حارس الجبانة "بوكا".. هل يعيد رحلة تعود عليها في مصر القديمة؟ خبير آثار يجيب
ADVERTISEMENT
في ضوء ما أثاره الكلب بوكا الذى تسلق الهرم ونزل منه في رشاقة وخفة أدهشت العالم بأسره وأصبحت حديث الإعلام المحلى والدولى مما شكَل دعاية مجانية في بداية الموسم السياحى في مصر.
بعد تسلقه الأهرامات .. كلب بوكا يعيد التاريخ إلى المصريين القدماء
أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أنه حين تمتزج الحقيقة بالخيال تنتج لنا نوعًا من الأساطير والحكايات المثيرة التي تجتذب عشّاق الحضارة المصرية المليئة بالأدبيات والقصص التي تعبر عن ثلاثية الحلم والأسطورة والواقع في نفس اللحظة ومنها لوحة الحلم أو لوحة أبي الهول القائمة بين ذراعي أبي الهول وهي لوحة تذكارية أمر بوضعها الملك تحتمس الرابع بين اليدين الممتدتين لتمثال أبو الهول في الجيزة تخليدًا لحلم حلم به هذا الملك قبل أن يعتلي عرش مصر في عام 1401 قبل الميلاد، حيث كان الملك تحتمس الرابع أميرًا شابًا في عصر الدولة الحديثة وكان يقوم ذات يوم بالصيد على هضبة الجيزة وعندما أصابه التعب لجأ إلى أبي الهول الذي كانت قد غطته رمال الصحراء ولا يظهر منه سوى رأسه، وخلد الأمير إلى النوم فراوده حلم بأن ظهر له أبو الهول في المنام وبشره بأنه سوف يتبوأ عرش مصر، وطلب منه أن يزيل فيما بعد ما تراكم عليه من رمال.
وبعد عدة سنوات حدث بالفعل أن اعتلى الأمير تحتمس الرابع عرش مصر وأمر خلال السنة الأولى من حكمه بتسجيل هذا الحلم على لوحة كبيرة توضع بين يدي أبي الهول الممتدتين بعد إزالة الرمال عن أبي الهول.
وأضاف «ريحان»، بأن قصة الكلب بوكا حدثت في نفس الموقع مما يخلق لنا أسطورة إعادة هذا الكلب لرحلة تعود عليها في مصر القديمة وهناك نوع من الكلاب يطلق عليه الكلب الفرعوني أحد أقدم سلالات الكلاب وموطنه مصر القديمة حيث كان يستخدم لصيد الظباء والطرائد الأخرى.
وعرفت الكلاب في اللغة المصرية القديمة باسم "إوو"، ويرجع اسمها إلى نفس الصوت الذي يصدره الكلب، ومنذ بداية العصر النيوليتي عرفت الكلاب للصيد بحيث ترافق صاحبها في مطاردة الحيوانات، وكانت تعد ضمن سكان البیت المصري القديم، حيث تنام على مقربة من سيده أو في سريره وترافقه في أشغاله الیومیة وبعد ذلك تمت الاستعانة بها لحراسة القطعان وكانت مصاحبةا له فى المعارك الحربية وتعد لوحة الملك "انتف"من ملوك الأسرة الحادية عشر 2120 - 2070 ق.م وكلابه الأربعة خير دليل على مكانة الكلاب في مصر القديمة.
وتتميز الكلاب الفرعونية بطول ما بين 53 و 70سم عند ارتفاع الكتف وتزن ما بين 15 و 23 كجم. فَرْوُها لامع، أسمر ضارب للصفرة أو أحمر قان، أطراف أصابعها بيضاء، واشتهرت باستخدام حاستي البصر والشم في الصيد وتتحرك في سرعة ورشاقة تتوافق مع لياقة الكلب بوكا.
وكانت الكلاب محبوبة في مصر القديمة ولها بعد دينى لارتباطها بالمعبود أنوبيس إله الموت والتحنيط والحياة الآخرة، وعادةً ما يتم تصويره على شكل كلب أو رجل برأس ناب، وأنوبيس معبود مصرى قديم على شكل ابن اوى اعتبر رمز للإقليم 17 من اقاليم الصعيد ثم أصبح حارس للجبانة و مشرف على تحنيط الموتى مركز عبادته كان قرية القيس بين البهنسا و بنى مزار.
وكان يعتقد في مصر القديمة أن الكلاب تعمل رفيقة ومرشدة للبشر في الحياة الآخرة وهناك 4 أنواع مميزة في مصر القديمة، الكلاب السلوقي وتتمیز بالرشاقة الواضحة ممشوقة القوام منتصبة الأذنین وملتوية الذيل وغالبا كان يقتنيها الأمراء وأثرياء القوم وھي قادرة على العدو الفائق السرعة بنفس سرعة بوكا، وربما يتخذها أصحابھا رفقاء مخلصین، وعلى ما يبدو أن أصلھا من بلاد "بونت"، ويسمیھا المصريون بالكلاب "السلوقي" ويوجد من سلالاتها الآن الكثير في أنحاء مصر .
نب وأنتف وبحتي .. أسماء الكلام الفرعونية
وكان يطلق على الكلاب بعض الأسماء منذ عصر الدولة القديمة مثل "نب" أي "السید"، بالإضافة إلى أسماء أخرى تدل على صفات الكلب، منها "الرفیق المخلص"، و"المھاجم الجسور"، وفي فترات أخرى انتشرت بعض الأسماء الأجنبیة التي تطلق على الكلاب، حيث كانت أسماء كلاب الملك "أنتف" الأربعة وهي "بحتى" أي "غزال"، و"بحتيس" بمعنى "أسود"، و"أبیكور" الذي قد يعني "خنزير وحشي"، و"تكرو" أسماء أجنبية.
الكلاب السياحية
ويطالب الدكتور ريحان باستثمار هذا الحدث لصالح الترويج السياحى بالاهتمام والرعاية لمجموعة كلاب يطلق عليها "الكلاب السياحية" على شاكلة الكلاب البوليسية تنشأ لها وحدة بيطرية في منطقة الأهرامات كنموذج أولى تختص بالرعاية الصحية لها وتوفير الطعام لها وتطعيمها حتى لا تشكّل خطورة على الزوار، خاصة مع انتشارها بكثرة في منطقة الأهرامات وربط ذلك بالدعاية السياحية وهناك دول عاشقة للكلاب بشكّل كبير مثل إسبانيا الذى زارها الدكتور ريحان وشاهد الكلاب ترافق أصحابها في الشوارع والميادين والفنادق ويمكن اجتذاب أعداد كبيرة من السياح الإسبان لزيارة مصر وهى من الدول السياحية الرائدة.
كما نربط بين ذلك وبين اهتمام المصرى القديم برعاية الحيوان والاهتمام به حيًا وميتًا بتحنيطه وتضم المتاحف المصرية نماذج كثيرة من مومياوات الحيوانات خاصة في متحف التحنيط بالأقصر الذى يتضمن مومياوات لقطط وأسماك وتماسيح.
بل ويمكن خلق نوع خاص من السياحة مرتبط بالحيوانات يربط بين الماضى والحاضر من مشاهدة الحيوانات المحنطة في مصر القديمة والحيوانات في بيئتها الطبيعية في العديد من المحميات الطبيعية المتفرّدة داخل مصر وتجمع هذه السياحة بين السياحة التاريخية والبيئية في نفس الوقت.