فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة وآخر موعد لتلاوتها
ADVERTISEMENT
ما فضل قراءة سورة الكهف ؟ يبدأ وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة يكون من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، وثبت في فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلتها أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: «من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق»، «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين».
وقت قراءة سورة الكهف
وتقرأ سورة الكهف في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس، وعليه: فيكون وقت قراءتها من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة.
سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، وذلك لعدة أسباب:-
أولاً: أن قراءة سورة الكهف سبب في العصمة من المسيح الدجال: وهي فتنة عظيمة حذر منها جميع الأنبياء -عليهم السلام-، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ»، وقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».
ثانياً: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة تنزل عليه السكينة والرحمة وحضور الملائكة،، وروى الإمام مسلم في صحيحه: «قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ».
ثالثاً: من أسباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة عصمة وضياء لقائلها طوال الأسبوع، فعن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ»، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».
رابعاً: استحقاق شفاعة القرآن لصاحبه يوم القيامة: لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه»، صحيح مسلم.
خامساً: قارئ القرآن له بكل حرف عشر حسنات، لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ»، حديثُ حسن.
- يستحق قارئ القرآن علو الدرجات في الجنة: قال - صلى الله عليه وسلم-: «يقالُ لصاحبِ القرآنِ: اقرأْ وارتقِ، ورتِّلْ كما كنتَ ترتِّلُ في الدنيا، فإنَّ منزلَكَ عند آخرِ آيةٍ تقرؤُها»، إسناده حسن.
آداب قراءة سورة الكهف
- قراءة سورة الكهف من المصحف أفضل من قراءتها غيبًا، لأن النظر في المصحف عبادة يؤجر عليها القارئ.
- إخلاص النية لله -عزّ وجل- عند قراءة القرآن الكريم.
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قبل الشروع بالقراءة
- البسملة بقول:«بسم الله الرحمن الرحيم»
- التسوك.. كما ورد في السنة النبوية، بحيث يبدأ من الجانب الأيمن من فمه.
- الطهارة.. فإذا قرأ القرآن محدثًا جاز له ذلك، وإن كان القارئ بفعله هذا قد ارتكب المكروه، وترك الأفضل.
- قراءة القرآن الكريم في مكان نظيف.
- استقبال القبلة عند قراءة القرآن الكريم، والجلوس بخشوع ووقار
- ترديد الآيات للتدبر، فإذا مرّ بآية من آيات العذاب، استعاذ بالله من شر العذاب
- تعظيم القرآن الكريم بتجنب الحديث أثناء تلاوته، وتجنب النظر إلى ما يشتت الذهن.
حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
يستحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؛ لما ورد في فضلها من أحاديث، وورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» [رواه: الدارمي]، وعنه أيضًا، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فإنها تقرأ السورة في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس.. فيكون وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، قال المناوي: فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-.
سبب نزول سورة الكهف
جاء في سبب نزول سورة الكهف أن المشركين أرسلوا رجلين من اليهود إلى الأحبار ليسألوهم عن رأيهم في دعوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكان رد الأحبار عليهم بأن يسألوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، عن مجموعة من الفتيان، وعن رجل طاف الأرض ووصل مغربها ومشرقها، فنزل الوحي بالرد عن تلك الأسئلة بنزول سورة الكهف، فجاءت سورة الكهف دليل من الأدلة التي جاءت تصديقًا على نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم، ونزلت سورة الكهف في الوقت الذي عانى فيه أهل مكة من الظلم والقهر، كما بيّنت السورة ما عانى منه أصحاب الكهف، فكانت كالفرج بعد الشدة.
القصص الواردة في سورة الكهف
القصص الواردة في سورة الكهف ومقاصدها تضمنت سورة الكهف مجموعة من القصص التي شكّلت بُنية السورة، وهي: قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة آدم وإبليس، وقصة موسى -عليه السلام- مع الخضر، وقصة ذي القرنين، حيث ترابطت هذه القصص فيما بينها ودلّت كلّ واحدةٍ منها على مجموعةٍ من المقاصد والغايات.
قصة أصحاب الكهف
أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفًا على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: «رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا» وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات.
وتولّى الله تعالى حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: «قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف» فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه، فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: «قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا».
ويتبيّن من قصة أصحاب الكهف الأثر الكبير الذي يعود على الدعوة من باب أمر الشباب بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهم عماد المجتمع، وقد فضّل الله تعالى أمّة محمدٍ وميّزها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ»، كما أنّ الشباب كانوا أكثر الناس استجابةً لدعوة الله تعالى ورسوله، ولذلك فقد نالوا الاهتمام الكبير من النبي -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين من بعده -رضي الله عنهم-، فحين جهّز أبو بكر -رضي الله عنه- جيش المسلمين بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل الصحابي الشاب أسامة قائدًا للجيش رغم وجود عددٍ من كبار الصحابة.
