البريكس فرصة لكسر الهيمنة الغربية وبداية لنظام عالمي جديد.. فهل يتحقق حلم سيد الكرملين؟
ADVERTISEMENT
تستضيف مدينة قازان الروسية، قمة البريكس بحضور 20 قادة من دول العالم، والذي يعد أول حدث عالمي هام يعقد على الأراضي الروسية منذ اندلاع الحرب مع أوكرانيا في فبراير 2022، وصفته الصحافة الغربية أنها محاولة من موسكو لتشكيل تحالفات جديدة في مواجهة الهيمنة الغربية، وسعي الرئيس فلاديمير بوتين التأكيد على فشل التكتل الغربي في عزل روسيا دولياً.
البريكس فرصة لكسر الهيمنة الغربية
تجمع البريكس حظي باهتمام كبير في وسائل الإعلام الغربية والذي يأتي في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية للعام الثاني وفشل الجهود الدولية حتي الآن في إقناع أطراف النزاع الجلوس على طاولة المفاوضات وإنهاء هذا الصراع ، فوكالة أسوشيتد برس ذكرت في تقرير لها أن بالنسبة بوتن، فإن الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام فرصة قوية لبوتين لإظهار فشل الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزل روسيا بسبب حربها على أوكرانيا.
ووصف مستشار الكرملين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف القمة بأنها "أكبر حدث للسياسة الخارجية يعقده روسيا على الإطلاق"، حيث حضرها 36 دولة وأكثر من 20 منها ممثلين برؤساء دول.
وتوسع التحالف الذي كان يضم في البداية البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا بسرعة ليشمل إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما تقدمت تركيا وأذربيجان وماليزيا بطلبات رسمية للانضمام إلى التحالف، كما أعربت بعض الدول الأخرى عن اهتمامها بالانضمام.
ويرى المراقبون أن قمة البريكس تشكل جزءا من جهود الكرملين لإظهار الدعم من دول الجنوب العالمي وسط التوترات المتصاعدة مع الغرب والمساعدة في توسيع العلاقات الاقتصادية والمالية.
نظام مالي جديد لمواجهة روسيا العقوبات الغربية
وتشمل المشاريع المقترحة إنشاء نظام دفع جديد من شأنه أن يوفر بديلا لشبكة الرسائل المصرفية العالمية سويفت، ويسمح لموسكو بتجنب العقوبات الغربية والتجارة مع الشركاء.
والتقى بوتن، الذي سيعقد نحو 20 اجتماعا ثنائيا على هامش القمة، مع مودي ناريندرا رئيس الوزراء الهندي والرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، حيث ازدهر التعاون بين روسيا والهند ، حيث تعتبر نيودلهي موسكو شريكًا تم اختباره منذ زمن الحرب الباردة على الرغم من العلاقات الوثيقة بين روسيا وخصم الهند الرئيسي، الصين.
ويريد حلفاء الغرب أن تكون الهند أكثر نشاطا في إقناع موسكو بإنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن رئيس الوزراء الهندي تجنب إدانة روسيا بينما أكد على التسوية السلمية.
وقال ناريندرا مودي الذي زار روسيا آخر مرة في يوليو: "نعتقد أن المشاكل يجب أن تحل سلميا، ونحن ندعم بشكل كامل ترسيخ السلام والاستقرار في أسرع وقت ممكن".
نظام عالمي عادل
وأشارت الوكالة إلى أنه خلال اجتماع مع رامافوزا، أكد الرئيس الروسي على سعيهما المشترك من أجل "نظام عالمي عادل ومتعدد الأقطاب" وذكر على وجه التحديد الجهود التي تبذلها دول مجموعة البريكس لإنشاء "نظام دفع مستقل جديد".
ومن المقرر أن يلتقي بوتن يوم الخميس أيضا بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي سيقوم بأول زيارة له إلى روسيا منذ أكثر من عامين. وكان جوتيريش قد انتقد مرارا وتكرارا تصرفات روسيا في أوكرانيا.
وفي ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC في تقرير لها تشكل دول مجموعة البريكس 45% من سكان العالم. وإذا جمعنا هذه الأرقام فإن اقتصادات الدول الأعضاء تساوي أكثر من 28.5 تريليون دولار أميركي. وهذا يعادل نحو 28% من الاقتصاد العالمي.
