في اليوم العالمي للمسنين.. دار الإفتاء: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي
ADVERTISEMENT
أكَّدت دار الإفتاء المصرية، أنَّ الإسلام منحَ كبار السن مكانةً عظيمة، وحثَّ على رعايتهم والإحسان إليهم في جميع مراحل حياتهم.
القرآن الكريم شدَّد على برِّ الوالدين
وأوضحت دار الإفتاء في بيانٍ لها بمناسبة اليوم العالمي للمُسنِّين، الذي يوافق الأول من أكتوبر كل عام، أنَّ القرآن الكريم شدَّد على برِّ الوالدين ورعاية كبار السن، حيث جاء في قوله تعالى: «وَقَضىٰ رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا۟ إِلّا إِيّاهُ وَبِٱلوَٰلِدَينِ إِحسَٰنًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ ٱلكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَو كِلَٰهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنهَرهُمَا وَقُل لَهُمَا قَولًا كَرِيمًا» [الإسراء: 23].
ضرورة الإحسان إلى الوالدين
وأشارت الدار إلى أنَّ هذه الآية تؤكِّد ضرورة الإحسان إلى الوالدين، خاصة عند بلوغهما الكِبَر، والامتناع عن أي شكل من أشكال الإساءة لهما، ولو بالكلمة.
كما استشهدت الدارُ بالحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم" (رواه أبو داود)، مؤكدةً أن هذا الحديث يبرز مدى احترام الإسلام لكبار السن، واعتباره الإحسان إليهم وإكرامهم من الأعمال التي تجلُّ الله عزَّ وجلَّ.
المساهمة في توفير الرعاية اللازمة لهم
وأضاف البيان أن الإسلام لا يقتصر في رعايته لكبار السن على النطاق الأسري فقط، بل يدعو المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة لهم. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا" (رواه الترمذي). وهذا يدل على أن احترام كبار السن وتوقيرهم من القيم الأساسية التي حثَّ عليها الإسلام.
ودعت دار الإفتاء إلى تعزيز قيم الاحترام والتقدير للمسنين في المجتمع، مستشهدةً بقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]. كما شددت الدار على أن رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي يجب على الجميع الالتزام به، مؤكدةً ضرورة تكاتف الجهود من أجل توفير بيئة ملائمة تضمن لهم حياة كريمة ورعاية كاملة.
ما حكم من يستهين بأمه ولا يستجيب لها وفضل بر الوالدين؟
أوجب اللهُ تعالى ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بر الوالدين والإحسان إليهما في مواضع كثيرة؛ منها قوله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا» [الإسراء: 23-24].
حكم بر الوالدين في الإسلام
الله تبارك وتعالى قَرَنَ برَّ الوالدين بعبادته، وقرن عقوقهما بالشرك به سبحانه وتعالى؛ فقال عز وجل: «وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» [النساء: 36]، وقَرَن شكرَهما بشكره في قوله سبحانه وتعالى: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ» [لقمان: 14].
فضل بر الوالدين
وأكَّد على البرّ بهما وحسن عشرتهما حتى في حال أمرهما لولدهما بالشرك؛ فقال تعالى: «وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا» [لقمان: 15].
ولَمَّا امتدح اللهُ تعالى سيدَنا يحيى عليه السلام قال: «وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا» [مريم: 14].
وبر الوالدين فرضُ عينٍ؛ فهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة ابنُ مازه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (5/ 386، ط. دار الكتب العلمية): [وطاعةُ الوالدين وبِرهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض].
حكم عقوق الوالدين
أكد الشيخ أبو اليزيد سلامة، من علماء الأزهر الشريف، على دقة تعبير القرآن الكريم في مسألة حقوق الوالدين، مشيراً إلى أن القرآن يولي اهتماماً خاصاً للأم، لكنها لا تُغفل حقوق الأب أيضاً.