قصة صاحب الجنتين
قصة صاحب الجنتين هي القصة الثانية الواردة في سورة الكهف بعد قصة أصحاب الكهف، وقد بيّنت القصة ما حدث بين رجلين أحدهما مؤمنٌ والآخر كافرٌ، وكان الرجل المؤمن قليل الرزق والمال إلّا أنّه كان راضيًا بقضاء الله وقدره، أمّا الكافر فقد منحه الله مزرعتين، وبسط له في الرزق ومتاع الحياة الدنيا، وما ذلك إلّا ابتلاءً واختبارًا من الله له، فأُعجب الكافر بما آتاه الله، وتكبّر على الآخرين، واعتزّ بنفسه وبما يملك، وظنّ أنّ المزرعتين أبديّتان لن تهلكا أبدًا، فما كان من صاحبه المؤمن إلّا أن ذكّره بالله تعالى، ودعاه إلى شُكر الله والإيمان به، فرفض الكافر دعوة صاحبه المؤمن، يقول المؤمن لصاحبه: «أَكَفَرتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا*لـكِنّا هُوَ اللَّـهُ رَبّي وَلا أُشرِكُ بِرَبّي أَحَدًا»، فعاقب الله -تعالى- الكافر جزاء تكبّره وعناده بإحراق المزرعتين، وندم بعد ذلك على عدم استجابته لدعوة صاحبه المؤمن.
والمحور الأساسي للقصة العقيدة، فقد بيّنت حقيقة الإنسان حين يتملّك من الدنيا الجاه أو المال أو السلطان دون أن يُرجع الفضل إلى الله تعالى، والواجب على المؤمن في مثل تلك المواقف أن يكون ثابتًا على دينه، عالمًا أنّ الذي خلقه الله، وأنّ مصيره إليه، فلا ينخدع بما يظهر أمامه من مُلكٍ زائلٍ، ويقوم بحق النعمة التي بين يديه، فيشكر الله عليها، كما تظهر في قصة صاحب الجنتين سنّة التقابل، ففيها مشهد النمو والازدهار الذي يقابله الدمار والبوار، فتكبُّر صاحب الجنتين أدّى به إلى الندم، وبيّن الله أنّ مصير الحياة الدنيا إلى زوالٍ، فيقول: «وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا»
الفوائد المستفادة من قصة صاحب الجنتين منها:أخذ العظة والعبرة من حال من خدعته الدنيا بما أظهرت له من الملذات، وعدم عصيان الله أو نسيان الآخرة.التكبّر الحاصل عند صاحب الجنتين لا يرجع إلى التحدّث عن نعمة الله؛ وإنّما ذلك من باب الغرور.النعمة التي ينعم الله -تعالى- بها على عباده هي مُلكٌ لله، يؤدي الإنسان حقّها بالشُكر، وإن لم يستخدمها في طاعة الله لا تتحقّق منها أي فائدة، وتكون سببًا في بطلان أعماله.ينعم الله على عباده ليبتليهم وينظر هل يشكرون أم يكفرون. كلّ النعم ما عدا الإسلام والإيمان معرضةٌ للزوال، وهما النعمتان الحقيقيتان وإن كان كلّ ما سواهما قليلًا فكلّه زائل ولا يُفيد يوم القيامة.
قصة آدم وإبليس
قال الله تعالى في سورة الكهف: «وَإِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دوني وَهُم لَكُم عَدُوٌّ بِئسَ لِلظّالِمينَ بَدَلًا*ما أَشهَدتُهُم خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَلا خَلقَ أَنفُسِهِم وَما كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدًا» فقد حذّر الله -تعالى- عباده من اتّباع أوامر الشيطان وسلوك طريقه وهو الذي تكبّر ورفض أمر الله له بالسجود لآدم -عليه السلام- تشريفًا وتكريمًا له، ثم بيّن الله -تعالى- كمال قدرته وحده في خلق السماوات والأرض.
الفوائد المستفادة من قصة آدم وإبليس منها:عِظم فضل آدم -عليه السلام- وتكريم الله -تعالى- له، فقد أمر الملائكة بالسجود له إظهارًا لفضله وإكرامًا له، وتجدر الإشارة إلى أن سجود الملائكة لآدم كان عبادةً لله تعالى، لأنه هو الآمر لهم في ذلك. استجابة الملائكة لأمر الله تعالى، فقوله تعالى: «فَسَجَدوا» يدلّ على الفورية، لذا ينبغي على المؤمن أن يسارع لامتثال أمر الله -تبارك وتعالى- في حياته دون تردّد.