وقد أشار المسئولون الروس إلى أن ثلاثين دولة أخرى ترغب في الانضمام إلى مجموعة البريكس أو تسعى إلى إقامة علاقات أوثق مع النادي. وسوف تشارك بعض هذه الدول في القمة. ومن المتوقع أن تشهد مدينة قازان هذا الأسبوع الكثير من الحديث حول تمثيل مجموعة البريكس لـ"الأغلبية العالمية".
وفي إطار حرصه على تخفيف الضغوط الناجمة عن العقوبات الغربية، يأمل زعيم الكرملين في إقناع أعضاء مجموعة البريكس بتبني بديل للدولار في المدفوعات العالمية.
وأشار التقرير الذي نشرته BBC إن وزارة الخزانة الأميركية تتمتع بقوة ونفوذ هائلين على التجارة العالمية، وذلك ببساطة لأن الدولار الأميركي هو العملة الرئيسية لتسوية هذه التجارة. والمصلحة الرئيسية لروسيا تتلخص في كسر هيمنة الدولار الأميركي. وهي تريد من دول مجموعة البريكس أن تنشئ آلية تجارية بديلة ونظام تسوية عبر الحدود لا يشمل الدولار أو اليورو أو أي من عملات مجموعة السبع، حتى لا تشكل العقوبات أهمية كبيرة.
خلافات داخل تكتل البريكس
ولكن المنتقدين يشيرون إلى وجود اختلافات داخل مجموعة البريكس. وقال جيم أونيل، كبير خبراء الاقتصاد السابق في جولدمان ساكس، إلى أنه "من بعض النواحي، من حسن حظ الغرب أن الصين والهند لا يمكنهما أبداً الاتفاق على أي شيء. فلو كانت الدولتان جادتان حقاً، لكان للبريكس نفوذ هائل".
وأضاف "إن الصين والهند تبذلان قصارى جهدهما لتجنب الرغبة في مهاجمة بعضهما البعض في أغلب الأحيان. ومحاولة دفعهما إلى التعاون الحقيقي في الأمور الاقتصادية يشكل تحدياً لا ينتهي أبداً".
وأشار التقرير الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن الخلافات لا تقتصر بين الهند والصين على هذا. فهناك توتر بين اثنتين من أحدث الدول الأعضاء في مجموعة البريكس، مصر وإثيوبيا. وعلى الرغم من الحديث عن انفراج العلاقات، فإن إيران والمملكة العربية السعودية كانتا منذ فترة طويلة خصمين إقليميين.
وبينما تتحدث روسيا، التي تغذيها المشاعر المعادية للغرب، عن إنشاء "نظام عالمي جديد"، فإن أعضاء آخرين في مجموعة البريكس، مثل الهند، حريصون على الاحتفاظ بعلاقات سياسية واقتصادية جيدة مع الغرب.
وفي قازان، سوف تتمثل مهمة فلاديمير بوتن في تجاوز الخلافات ورسم صورة للوحدة، مع إظهار للشعب الروسي ــ والمجتمع الدولي ــ أن بلاده بعيدة كل البعد عن العزلة.
تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين
أما شبكة CNBC فأشارت في تقرير له إلى أن القمة السادسة عشرة لمجموعة البريكس تعقد تحت شعار ”تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”، حيث صرح الكرملين أن زعماء مجموعة البريكس سيتبادلون وجهات النظر حول ”القضايا الملحة على الأجندة العالمية والإقليمية”، فضلاً عن ”الركائز الثلاث الرئيسية للتعاون التي حددتها الرئاسة الروسية: السياسة والأمن، والاقتصاد والمالية، والعلاقات الثقافية والإنسانية”
وأضاف الكرملين أن التوسع المحتمل لمجموعة البريكس من خلال إنشاء فئة جديدة من ”الدول الشريكة” سيتم مناقشته أيضا.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم الإقرار بالمشكلة الكبرى التي تواجهها روسيا في القمة، وهي الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن:" الصراع في أوكرانيا لم يكن على جدول الأعمال".
ومن المتوقع أن يوقع بوتن ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" خلال القمة، وهو ما قد يشير إلى التزامهما بتعميق التعاون العسكري والدفاعي، بعد عدة سنوات من تبادل الدعم العسكري والفني وسط الحرب في أوكرانيا.
ومن المقرر أيضًا عقد اجتماعات مع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا والرئيس عبد الفتاح السيسي هذا الأسبوع، فيما ألغى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رحلته إلى روسيا بعد إصابته في رأسه في حادث في منزله في نهاية الأسبوع الماضي.