عاجل
الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

هل يجوز للمرأة السفر للعمل والدراسة بدون محرم؟ الإفتاء تحسم الجدل

حكم سفر المرأة
حكم سفر المرأة

هل يجوز للمرأة السفر للدراسة بدون محرم؟ الأصل أن تسافر المرأة مع ذي مَحرَم، ولا مانع من سفرها وحدها إذا تحقق الأمن، بشرط موافقة الزوج أو الولي إن لم تكن متزوجة.

قالت وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الشريعة الإسلامية وضعت أحكامًا خاصة بسفر المرأة نظرًا للمشقة والتعب الذي قد يتعرض له المسافر، موضحة أن الشريعة تأخذ في اعتبارها أن الرجل قد يتحمل عناء السفر، بينما قد تجد المرأة صعوبة أكبر بسبب كونها كائنًا ضعيفًا.

 

وأشارت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع شدد على أهمية حماية المرأة وصيانتها، ولذلك نصت الشريعة على ضرورة سفر المرأة برفقة محرم. 


وأضافت أن الأصل في سفر المرأة هو أن تسافر فقط مع محرم، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم".

 

ورداً على سؤال حول ضرورة وجود المحرم في كل سفر، أكدت الخولي أن الأصل هو أن تسافر المرأة فقط مع محرم، وذلك حفاظاً على أمانها وصيانتها، ولكن الوضع قد يتغير مع توافر وسائل النقل الحديثة وتواجد رجال الأمن في كل مكان، حيث قد تكون هناك مرونة في بعض الظروف.

 

وقالت: "إذا كانت المرأة تسافر برفقة أمنية وتستطيع الحصول على حماية كافية، ولها إذن من وليها أو زوجها، فإن بعض العلماء يرون أنه في هذه الظروف يمكن أن تكون هناك مرونة في تطبيق هذا الحكم".

 

حكم سفر المرأة للخارج للعلم والدراسة


أكدت وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أهمية اتباع الضوابط الشرعية عند سفر المرأة للدراسة أو العمل في الخارج، موضحة أن الشريعة الإسلامية تنص على أن المرأة لا يجب أن تسافر إلا برفقة محرم، وذلك للحفاظ على أمنها وصيانتها.

 

وأوضحت: "في حال حصول المرأة على منحة علمية أو السفر للدراسة في جامعة خارجية، يجب التأكد من توافر شروط الأمان والسلامة، ويشمل ذلك الحصول على إذن وليها أو زوجها والتأكد من وجود حماية كافية في البلد الذي ستسافر إليه، سواء أثناء السفر أو خلال الإقامة".

 

وأشارت إلى أنه في ظل توافر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الأسهل على ولي الأمر أو الزوج متابعة حالة المرأة والاطمئنان عليها بشكل مستمر، مشددة على ضرورة التأكد من وجود رفقة آمنة وضمان الأمان الكامل في البلد المقصود.

 

وأكدت: "إذا كان هناك أي مخاطر أو عدم أمان في البلد الذي ستسافر إليه، يجب تجنب السفر أو السفر مع محرم لضمان سلامة المرأة وأمنها، والإسلام يشجع على طلب العلم، ولكن الحفاظ على الأمان والسلامة يأتي في المقام الأول."

وأضافت: "من الضروري أن يأخذ الجميع جميع الاحتياطات اللازمة قبل اتخاذ قرار السفر، والتأكد من أن جميع الضوابط الشرعية والأمنية قد تم توافرها."

 

حكم سفر المرأة للعمل بدون محرم


يجوز للمرأة أن تسافر بدون مَحرَم بشرط اطمئنانها على الأمان في دينها ونفْسها وعِرضها في سفرها وإقامتها وعودتها، وعدم تعرضها لمضايقاتٍ في شخصها أو دِينها؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عَدِيّ بن حاتم رضي الله عنه أنه قال له: «فإن طالَت بكَ حَياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينةَ -أي المسافِرة- تَرتَحِلُ مِنَ الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالكَعبةِ لا تَخافُ أَحَدًا إلَّا اللهَ»، وفي رواية الإمام أحمد: «فَوَالَّذي نَفسِي بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ في غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ».


فمِن هذا الحديث برواياته أخذ جماعةٌ من الفقهاء المجتهدين جوازَ سفر المرأة وحْدَها إذا كانت آمنة، وخصَّصوا بهذا الحديث الأحاديثَ الأخرى التي تُحَرِّم سفرَ المرأة وحدها بغير مَحرَم؛ فهي محمولةٌ على حالة انعدام الأمن التي كانت مِن لوازم سفر المرأة وحْدَها في العصور المتقدمة.