التكبّر والحسد من الأخلاق السيئة، فقد عصى إبليس ربّه بسبب تكبّره على آدم عليه السلام، وهذا ما أبعده عن رحمة الله تعالى.
قصة موسى مع الخضر
علم موسى -عليه السلام- أنّ هناك رجلًا من عباد الله في مجمع البحرين، آتاه الله من العلم ما لم يؤته لموسى، فأراد موسى -عليه السلام- أن يرحل إليه، وقد اختلفت الروايات في تحديد المكان بعينه، وروى الإمام مسلم أنّ موسى سُئل: «أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقالَ: أَنَا أَعْلَمُ، قالَ فَعَتَبَ اللَّهُ عليه إذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، فأوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: أنَّ عَبْدًا مِن عِبَادِي بمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هو أَعْلَمُ مِنْكَ».فطلب موسى -عليه السلام- من الله تعالى أن يلقى الخضر، فأجابه الله وأمره أن يأخذ معه حوتًا، وأخبره بأنّ موضع فَقْد الحوت هو مكان الخضر، فانطلق موسى ومعه يوشع بن نون، وطلب موسى من يوشع أن يخبره عن المكان الذي يفارقهم فيه الحوت، فنام موسى -عليه السلام- حينما وصل إلى الصخرة عند مجمع البحرين، وفي الوقت ذاته فارقهم الحوت ولم يوقظ يوشع موسى -عليه السلام-.
ولما أفاق موسى -عليه السلام- نسي يوشع أن يخبره بأمر الحوت، فرجعا باتّباع آثار أقدامهما ليصلا إلى المكان الذي فقدا فيه الحوت، ولقي موسى الخضر فطلب منه أن يصحبه ليتعلّم منه، فردّ عليه الخضر بأنّه لن يملك الصبر على ما سيشاهده منه في القيام بأفعالٍ لا تتفق مع شريعته، فكلٌ من موسى والخضر علّمهما الله علمًا مختلفًا عن علم الآخر، فأخبر الخضر موسى أن يصبر على ما سيشاهده، وعلّق موسى صبره على مشيئة الله تعالى، وما ذلك إلّا لشدّة حرصه على طلب العلم.واشترط الخضر على موسى -عليه السلام- ألّا يسأله عن شيءٍ حتى يُخبره هو بنفسه، فلمّا انطلقا خرق الخضر السفينة فاعترض موسى -عليه السلام- على ذلك، فذكّره الخضر بشرطه، وحين وصلا إلى الساحل قتل الخضر غلامًا، فكان اعتراض موسى على ذلك كبيرًا، فذكّره الخضر بأنّه أخبره من البداية بأنّه لن يستطيع على الصبر، فوعده موسى -عليه السلام- بأن يلتزم بالشرط، وبعد ذلك وصلا إلى قريةٍ وطلبا من أهلها الطعام فرفضوا أن يقدّموا لهما طعامًا، ووجدا في القرية جدارًا على وشك الانهيار فرفعه الخضر، فقال له موسى -عليه السلام- لابدّ أن تحصّل منهم الأجر لشراء الطعام، فكان هذا الاعتراض هو الفراق بين موسى والخضر.
وقبل أن يفارق الخضر، موسى -عليه السلام- أخبره بالحكمة من كلّ فعلٍ قام به، فخرق الخضر السفينة لأنّها كانت لمساكين يعملون عليها وكان هناك مَلكٌ ظالمٌ يستولي على جميع السفن الجيّدة، أمّا الغلام فقتله حتى لا يعذّب والداه؛ لأنّه سيكون كافرًا وأبواه مؤمنين، وأمّا الجدار فكان تحته كنزٌ مدفونٌ لغلامين يتيمين في المدينة، فأقامه لكي يحفظ لهما كنزها ويستخرجانه حين يُحسنا التصرّف فيه، وأخبر الخضر موسى -عليه السلام- أنّ كلّ ما فعله كان بأمرٍ من الله وليس من رأيه.
