اليمين الفرنسي يهدد بسحب الثقة عن حكومة بارنييه بسبب مشروع الميزانية
ADVERTISEMENT
تشهد الساحة السياسية الفرنسية توترًا غير مسبوق مع تهديد حزب التجمع الوطني، بقيادة جوردان بارديلا، بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه. يأتي هذا التصعيد على خلفية مشروع ميزانية الضمان الاجتماعي لعام 2025، الذي يهدف إلى تقليص العجز من خلال توفير 60 مليار يورو عبر زيادات ضريبية وخفض في الإنفاق العام.
رغم تقديم الحكومة تنازلات مثل إلغاء ضريبة الكهرباء، ما زالت المعارضة متمسكة بمطالبها، مما يجعل مستقبل الحكومة معلقًا على خيط رفيع من المفاوضات.
التجمع الوطني: تصعيد غير مسبوق ضد خطط بارنييه
أعلن جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني، أن الحزب سيتجه لإطلاق تصويت بحجب الثقة إذا لم يتم تعديل المشروع بما يتماشى مع مطالب الفرنسيين. ويعتبر هذا التحرك انعكاسًا للضغوط الشعبية التي تقودها الزعيمة السابقة للحزب مارين لوبان، التي أكدت رفضها الشديد لتأجيل زيادات المعاشات وربطها بمعدلات التضخم.
ويبدو أن هذا الرفض يتجاوز الانتقادات الاقتصادية ليعبر عن تصدع كبير في العلاقة بين المعارضة والحكومة، حيث وصف بارديلا تجاهل مقترحات حزبه بأنه "إهانة للفرنسيين".
حكومة بارنييه والمادة 49.3: هل تزداد الأزمة تعقيدًا؟
في ظل الاستقطاب الحاد، تزايدت التكهنات حول إمكانية لجوء بارنييه إلى استخدام المادة 49.3 من الدستور لتمرير مشروع القانون دون تصويت برلماني. هذه الخطوة قد تكون سيفًا ذا حدين؛ إذ تتيح له تجاوز المعارضة، لكنها في المقابل قد تدفع حزب التجمع الوطني وحلفاءه إلى التصعيد عبر تصويت بحجب الثقة عن الحكومة.
إذا حدث ذلك، فقد تُطاح الحكومة الحالية، لتكون هذه الحادثة الأولى من نوعها منذ 1962.
اقتصاد فرنسا على المحك: الأسواق تترقب والتوتر يتصاعد
يرى محللون أن اضطرابات سياسية بهذا الحجم قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الفرنسي، حيث حذر بارنييه من "عاصفة اقتصادية واضطرابات في الأسواق المالية" في حال فشل تمرير الميزانية.
ورغم أهمية المشروع لضمان التوازن المالي للدولة، فإن المعارضة تصفه بأنه استنزاف للطبقات الفقيرة، خاصة مع خطط زيادة الضرائب وتقليص الدعم الاجتماعي.
ردود فعل متباينة وحراك متصاعد داخل البرلمان
بينما تسعى الحكومة للحفاظ على الحد الأدنى من الدعم البرلماني، أبدت أحزاب أخرى مواقف متناقضة. حزب التجمع الوطني يتمسك بمطالبه، في حين يحافظ اليسار على مسار تصعيدي متزايد.
وفي الوقت ذاته، حاولت المتحدثة باسم الحكومة، مود بريجون، تهدئة الأجواء قائلة: "باب الحوار مفتوح دائمًا". لكنها لم تقدم وعودًا بحلول جديدة، مما يزيد من حالة الغموض حول مآلات الأزمة.
إصلاحات بارنييه في ميزان النقد والمعارضة
تعود جذور الخلافات إلى سياسات التقشف التي اعتمدتها حكومة بارنييه لمواجهة التضخم والالتزامات الأوروبية. وقد شملت هذه السياسات رفع ضريبة الغاز وتخفيض تعويضات الأدوية، وهي خطوات قوبلت بانتقادات شديدة.
في المقابل، يؤكد بارنييه أن هذه الإجراءات ضرورية لتجنب أزمة مالية أعمق، مشددًا على أن البدائل المقترحة من المعارضة غير واقعية.
السيناريوهات المحتملة: هل تصمد حكومة بارنييه؟
مع اقتراب موعد التصويت، يبقى السؤال المطروح: هل يتمكن بارنييه من تفادي حجب الثقة؟
تحتاج الحكومة إلى دعم برلماني واسع أو على الأقل إلى امتناع حزب التجمع الوطني عن التصويت لإبقاء الأمور تحت السيطرة. لكن إذا مضى الحزب قدمًا في موقفه، قد تجد فرنسا نفسها أمام أزمة سياسية جديدة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل الحكومة أو انتخابات مبكرة.