البطريق... كيف تحول الضحية إلى جلاد في ظلام مدينة غوثام؟

هل سبق وقرأت عن مدينة "غوثام" الخيالية التي يعتليها الشر ويكافح فيها "باتمان" لبقاء المدينة آمنة؟ ، أجل عزيزي القارئ إنها تلك المدينة الخيالية التي صنعتها شركة الإنتاج الأمريكية "DC"، فقرأنا عنها في طفولتنا بمجلات الكوميك وشاهدنا أبطالها في عالم الرسوم المتحركة ثم تطورت صناعاتها لـ أفلام السينما، تلك المدينة التي تصبح عنوانًا لـ الشر والفساد والتنافس بين العصابات على امبراطورية الإجرام، ولعل أحد أبرز أسماء الإجرام فيها هو "البِطْرِيق" الذي تٌقدم شخصيته حاليًا في مسلسل بعنوان "ذا بنغوين"، فيسعى للسيطرة على تجارة المخدرات والتربع على عرش الإجرام في مدينة الظلام "غوثام"؛ لذا فليخلص موقع تحيا مصر لك عزيزي القارئ  رحلة للتعرف على "البطريق" وتحوله من الضحية لـ الجلاد.

انهيار غوثام وانتشار الفوضى في البطريق 

فلنبدأ عزيزي القارئ رحلتنا بالنسخة الأخيرة التي قدمها المٌخرج "مات ريفز" لـ فيلم "باتمان" من بطولة روبرت باتينسون في عام 2022، فاختار "ريفز" استعراض بداية انهيار مدينة "غوثام" وسيطرة الشر عليها، واكتفى بـ الإشارة لـ "البِطْرِيق" في عدة مشاهد؛ ليمهد لـ مسلسل خاص بسردية تلك الشخصية على منصة HBO برؤية خاصة منه عن انهيار "غوثام"، وبالفعل يتم إطلاق مسلسل "البِطْرِيق" أو "ذا بنوغين" هذا العام؛ ليمنح قبلة الحياة لعالم DC ويفتح آفاق المتابعين لـ شخصيات إجرامية جديدة تواجه باتمان. 

اختار "مات ريفز" شخصية "أوزالد" المعروف بـ "البِطْرِيق" بالتحديد لهذا المسلسل لاعتبارها أحد أهم الشخصيات الإجرامية في عالم DC، فـ "أوزوالد" صاحب شخصية البِطْرِيق، كان يتمتع بـ حياة مستقرة مع عائلته وأخوته حتى ابتلعهم ظلام وفساد المدينة، فخسر أخوته وأصبح معاقًا جسديًا يُعاني من السخرية وتنمر المجتمع عليه، حتى في محاولته دخول عالم الإجرام يصبح محط سخرية لـ العصابات، وأطلقوا عليه اسم "البِطْرِيق" لطريقة مشيته بسبب إعاقة قدمه، ليتحول الضحية إلى جلاد ويكشر عن أنيابه، فيستغل انيهار مدينة "غوثام" من أجل السيطرة على عرش الإجراء واعتلاء ساحة الإتجار بـ المخدرات في المدينة. 

الصراع بين البطريق وصوفيا فالكون

ومن ناحية السرد الخاص بـ مسلسل البطريق، فاستطاع المسلسل تقديم شخصية "البِطْرِيق" في خطين متوازيين، وهما شخصية الضحية في الماضي وشخصية الجلاد في الحاضر، وذلك من خلال عدة مشاهد تجعلك تظهر جانب من التعاطف مع "أوز" صاحب تلك الشخصية الإجرامية، ففي الحلقة الثالثة وأثناء مشهد مواجهته مع غريمته "صوفيا فالكون"، ينهار "أوز" وتتساقط الدموع من عينيه شفقة على حاله وعلى ما تعرض له من تنمر وتهميش؛ ليدفعه ذلك لمحاولة استغلال الفرص الغير شرعية ليصبح رجلاً لديه احترامه ونفوذه، حتى لو كلفه ذلك خيانة ثقة "صوفيا".

أما المشهد التاني فهو التناقض الواضح في شخصية "أوز" أو "البِطْرِيق"، وحرق زوجة وابن عائلة "ماروني" أحياء أمام عينيه، ومن ثم انهياره في أحضان والدته وطلبه منها السماح، وعودته لمكان نشأته الأول "كروان بوينت"، وذهابه لـ مقر نقل عصابات "غوثام" المهجور تحت الأرض، الذي كان يلهو فيه مع أخوته؛ ليقرر اتخاذه مقرًا جديدًا لامبراطوريته الإجرامية ويسميه بـ "العودة للديار"، وكأن "البِطْرِيق" ما زال متمسكًا بشخصية "أوز" القديمة المتعلقة بـ العائلة، لتصبح في حَيْرَة بين تعاطفك مع "أوز" ضحية التنمر والتهميش في المجتمع وبين "البِطْرِيق" الذي أصبح جلادًا لا يرحم. 

الصور الأولى لـ أحمد سلطان من العرض الخاص لـ فيلم المخفي.. صور

تحول كولين فاريل إلى البطريق

وعلى الجانب الفني، فقد استطاع "مات ريفز" خلق مدينة "غوثام" كما كان يتخليها المشاهد بـ الظلام والفساد المخيم بها، وانتشار العصابات وتجارة المخدرات بين أزقة الضواحي لتصبح مكانًا للظلام والشر، وفيما يتعلق بـ الأداء والتمثيل فاختيار الممثل الأيرلندي "كولين فاريل" كان مفاجأة لـ جَمهور DC، فلم يتخيل أن "كولين" بوسامته سيسطيع تجسيد "أوز" أو "البِطْرِيق" بتلك الدِّقَّة، فاستطاع صنع نبرة صوت خاصة بـ "البِطْرِيق"، بالإضافة لـ تقليد مشيته الناتجة عن الإعاقة الجسدية، ونظرة الدهاء التي تعتلي ابتسامته دائمًا، ناهيك عن استخدام المكياج بطريقة مناسبة من أجل تحويل شكله وجسده ليكون مطابقًا بـ "البِطْرِيق"، كما كان في عالم الكوميك تمامًا.

ولعل تلك الجوانب هى ما جعلت مسلسل البطريق يحقق هذا النجاح الكبير، ويصبح أهم مسلسل قصير يتم عرضه خلال عام 2024، بالإضافة لتوقع الجَمهور كله سيطرته على جوائز "الإيمي" لهذا العام بعد الأداء المحترف الذي حققه "كولين"، بالإضافة لاستعداد "مات ريفز" لـ التمهيد بـ إلحاق شخصية "البِطْرِيق" في فيلم "باتمان" خلال طرح الأجزاء الجديد؛ ليصبح العدو الجديد لـ "باتمان" الذي يحاول حماية مدينة "غوثام" من شره، فهل سيستمر "البطريق" في تحقيق النجاح ذاته في فيلم "باتمان"؟ .