"البلطجة والضرب مش عيب والحب عيب".. لماذا عزفت السينما المصرية عن قصص الحب والأفلام الرومانسية؟
ADVERTISEMENT
"البلطجة والضرب مش عيب والحب عيب"، بهذه الجملة ردت الفنانة منة شلبي عن سبب عزوف السينما المصرية عن إنتاج القصص والأفلام الرومانسية لفترة طويلة، وتحدي تلك الكبوة بـ مشاركتهم في الفيلم الرومانسي "الهوى سلطان"، فبالرغم من بساطة الجملة التي عبرت بها "منة شلبي" عن السبب، إلا أنها استطاعت وضع تفسير لـ اختفاء قصص الحب من السينما لـ سنوات طويلة، فبين ليلة وضحاها أصبحت الأفلام الرومانسية ممنوعة من التداول، وغزا المنتجين السينما بـ الأفلام التي تتسم بالطابع الشعبي المليئة بالعنف، وأصبحت مشاهد القتل والعنف هي المشاهد المألوفة لـ الجَمهور في السينما وتعبر عنهم، أما مشاهد الحب فينصرفون عنها، لذا يرصد تحيا مصر عن مسار تحول صناعة السينما من القصص الرومانسية لـ الأفلام الشعبية.
سهر الليالي.. أولى الأعمال الرومانسية في السينما المصرية
منذ بداية الألفينات وبدأت السينما المصرية في اتخاذ مسار جديد في عرض القصص الرومانسية والحب، فبدأ السيناريست "تامر حبيب" بفيلم "سهر الليالي" فدمج بين الرومانسية والدراما، ونزع عنها سذاجة الأحلام الرومانسية، فوضع قصص الحب في إطار شائك وجرئ وواقعي عن مشكلات الحياة الزوجية من خلال أربع ثنائيات تفرقهم مشكلات الحياة، فبالرغم من الجدل الكبير الذي حققه الفيلم فإنه استطاع تحقيق نجاح جماهيري واسع، ووضع أسس جديدة شائكة لـ القصص الرومانسية.
وفي العام الذي يليه، أكمل فيلم "أحلى الأوقات" سلسلة الأفلام الرومانسية التي تتسم بالطابع الدرامي؛ وذلك من خلال استعراض قصة ثلاث شابات تجمع بينهم صداقة قديمة وتأثير الماضي والحب على حياتهم الشخصية، مع إضافة عنصر جديد لـ الفيلم وهو صوت "محمد منير" المٌصاحب لـ أحداث العمل الفني ليضيف طابع جديد لـ الأفلام الرومانسية.
انتعاش سينمائي في الأفلام الرومانسية
واستمر انتعاش دور السينما في تقديم الأفلام الرومانسية حتى عام 2007، فقدم المخرج الراحل "محمد خان" فيلم "في شقة مصر الجديدة"، عن فتاة من الصعيد تبحث عن فارس أحلامها الذي صنعتها في مخليتها برفقة أغاني "ليلى مراد"، ويقودها القدر إلى القاهرة من أجل مقابلة الشاب عن طريق مصادفة خلال بحثها عن معلمتها، فأصبح هذا الفيلم بمثابة أيقونة شاعرية في السينما المصرية.
وبالرغم من النجاح الكبير الذي حصدته تلك الأفلام الرومانسية، إلا أن صناعة السينما بدأت تأخذ مسار مختلف منذ عام 2010؛ وذلك بعد اتجاه المنتجين لـ تبني الأعمال الفنية التي تتعلق بالدراما الاجتماعية وتعكس اهتمام الجَمهور بالمجتمع والسياسة مثل أفلام "هي فوضي وعمارة يعقوبيان"، وبالتأكيد أثر هذا التوجه على صناعة الأفلام الرومانسية التي انصرف عنها الجَمهور، وأصبحت اتجاهًا حالمًا لا يتناسب مع مجريات الحياة التي يتعايشون معها.
تغير مسار السينما من الرومانسية إلى الاجتماعية والكوميدية الاجتماعية
واستمرت توجهات السينما في التغير رويدًا فتحولت من الأعمال الاجتماعية إلى كوميديا الاجتماعية التي يبحث فيها الجَمهور عن عزاء ساخر مما يعانون منه في الحياة، وبالتدريج قل اهتمام المنتجين بالأعمال الرومانسية، وأصبح يتم توظيف الثنائيات الرومانسية فقط ضمن إطار الفيلم الأكشن أو الكوميدي، لتختفي الكوميديا فجأة وتبدأ الأفلام الشعبية ونموذج "البطل المغوار" في غزو السينما، بدءًا من فيلم "عبده موتة" وحتى فيلم "الاسكندراني"، في محاولة استعادة صورة نمطية عن "بطل الحارة الشعبي"، ليصبح العنف والبلطجة هي المشاهد المألوفة لـ المٌشاهد، لتستعيد تدريجيًا جملة الفنانة منة شلبي: "مش عارفة ايه اللي خلى البطلجة والضرب عيب والحب عيب؟".
فإذا نظرت مليًا لحال صناعة السينما ستجد أن الأفلام الرومانسية تمثل مخاطرة كبيرة بالنسبة لـ لـ "المنتجين" وصناع السينما؛ بسبب تغيير أذواق الجَمهور وتأثير الأحداث الاجتماعية؛ لأن جَمهور الأفلام الرومانسية أصبح قلة نسبيًا، فأصبحوا يقدمون قصة الحب في مزيج بين الرومانسية وعناصر أخرى كـ "الأكشن أو الدراما"؛ لذا يحاول الكتاب الآن إيجاد مسار جديد لـ السينما الرومانسية من خلال ابتكار أفكار جديدة بعيدة عن قصص الحب التقليدية التي أصبح الجَمهور في عزوف عنها، ويبقى السؤال هنا: "هل تنجح السينما الرومانسية في مواجهة تلك التحديات أم ستسقط أمام الأفلام الشعبية؟ ".