عودة النازحين إلى غزة.. رحلة شاقة بين الأمل والمعاناة

كشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من 376 ألف فلسطيني عادوا إلى شمال قطاع غزة بين صباح الإثنين وظهر الثلاثاء. وأوضح التقرير أن هؤلاء النازحين يشكلون تنوعًا ديموغرافيًا، حيث نصفهم رجال، بينما يشكل الأطفال والنساء النصف الآخر بالتساوي.
وأشار المكتب إلى أن عملية العودة تمت في ظروف صعبة للغاية، حيث قطعت آلاف العائلات هذه الرحلة الشاقة سيرًا على الأقدام، وسط نقص حاد في الإمدادات الأساسية والبنية التحتية المدمرة.
الفئات الأكثر ضعفًا في رحلة العودة
وذكر التقرير أن من بين العائدين فئات معرضة للخطر بشكل خاص، مثل النساء الحوامل أو المرضعات، والمسنين، والأشخاص ذوي الإعاقة أو الأمراض المزمنة، والأطفال القاصرين غير المصحوبين بذويهم. ويُظهر هذا التوزيع أن الأزمة الإنسانية في غزة تطال أضعف الفئات بشكل مباشر، مما يستدعي جهودًا دولية عاجلة لتقديم المساعدات الضرورية.
السياق السياسي والعودة الكبرى
جاءت هذه العودة بعد أن أعلنت حركة "حماس" يوم الإثنين أن 300 ألف نازح بدأوا بالعودة إلى شمال القطاع، إثر سماح الجيش الإسرائيلي بالعودة في الساعات الأولى من الصباح. وتزامن ذلك مع سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 يناير، ويستمر لمدة 42 يومًا.
ويتضمن الاتفاق تفاوضًا لبدء مراحل لاحقة تهدف إلى إنهاء حرب استمرت 15 شهرًا، كانت الأكثر دموية وتدميرًا في تاريخ القطاع. وتتم المفاوضات بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
مبادرة ترامب تثير الجدل
في ظل هذا التطور، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل عندما اقترح نقل ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني إلى الأردن ومصر كجزء من حل طويل الأمد للأزمة. ولقي هذا المقترح دعمًا من معسكر اليمين المتطرف في إسرائيل، بما في ذلك وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى احتلال قطاع غزة بالكامل وإقامة حكومة عسكرية هناك.
رغم الجهود الدولية المبذولة، تثار تساؤلات حول قدرة الأطراف على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، خاصة مع عودة هذا العدد الكبير من النازحين إلى شمال القطاع. وترى بعض الأطراف الإسرائيلية في هذه العودة تهديدًا للمخططات السياسية والاستراتيجية، ما قد يزيد من ضغوط المعارضين لاتفاق الهدنة.
تحديات إنسانية ومخاوف مستقبلية
وفي الوقت الذي تمثل فيه عودة النازحين بارقة أمل للعديد من العائلات، تظل التحديات الإنسانية جسيمة. إذ أن الدمار الواسع الذي خلفته الحرب على البنية التحتية والخدمات الأساسية يجعل من الصعب على السكان استئناف حياتهم الطبيعية. كما أن استمرار المناقشات بشأن المراحل القادمة من الاتفاق يضع مستقبل القطاع في حالة من الغموض.
نحو أفق جديد لغزة؟
مع استمرار الجهود الدولية لتمكين المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، تبدو الحاجة ماسة إلى دعم عالمي يركز على توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، وإعادة إعمار القطاع، والتوصل إلى حلول مستدامة تضمن السلام والاستقرار. ومع ذلك، تظل العوامل السياسية والميدانية هي المحرك الرئيسي للمشهد، وسط مخاوف من انهيار الاتفاق وعودة دائرة العنف.