عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

أذربيجان وأهم تحديات قمة المناخ!

يتطلع ناشطو المناخ في العالم الآن إلى قمة المناخ "كوب 29"، حيث تتجه الأنظار ابتداء من الغد الاثنين إلى أذربيجان الدولة النفطية الصغيرة، التي لا يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين نسمة، لاستضافة مؤتمر أطراف المناخ في دورته الجديدة التي تستمر أسبوعين، ما يضعها أمام تحدٍ هائل لاختبار خبرتها في مجال دبلوماسية المناخ متعددة الأطراف. ولم يكن فوز أذربيجان باستضافة مؤتمر الأطراف على أرضها بالأمر الهيّن، حيث شهدت تلك المفاوضات نزالا حامي الوطيس في قمة دبي للمناخ العام الماضي، خاصة بعد استخدام روسيا حق النقض ضد أعضاء الاتحاد الأوروبي الذين كانوا يمهدون لانعقاد المؤتمر في أوروبا الشرقية. وكانت هناك معضلة أخرى تتمثل في تنافس كل من أذربيجان وجارتها أرمينيا على استضافة المؤتمر، مع ما بينهما من تاريخ في الصراع للسيطرة على إقليم ناغورنو كاراباخ في أواخر الثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي. وكادت تلك الخلافات أن تستبعدهما معا لولا الانفراجة التي شهدتها الأيام الأخيرة من مؤتمر دبي عندما وافقت أرمينيا على دعم طلب أذربيجان في إطار الجهود الرامية لإبرام اتفاق سلام مستدام.

وبفحص الجانب اللوجستي أولا الذي يشكل تحديا للمنظمين، تشير بيانات شركة "ستاتيستا" (Statista) لأبحاث السوق والمستهلكين إلى أن أذربيجان لديها 50,700 سرير فقط، وبالتالي كان أمامها تحد الآن لتوفير الإقامات المطلوبة في العاصمة باكو لاستيعاب الوفود المشاركة المكونة من نحو 80 ألف شخص. ويرجح وكلاء السفر والسياحة أن الفرق ما بين الطاقة الاستيعابية للفنادق والطلب الفعلي على الحجز من طرف المشاركين يغطيه المواطنون الذي عرضوا بالفعل منازلهم للإيجار خلال فترة انعقاد المؤتمر؛ ويبدوا هذا الحل هو الوحيد المتاح الذي لجأت إليه مجموعات عديدة من الوفود بعد أن قاربت حجوزات الفنادق على النفاد مع ارتفاع مبالغ فيه لأسعار الإقامات. وقد فوجئ عدد من الصحفيين وناشطي البيئة بإلغاء حجوزاتهم المبكرة في بعض الفنادق القريبة من استاد باكو مقر انعقاد المؤتمر؛ أرسلت الفنادق خطابات عبر البريد الأليكتروني للاعتذار عن الإلغاءات التي جاءت نتيجة حجوزات لوفود دبلوماسية للفنادق مما أدى إلى تضرر بعض الحجوزات الفردية.  

ومن التحديات الأخرى العوائق اللغوية التي قد تواجه المشاركين في دولة لا تتحدث سوى الأذرية والروسية ولكن ترحاب الأذريين يخفف من تلك العوائق ويسهل التواصل. كما أن موسم الانتقادات من ناشطي البيئة قد عاد مجددا وانصب على اختيار دولة منتجة للوقود الأحفوري ترتيبها بين العشرين الأوائل لاحتضان مؤتمر عالمي للبيئة وهي نفس المخاوف التي تكررت بعد اختيار الإمارات لتنظيم كوب 28. غير أن خبراء في مجال الطاقة النظيفة قللوا من جدية تلك المخاوف معتبرين في المقابل أن مستقبل أذربيجان كمصدر للطاقة النظيفة واعد للغاية، حيث بدأت بالفعل في تنفيذ مشروعات في مجال تطوير طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بما في ذلك المشروع المشترك مع جورجيا والمجر ورومانيا والذي يرمي لتوليد الطاقة المتجددة في أذربيجان وتصديرها إلى أوروبا. لكنها ستحتاج إلى المزيد من الاستثمارات العامة والخاصة لتحقيق هذا الهدف. 

ويعتقد خبراء الطاقة أن انعقاد مؤتمر المناخ في أذربيجان فرصة جيدة لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية لهذا المجال. أما بالنسبة لصندوق الاستجابة للخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي فتمثل تحديا آخر للدولة المنظمة حيث تسعى لتحفيز الدول الكبرى على الوفاء بالتزاماتها تجاه الصندوق الذي جمع منذ تأسيسه في مؤتمر شرم الشيخ وتفعيله في مؤتمر دبي حوالي مليار دولار. ورغم ما تحقق في مؤتمري المناخ الأخيرين في شرم الشيخ ودبي من إنجازات إلا أن الدول النامية المتضررة من التغير المناخي وناشطو المناخ يعتقدون أن المحادثات لم تحقق إلا القليل من الأهداف، حيث لا تزال انبعاثات الغازات الدفيئة في ارتفاع، كما أن الخسائر الناجمة عن الأحوال الجوية القاسية مستمرة والأعاصير تزداد وتيرتها في المحيط الأطلسي، وكذلك الفيضانات العارمة -آخرها الأسبوع الماضي في إسبانيا-ناهيك عن الجفاف في إفريقيا الذي يهدد الملايين بالمجاعة. وهو ما يستلزم مضاعفة حجم التمويلات في الصندوق والتعجيل بضخها في الدول النامية ووضع جدول زمني لجميع المراحل من أجل الحد من نزيف الخسائر.

فهل تنجح أذربيجان في تحقيق أهداف كوب 29 ؟ الأيام المقبلة ستوضح إلى أين تتجه المفاوضات والمناقشات ومدى استمرار الدعم الدولي من عدمه خاصة في ضوء وجود متغير مهم هذا العام وهو فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية والمعروف عنه التعنت في القضايا المناخية وتهديده بانسحاب بلاده من اتفاق باريس المناخي!

تابع موقع تحيا مصر علي