المستفاد من قصة موسى مع الخضر
لم يكن موسى -عليه السلام- متكبّرًا مع أنّه رسولٌ، وممّا يدل على ذلك مبادرته للقاء الخضر، وتحمّله للعديد من المشاق في سبيل الوصول إليه. بيان فضل وأهمية الرحلة في طلب العلم، فقد رحل الأنبياء والمرسلين في طلب العلم، كما يستحبّ للعالم أن يتعلّم ممّن هو أرفع منه منزلةً في العلم. الاعتراف بأنّ الله -تعالى- الأكثر علمًا. بيان مشروعية خدمة أهل العلم، فقد خدم يوشع موسى أثناء رحلتهما، كما يُشرع التحدّث عن التعب والمشقة دون السخط على أقدار الله تعالى.
الحثّ على قبول عذر الناسي وبيان أنّ ذلك من خصال الصالحين. ينبغي على المعلّم أن يصبر على طالبه، فقد صبر موسى على تلميذه حين نسي أن يخبره عن الحوت، وصبر الخضر على موسى في احتجاجاته على ما كان يفعله.
يستحبّ قول: «إن شاء الله» لمن أراد القيام بفعلٍ معينٍ بدليل قوله تعالى: «وَلا تَقولَنَّ لِشَيءٍ إِنّي فاعِلٌ ذلِكَ غَدًا إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ وَاذكُر رَبَّكَ إِذا نَسيتَ وَقُل عَسى أَن يَهدِيَنِ رَبّي لِأَقرَبَ مِن هـذا رَشَدًا». بيان أهمية إنكار المنكَر بالنسبة للمسلم، كما أنكر موسى على الخضر ما يفعله وحسب أنّه مُنكرًا.
قصة ذي القرنين
هذه القصة هي القصة الخامسة من القصص الواردة في سورة الكهف، وفيها أنّ ذا القرنين من الذين مكّنهم الله -تعالى- في الأرض، وأعطاه من الأسباب ما يُعينه على الوصول إلى أقطار الأرض، إلّا أنّ هذه الأسباب لم يذكرها الله في كتابه ولم يذكرها الرسول في سنّته، فقد وصل فيما أعطاه الله إلى موضع غروب الشمس ورآها بأُمّ عينه، ولم يكن بينه وبين الشمس إلّا الماء، ووجد عندها قومًا كافرين؛ وقد خيّره الله بين تعذيبهم والإحسان إليهم، فقال: «قُلنا يا ذَا القَرنَينِ إِمّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمّا أَن تَتَّخِذَ فيهِم حُسنًا»، فقسّمهم ذو القرنين إلى قسمين؛ الكافر منهم ينال عقوبته في الدنيا والآخرة، والمؤمن منهم يُحسن له في الدنيا وتكون له الجنة في الآخرة، ثمّ أراد ذو القرنين العودة إلى موضع شروق الشمس.
فوجد هناك أناسًا لم يكن لهم سترًا من الشمس، وذلك لأن الشمس دائمة عندهم فلا تغرب، أو لعدم وجود مساكن لهم، ثمّ توجّه إلى الشمال فوجد سدّين قد أُقيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، ووجد من دون السدين قومًا لا يفقهون قوله، ومع ذلك فقد منحه الله القدرة على أن يفقه ما يتكلّمون به، فاشتكوا إليه من فساد يأجوج ومأجوج، وطلبوا منه أن يُقيم سدًا بينهم على أن يعينوه ويدفعوا له الأجر، فأقام لهم سدًّا قويًا مانعًا ورفض الأجر، ثمّ توجّه إلى الله بشكره والثناء عليه وأعاد الفضل له.
المستفاد من قصة ذي القرنين
لهذه القصة مجموعة من الحِكم يُذكر منها: لا حرج من قبول التحدي والدعوة إلى الإسلام، إلّا أنّ على الداعي أن يكون عالمًا بالشيء قبل أن يدعو إليه، فقد سأل المشركون الرسول عن خبر ذي القرنين، فقد قال تعالى: «وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ»، وكان سؤالهم تحدّيًا له، فهذا سؤالٌ لا يجيبه سوا نبي، فأنزل الله -سبحانه- آيات من القرآن الكريم تجيبهم على ما سألوا، قال سبحانه: «قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا».يجازي الله عباده على ما فعلوه، فمن عمل صالحًا كانت له الجنة والحسنى، ومن عمل سيئًا كان مصيره العذاب في الدنيا والآخرة، قال تعالى: «أَمّا مَن ظَلَمَ فَسَوفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذابًا نُكرًا * وَأَمّا مَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا فَلَهُ جَزاءً الحُسنى وَسَنَقولُ لَهُ مِن أَمرِنا يُسرًا». من صفات الملك الصالح أن يقدّم كلّ ما يمكنه لمساعدة الناس، ولا يأخذ أجرًا على ما يقدّمه، مع عزو الفضل إلى الله تعالى.