تفجيرات الزر الأحمر.. كيف خططت إسرائيل لاختراق حزب الله عبر أجهزة البيجر؟
ADVERTISEMENT
كشفت صحيفة واشنطن بوست مؤخرًا عن تفاصيل مثيرة حول واحدة من أكثر العمليات الاستخباراتية تعقيدًا التي نفذتها إسرائيل ضد حزب الله اللبناني. العملية، التي حملت الاسم الكودي الزر الأحمر، استهدفت تفجير آلاف أجهزة البيجر المحمولة من قبل عناصر الحزب في هجوم منسق أدى إلى مقتل 37 شخصًا وإصابة أكثر من 3000 آخرين. وتعتبر هذه العملية نتاجًا لعقد من الزمن من التخطيط والتسلل الخفي عبر شبكات استخباراتية متعددة الجوانب.
خطة الزر الأحمر: سنوات من التخطيط والاختراق الخفي
بدأت إسرائيل التخطيط لهذه العملية منذ أكثر من عشر سنوات، حيث استهدفت الوصول إلى قلب حزب الله عبر أجهزة الاتصال المستخدمة من قبل عناصره. ووفقًا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين وغربيين، فإن اختراق الحزب تطلب استخدام شركات وهمية لتمرير أجهزة البيجر المدمجة بتقنيات تدميرية إلى عناصر الحزب دون إثارة الشكوك.
إحدى الشركات المشتبه بها كانت تعمل من تايوان، حيث تم تصنيع مكونات الأجهزة، وتمت عبر شركة وهمية في هنغاريا. ويعتقد أن المخابرات الإسرائيلية استغلت هذه الشركات لتمرير الأجهزة القاتلة إلى حزب الله، وذلك بعد تضليل الحزب لتبني هذه الأجهزة كجزء من أنظمة الاتصال الخاصة به.
تفجير أجهزة البيجر في جنوب لبنان: اللحظة الحاسمة
بعد سنوات من التجهيزات المعقدة، تم تفعيل خطة الزر الأحمر الأسبوع الماضي عندما انفجرت آلاف أجهزة البيجر في مناطق مختلفة من لبنان، بما في ذلك جنوب لبنان، الضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل 37 شخصًا بينهم طفلان، وإصابة أكثر من 3000 بجروح متفاوتة الخطورة.
العملية لم تقتصر على أجهزة البيجر فقط؛ ففي اليوم التالي، تم تفجير مئات أجهزة اللاسلكي (ووكي توكي) المستخدمة من قبل عناصر الحزب، مما ضاعف من حجم الفوضى والارتباك داخل صفوف الحزب. العملية كانت تهدف إلى ضرب الشبكة التنظيمية لحزب الله وإضعاف قدراته القتالية واللوجستية بشكل فعال.
دوافع العملية: لماذا تم تفعيل الزر الأحمر الآن؟
لا يزال سبب تفعيل العملية في هذا التوقيت تحديدًا غير واضح تمامًا، لكن الخبراء يشيرون إلى عدة احتمالات. واحدة من تلك الاحتمالات هي مخاوف إسرائيلية من أن حزب الله قد يكتشف خطر هذه الأجهزة، التي تم تصميمها لتكون خاملة حتى لحظة تفجيرها. كما تكهن محللون بأن إسرائيل أرادت من هذه العملية التمهيد لعملية عسكرية أكبر في المنطقة عبر زرع الفوضى داخل صفوف الحزب.
إسرائيل لم تعلن رسميًا عن تفاصيل العملية أو أهدافها بعيدة المدى، لكن مسؤولين غربيين أشاروا إلى أن هذه الهجمات قد تكون مقدمة لهجوم عسكري أوسع في جنوب لبنان، حيث يسعى الجيش الإسرائيلي إلى إضعاف قدرات حزب الله الدفاعية والهجومية.
تحقيقات أوروبية تكشف شبكات الشركات الوهمية
إلى جانب التحليلات الأمنية، أظهرت التحقيقات الجارية في عدة عواصم أوروبية دور الشركات الوهمية التي استخدمتها المخابرات الإسرائيلية لتمرير الأجهزة. إحدى هذه الشركات كانت تعمل من هنغاريا وأخرى من تايوان، حيث تم تصنيع وتوريد المكونات الإلكترونية المدمجة في الأجهزة.
التقارير تشير إلى أن هذه الشركات أنشئت خصيصًا لخداع الحزب وتزويده بأجهزة اتصال تحتوي على تقنيات تفجير خفية، فيما لا تزال التحقيقات جارية للكشف عن المزيد من التفاصيل حول دور الشركات الأخرى التي قد تكون متورطة في هذه العملية.
ردود فعل حزب الله: تحقيقات داخلية وتدابير أمنية جديدة
من جهته، لم يصدر حزب الله أي تصريح رسمي حول هذه الهجمات، لكن مصادر داخلية تشير إلى أن الحزب أجرى تحقيقات داخلية موسعة للوقوف على كيفية وقوع هذا الاختراق الكبير. وتشير التقارير إلى أن الحزب قد يتخذ تدابير أمنية مشددة ويعيد تقييم أنظمة الاتصال والمعدات الإلكترونية المستخدمة من قبل عناصره لتجنب حدوث اختراقات مستقبلية مماثلة.
هل يشهد لبنان مواجهة جديدة؟
مع تصاعد التوترات الإقليمية، يخشى العديد من المراقبين أن تكون هذه التفجيرات مقدمة لمواجهة عسكرية أوسع بين إسرائيل و حزب الله. العملية قد تكون تمهيدًا لتدخل عسكري إسرائيلي في جنوب لبنان، حيث تسعى إسرائيل إلى ضرب بنية الحزب التحتية قبل أي مواجهة مستقبلية. وتبقى الأسئلة مطروحة حول مدى تأثير هذه العملية على توازن القوى في المنطقة وما إذا كانت ستدفع إلى حرب جديدة بين الطرفين.