الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم..هل تنجح اجتماعات نيويورك في إنهاء الصراع السوداني؟
ADVERTISEMENT
تترقب الساحة الدولية جهودًا جديدة لوقف الحرب في السودان، حيث تعمل الولايات المتحدة على إحياء المفاوضات المتعثرة بين الأطراف السودانية المتنازعة. يتوقع أن تكون اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر فرصة حاسمة لجمع الأطراف السودانية حول طاولة المفاوضات، رغم التحديات الهائلة التي تواجه هذه المبادرة.
واشنطن تتوسط لجمع الأطراف السودانية: تحركات دبلوماسية مكثفة
تأتي هذه الجهود في وقت بالغ الحساسية، حيث أكدت مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، سيعقد سلسلة من الاجتماعات مع وزراء خارجية دول عربية وإفريقية وأوروبية على هامش الجمعية العامة. وتهدف هذه الاجتماعات إلى دفع الأطراف السودانية، بما فيها قوات الدعم السريع والجيش السوداني، إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ فشل محادثات جنيف وجدة.
من جانبه، أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، استعداده لتعميق المناقشات مع الجانب الأميركي خلال زيارته لنيويورك. ويعكس هذا التصريح انفتاحًا مشروطًا من جانب الخرطوم، رغم تباين مواقف الجيش وقوات الدعم السريع حول العديد من القضايا الأساسية.
تباين في المواقف السودانية: البرهان ودقلو في مشهد معقد
في حين أبدى كل من البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ترحيبهما بالدعوات الدولية للحوار، إلا أن الصراع بين الجانبين لا يزال يمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق أي تقدم. حميدتي اتهم الجيش السوداني بالسيطرة عليه من قبل عناصر النظام السابق، مما يعقد إمكانية الوصول إلى حلول وسط.
وفي المقابل، تشدد الحكومة السودانية على تنفيذ مخرجات اتفاق جدة، الذي كان يفترض أن يشكل قاعدة للحوار، لكنها ترفض بشدة نقل المفاوضات إلى جنيف. هذا التباين في المواقف يجعل الجهود الدبلوماسية الأميركية أكثر صعوبة، حيث يجب على واشنطن إقناع جميع الأطراف بضرورة تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى حل شامل.
مأساة إنسانية متفاقمة: المجاعة والكوليرا تهددان ملايين السودانيين
على الرغم من التحركات الدبلوماسية، فإن الوضع الإنساني في السودان يتدهور بسرعة. تعاني البلاد من أزمة غذائية حادة، حيث يواجه نحو 25 مليون شخص خطر المجاعة، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. كما تفشت الكوليرا في عدة ولايات، مما يهدد حياة 10 آلاف شخص، وسط توقعات بإصابة الملايين من الأطفال بأمراض مميتة بسبب انعدام الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية.
ورغم فتح الحكومة السودانية معبر "أدري" الحدودي مع تشاد لتسهيل وصول شحنات الإغاثة، لا تزال الأمم المتحدة تواجه صعوبات كبيرة في إيصال المساعدات إلى المتضررين. العقبات البيروقراطية، وعمليات النهب، تظل حاجزًا أمام وصول المواد الغذائية والإمدادات الطبية إلى المحتاجين.
هل تنجح الجهود الأميركية في إنهاء الصراع؟
يتساءل مراقبون دوليون عن مدى نجاح التحركات الأميركية في إنهاء الصراع السوداني، لا سيما أن محاولات سابقة، مثل تلك التي جرت في جدة وجنيف، لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة. يرى البعض أن جمع الأطراف السودانية في نيويورك قد يفتح بابًا جديدًا للحوار، لكن السؤال الأكبر يظل: هل تتوفر الإرادة السياسية الكافية لدى السودانيين لإنهاء هذا النزاع الدموي؟
وفقًا لروزاليند مارسيدين، السفيرة البريطانية السابقة لدى السودان والباحثة المشاركة في "تشاتام هاوس"، فإن الحرب المستمرة منذ أكثر من 17 شهرًا أودت بحياة عشرات الآلاف، وشرّدت 10 ملايين آخرين. ورغم الجهود الدولية، لم تفلح أي منها في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، مما يجعل من الضروري وجود إرادة قوية لدى جميع الأطراف لإنهاء الأزمة.
الطريق إلى السلام مليء بالتحديات
بينما تستعد نيويورك لاستقبال قادة العالم لمناقشة قضايا السودان، يبقى التساؤل عن ما إذا كانت هذه الاجتماعات ستحقق انفراجًا في الأزمة. ومع تفاقم الأزمة الإنسانية، يصبح الوصول إلى حل سياسي ضرورة ملحة لوقف معاناة الملايين من السودانيين. الأيام القادمة ستكشف إن كانت الدبلوماسية الأميركية قادرة على إحداث التغيير المطلوب، أم أن البلاد ستظل غارقة في دائرة الصراع.