليارا و300 مليون نسمة، بحسب إحصاء البنك الدولى أيضًا فى 2013، الأمر الذى دفع الصين إلى تبنى سياسة الطفل الواحد لسنوات، ما أدى إلى تراجع حاد فى نسبة القوى العاملة بها، حيث سجل عام 2012 تراجعًا وصل إلى نحو 4 ملايين عامل، ومن المتوقع أن يتراجع أكثر ليصل إلى 9 ملايين عامل سنويًا مع حلول عام 2023 الأمر الذى دفع أعلى هيئة تشريعية فى الصين العام قبل الماضى إلى تبنى قرار يسمح للأزواج بإنجاب طفلين إذا كان أحدهما الطفل الوحيد فى أسرته.
[image:2]
وكان المشرعون الصينيون تباحثوا كثيرا بشأن أهمية مواصلة تنظيم الأسرة عند مناقشة مشروع قانون يبحث تخفيف القيود على سياسة الطفل الواحد التى امتدت على مدى عقود، وكانت تهدف إلى تحديد سكان الصين، بعد ما رأى سياسيون صينيون أنه من الصواب أن يتم تعديل سياسة تنظيم الأسرة فى مواجهة الظروف الجديدة، ولكن من المهم أن تنفذ بصرامة لضمان نمو سكانى مستدام.
ومن المتوقع أن تؤدى الإجراءات الجديدة المرنة تجاه الإنجاب فى الصين إلى زيادة مقدارها 12 مليون طفل جديد خلال السنوات الست المقبلة بمعدل مليونى طفل فى العامين الأول والثانى، وبارتفاع عن المعدل الطبيعى السائد وهو 17 مليون مولود جديد كل عام. ووفقاً لإحصاءات لجنة تنظيم الأسرة الصينية، فإن نحو مليون عائلة صينية فقدت طفلها الوحيد لأسباب مختلفة نتيجة أمراض أو حوادث أو كوارث الطبيعة، وأن حوالى 76 ألف عائلة تفقد طفلها الوحيد كل عام دون أن تتمكن من إنجاب بديل له نتيجة تقدم سن الوالدين.
وفى مسعى لزيادة الوعى المجتمعى، خاصة لدى الأمهات، حول أهمية ما يعرف بـ«تنظيم النسل» أو «المباعدة بين المواليد»، أطلقت وزارة ترقية المرأة والتخطيط العائلى فى دولة جيبوتى، الواقعة بقلب قارة أفريقيا، حملة واسعة العام قبل الماضى، شملت الأحياء الشعبية فى عدة مدن، على رأسها العاصمة، لتوعية الشرائح المستهدفة بجدوى «التخطيط والتوازن الأسرى»، الذى يضمن رفاهية الأسرة من جانب، وتقليص نسبة الوفيات بين الأمهات والأطفال من جهة أخرى.
[image:3]
الحملة تم تنظيمها من قبل إدارة الشؤون الاجتماعية، فى وزارة ترقية المرأة والتخطيط العائلى، فى سلسلة من ورش العمل يشرف عليها ممثلون عن وزارات المرأة والصحة والشؤون الإسلامية، تتميز فى مجملها بالحضور الكثيف للعنصر النسائى، كما تستخدم الوزارة وسائل الإعلام المحلية وفى مقدمتها التليفزيون لإيصال رسالتها إلى الجمهور. وترفض الغالبية العظمى من الجيبوتيين فكرة تحديد النسل، بحسب ما جاء فى وسائل الإعلام، وإن تعددت مسمياته وأشكاله، ويرون أن استخدام مصطلحات من قبيل «تنظيم النسل» لن تغير من اقتناعهم بطلب الذرية، خاصة أن عدد السكان فى بلدهم لا يتجاوز مليون نسمة. وبحسب إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، التزمت الحكومات فى مؤتمر القمة العالمى لعام 2005 بـ«تحقيق حصول الجميع على خدمات الصحة الإنجابية بحلول عام 2015»، وذلك على النحو المنصوص عليه فى المؤتمر الدولى للسكان والتنمية، وقد أقرت أهمية هذا الالتزام فى الاجتماع العام بشأن الأهداف الإنمائية للألفية للدورة 65 للجمعية العامة فى عام 2010. كما تعهدت الحكومات فيه بضمان «حصول النساء والرجال والشباب على أكثر الطرق المقبولة الآمنة والفعالة والميسورة التكلفة لتنظيم الأسرة، وكذلك إمكانية الاستفادة منها وكيفية اختيارها».
[image:4]
وللمساهمة فى رصد تنفيذ تلك الوعود، أصدرت شعبة السكان بإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، بالأمم المتحدة، تقريرا بعنوان (استخدام وسائل منع الحمل فى العالم فى عام 2010)، تضمن بيانات عن شيوع وسائل منع الحمل فى 193 بلدا، وكذلك الاحتياجات التى لم تلب بعد، لتنظيم الأسرة فى 107 بلدان، بين عامى 1950 و2010. وتبعا لأحدث البيانات، تتراوح نسبة شيوع وسائل منع الحمل بين النساء فى سن الإنجاب، المتزوجات منهن أو المرتبطات بأى شكل آخر، بين 3 فى المائة فى تشاد و88 فى المائة فى النرويج، وعلى الصعيد العالمى، يقدر شيوع وسائل منع الحمل بـ63 فى المائة، وتوجد أعلى نسبة إلى حد ما فى المناطق الأكثر نموا.
تختلف الاتجاهات التى يسلكها شيوع وسائل منع الحمل بين الفئات الإنمائية. فقد كان مرتفعًا فى المناطق الأكثر نموًا لعدة عقود ولم يتغير مستواه بشكل كبير منذ عام 2000، فى حين ارتفع فى المناطق الأقل نمواً بشكل كبير فى العقد الماضى. ومع ذلك يصل مستوى شيوع وسائل منع الحمل فى 48 دولة فى أفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) إلى أقل من 20 فى المائة، كما يصل إلى 22 فى المائة فقط من النساء فى سن الإنجاب، المتزوجات منهن أو المرتبطات بأى شكل آخر، واللاتى يستخدمن موانع الحمل.

اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة



تابع موقع تحيا مصر علي