وأوضح العالم الأزهري، أن تعبير "وبالوالدين إحسانا" في القرآن الكريم يعكس تغليب جانب الأم، نظراً لأن الأم هي التي تحمل وتلد وتربي، ما يجعل البر بها أمراً ضرورياً ومقدماً.
وأفاد: "القرآن الكريم يبرز هذا الجانب ليشدد على أهمية إحسان البر بالأم، لكن ذلك لا يعني تجاهل حقوق الأب. فحقوق الأب تُقدّر من خلال إنفاقه على الأسرة وتربية الأولاد."
وأضاف أن القرآن الكريم ينظم أيضاً توزيع الحقوق المالية بين الذكور والإناث في الآية الكريمة التي تقول: "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ"، ما يشير إلى أن توزيع الإرث يراعي المسؤوليات المالية الملقاة على عاتق الذكور، وفي ذات الوقت، يتعين على الأبناء أن يكونوا شديدي الالتزام ببر الوالدين، خاصة الأم.
وأشار إلى قصة العابد جريج، الذي كان منشغلاً بالعبادة وتجاهل نداء أمه ثلاث مرات، ما جعلها تدعو عليه، استجابةً لدعائها، عاقبه الله رغم صلاحه، مما يدل على أهمية الاستجابة لنداء الوالدين وعدم التراخي في برهما، خصوصاً الأم التي تُحمل مسؤوليات جسام في رعاية الأسرة.
وأكمل: "من المهم أن نُسارع إلى تلبية نداء الأم، وألا نستهين بحقوقها أو نقلل من احترامها. كما أن ذلك يعكس القيم الإسلامية الأصيلة التي تأمر بالبر والإحسان.، مضيفا:"التوازن بين حقوق الوالدين وتقديرهما من خلال أفعالنا وتصرفاتنا هو ما يضمن لنا رضى الله، ويسهم في بناء أسر سعيدة ومجتمع متماسك."
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن المسلم مكلف ببر الوالدين مهما كانت الظروف، حتى وإن كان الوالدان قاسيين في تربيته، لافتا إلى أن بر الوالدين هو واجب شرعي ثابت، وأن الإسلام يدعو إلى الإحسان إلى الوالدين وعدم مقابلة الإساءة بالإساءة.
يجب على الأبناء أن يحسنوا إلى الوالدين
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريح له، في إجابته عن سؤال: هل يجوز لي عدم بر والدي لأنه يقسو علي؟ أن المسلم يجب أن يتذكر دائماً أن أي قسوة من الوالدين كانت من أجل مصلحته وتوجيهه نحو الأفضل، حتى وإن كان الوالدان قاسيين، يجب على الأبناء أن يحسنوا إليهما، لأن هذا هو ما أمرنا به ديننا الحنيف، ومن غير المقبول أن نرد الإساءة بالإساءة، لأن هذا يتعارض مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى الصبر والإحسان.
البر بالوالدين ليس مرتبطاً بحسن معاملتهما
وأضاف: "البر بالوالدين ليس مرتبطاً بحسن معاملتهما، بل هو واجب على المسلم تجاه والديه، سواء كانا مؤمنين أم كافرين، يجب أن نتذكر دائماً أن البر هو عبادة وطاعة لله تعالى، وليست مجرد علاقة تعتمد على معاملة الوالدين".
ودعا إلى ضرورة تصحيح المفاهيم والتعامل مع الوالدين بحسن النية، وتجنب الاستسلام للشيطان الذي قد يحاول زرع الكراهية في قلوب الأبناء، وعلينا أن نكون دائماً مدركين لأهمية بر الوالدين، وألا ندع الماضي يؤثر على تعاملنا معهما.
الإحسان إلى الوالدين
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الإحسان إلى الوالدين أفضل عمل عند الله تعالى بعد أداء الصلاة على وقتها، ومن فضل بر الوالدين أنه من الأعمال الصالحة التي تدخل الإنسان الجنة
واستدل الأزهر بما روي عن عَبْد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنَّه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي. [متفق عليه].