القمة العالمية للأمن الغذائي وحلم الأجيال المقبلة!
ADVERTISEMENT
في أسبوع واحد، اجتمعت في العاصمة الإماراتية أبو ظبي عدة فعاليات مهمة مرتبطة بالأمن الغذائي ومكافحة الجوع.
وكانت القمة العالمية للأمن الغذائي الحدث الأبرز ضمن فعاليات الأسبوع الغذائي العالمي في أبو ظبي من 26-29 نوفمبر، حيث استضافت 21 وزيرًا ومسؤولًا حكوميًا من صناع القرار الخاص بالأمن الغذائي حول العالم، في مقدمتهم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، ممثلة في المدير العام المساعد د. عبد الحكيم الواعر وهو أيضا الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، إلى جانب مصر ممثلة في وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق.
وكان جميع المشاركين يحاولون إيصال رسالة واحدة مفادها أن "حلم" تحقيق الأمن الغذائي للأجيال المقبلة يمكن أن يتحول إلى حقيقة إذا تعاونت جميع الأطراف بإرادة مشتركة وقلب واحد.
كانت مفاجأة افتتاح القمة ملفتة للنظر، وشهدها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، وتمثلت في ظهور -دون إعلان مسبق- الممثل الكوميدي والإعلامي الأمريكي الشهير ستيف هارفي على خشبة المسرح، حيث أكد على أهمية القمة والأسبوع العالمي للغذاء باعتباره "تحركًا يسعى إلى ألا يعاني أحد من الجوع"، موضحا أن حجم معضلة الجوع زاد بشكل كبير، حيث هناك الآن أكثر من 800 مليون شخص – أي نحو 1 من كل 10 أشخاص على هذا الكوكب – لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية.
كان اختيار القمة لشخصية مثل "هارفي" من باب الحرص على إيصال رسالة الأمن الغذائي ومكافحة الجوع لجذب أنظار العالم، خاصة الجزء من العالم الذي ينعم بالرفاهية ولا يبالي، وشدد "هارفي" أن "معاناة الناس في توفير الغذاء في عام 2024، وفي القرن 21، بالنظر لكل مواردنا وتقنياتنا ومعرفتنا، أمر ببساطةٍ غير مقبول!". كما أكد هارفي على قوة الطعام في توحيد الشعوب حيث يربط الطعام بين الثقافات ويوحد الإنسانية، و"الأمر لا يتعلق فقط بإطعام الناس اليوم، بل هو عن الأمل والبقاء وضمان الغذاء للأجيال القادمة".
وربطت د. آمنة بنت عبد الله الضحاك وزيرة التغير المناخي والبيئة في كلمتها تحديات الأمن الغذائي الحالية بتحديات التغير المناخي حول العالم والمتمثلة بالخصوص في نقص الأراضي الزراعية وشح المياه واضطرابات الطقس. وقد أوضحت الدافع لبلادها -دولة الإمارات-للدعوة المستمرة إلى العمل المشترك من خلال هذه القمة وغيرها وهو إحداث تحول حقيقي لنظم الغذاء ليشمل جميع البلدان.
ومن جانبه، أكد عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة أهمية هذه القمة في مواجهة التحديات البيئية على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، خاصة في ضوء التغيرات المناخية والصراعات، وقد قدم إحصائيات "مرعبة" عن الجوع وانعدام الأمن الغذائي العالمي، بما في ذلك المنطقة العربية التي يعاني فيها حوالي 72.7 مليون شخص من انعدام شديد للأمن الغذائي وفقا لأرقام العام الماضي 2023، وهم يمثلون ما نسبته 15.4 % من إجمالي السكان، وضمت البلدان المتأثرة بالنزاعات النسبة الأكبر بإجمالي 44.1 مليون شخص. كما أشار الواعر إلى التقرير العالمي حول أزمات الغذاء للعام الحالي 2024 والذي يوضح أن 282 مليون شخص على الأقل في 59 دولة يعانون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، ومنها عدة مناطق في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وبقية القارة السمراء. وحول الأزمة اللبنانية الأخيرة، قال الواعر إن 45 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في لبنان تم تدميرها بشكل جزئي أو كامل.
وألقى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي كلمة أمام القمة، كما تحدث أيضا أمام الجلسة الوزارية الحوارية التي ترأستها وزيرة التغيرات المناخية الإماراتية بحضور الوزراء وممثلي المنظمات المشاركين في قمة الغذاء العالمية. وركز في المداخلتين على الملف المحلي مستعرضا الخطوات التي اتخذتها مصر لتحقيق الأمن الغذائي وتقليل الفجوة الغذائية في بعض المحاصيل الاستراتيجية، خاصة الحبوب والزيوت والأعلاف وذلك من خلال التوسع الرأسي والتوسع الأفقي لزيادة الإنتاجية واستنباط أصناف نباتية عالية الانتاجية لمجابهة التغيرات المناخية؛ بالإضافة إلى التوسع في الاستزراع السمكي، ومشروعات تحلية المياه، وترشيد مياه الري وكذلك الاهتمام بتنمية الثروة الحيوانية والداجنة وتحسين السلالات مع توجيه القطاع الخاص للاستثمار في المشروعات الزراعية مثل التصنيع الزراعي وإعادة تدوير المخلفات الزراعية.
ولفت إلى دور المشروعات الهادفة لتحسين مستوى معيشة نحو 60٪ من المصريين في القرى المختلفة، مثل تكافل وكرامة وحياة كريمة، إضافة إلى استيعاب كل الأشقاء الذين لجؤوا إلى مصر من دول المنطقة التي تشهد صراعات سياسية حادة.
من جانب آخر، شارك أكثر من 660 عارضا من كبرى الشركات في 70 دولة في معرض أبوظبي الدولي للأغذية والذي أقيم بالتزامن مع "الأسبوع العالمي للغذاء"، وخلال اللقاء بممثلي العديد من الشركات المصرية وغالبيتهم في سن الشباب، أشاروا إلى أهمية مشاركتهم وجها لوجه مع ممثلي العلامات التجارية الرائدة في العالم، خاصة تبادل التجارب حول أحدث التطورات في تكنولوجيا الأغذية والصناعات الغذائية المستدامة. وحقق المعرض صفقات بقيمة تجاوزت 6 مليارات درهم، بنمو 59% مقارنة مع الدورة السابقة، كما جذب المعرض 35 ألف زائر بنمو 103% عن العام الماضي، وتم عقد أكثر من 1600 اجتماع بين مشترين وعارضين من مختلف أنحاء العالم، ناهيك عن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.
وتزامن مع إقامة النسخة الثالثة من معرض أبوظبي الدولي للأغذية، معرض آخر وهو النسخة العاشرة من معرض أبوظبي للتمور، الذي يُنظَّم بالشراكة مع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، وشارك فيه أكثر من 100 عارض يمثلون 28 دولة منتجة للتمور، في مقدمتهم منتجون مصريون فازوا في عدة دورات سابقة بالجائزة الاولى. وأوضح عبد الوهاب زايد الأمين العام للجائزة أن التطوير والابتكار الزراعي الهدف الرئيسي من الجائزة، موضحا وجود لجنة علمية دولية تشرف.