وقد أجاز جمهور الفقهاء للمرأة في حجّ الفريضة أن تسافر بدون محرم إذا كانت مع نساء ثقاتٍ أو رفقةٍ مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه؛ قال الإمام أبو الحسن بن بطال المالكي في "شرح البخاري" (4/ 532، ط. مكتبة الرشد): [قال مالك والأوزاعي والشافعي: تَخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقةٍ مأمونةٍ وإن لم يكن معها مَحرَم، وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر يحجُّ معه نسوةٌ مِن جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم مَحرَمٌ، ولعلَّ بعضَ مَن ليس بمَحرَمٍ أوثقُ مِن المَحرَم] اهـ.

 

وقال الإمام الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ" (3/ 82، ط. مطبعة السعادة): ولعلَّ هذا الذي ذكره بعضُ أصحابنا -أي: عدم خروجها في حج التطوع مِن غير مَحرَم- إنما هو في حال الانفراد والعَدد اليسير، فأما القوافل العظيمة والطرق المشتركة العامرة المأمونة فإنها عندي مثل البلاد التي يكون فيها الأسواق والتجار؛ فإن الأمن يحصل لها دونَ ذي مَحرَمٍ ولا امرأة، وقد رُوِيَ هذا عن الأوزاعي] اهـ.
وقال العلَّامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 523، ط. دار الفكر): [قَيّد ذلك الباجي بالعَدد القليل، ونصه: هذا عندي في الانفراد والعَدد اليسير، فأمَّا في القوافل العظيمة فهي عندي كالبلاد، يَصِحُّ فيها سفرُها دون نساءٍ وذوي مَحارِم انتهى، ونَقَلَه عنه في "الإكمال" وقَبِلَه ولَم يَذْكُر خِلافَهُ، وذكره الزنَاتي في "شرح الرسالة" على أنه المذهب، فيقيد به كلام المصنف وغيره. ونص كلام الزنَاتي: إذا كانت في رفقةٍ مأمونةٍ ذات عَدَدٍ وعُدَدٍ أو جيشٍ مأمونٍ مِن الغَلَبة والمَحَلَّة العظيمة فلا خِلاف في جواز سفرها من غير ذي مَحرَمٍ في جميع الأسفار: الواجب منها والمندوب والمُباح، مِن قول مالك وغيره؛ إذ لا فرق بين ما تَقدَّم ذِكْرُه وبين البلد. هكذا ذَكَرَه القابسي. انتهى] اهـ.
ومِمَّا يُبَيِّن أن تَوَفُّر الأمن هو المُعَوَّل عليه عند الفقهاء في الإقدام على السفر والامتناع منه: أن الإمام مالكًا رضي الله عنه كَرِه سفر المرأة مع المَحرَم الذي يَغلِب على الظَّنِّ قِلَّةُ حِرصه وإشفاقه عليها؛ قال الإمام الباجي في "المنتقى" (3/ 82): [كَرِه مالك أن يَخرج بها ابنُ زوجها وإن كان ذا مَحرَمٍ منها، قال الإمام أبو الوليد: ووجه ذلك عندي ما ثبت للربائب مِن العداوات وقِلَّة المُراعاة في الأغلب؛ فلا يَحصُل لها مِنه الإشفاق والستر والحِرص على طيب الذِّكْر] اهـ.
وقد نص الفقهاء على أن صيرورة الطرق آمنةً يجعل السفرَ في حكم الحضر: قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني الشافعي في "نهاية المطلب في دراية المذهب" (4/ 150، ط. دار المنهاج) وهو يتحدث في اشتراط الأمن في وجوب الحج: [ليس الأمنُ الذي نذكره قطعًا، فالمسافر ومتاعه على قَلَت -أي: توقع الهلاك- إلا ما وقى الله، وإنما الحكم على غالب الظن، والنفس لا تثق بالخلاص عن الحوادث. فالذي يجب التفطن له: أنا لا نشترط في السفرِ الأمنَ الذي يغلب في الحضر؛ فإن ذلك إنما يحصل لو صار السفر في حكم الحضر، بأن تصير الطرق آهلة، ولا سبيل إلى شرط ذلك؛ فالأمن في كل مكانٍ على حسب ما يليق به] اهـ.

 

المختار للفتوى في سفر المرأة للعمل بدون محرم


الذي عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية: أنَّ سفر المرأة وحْدَها عبر وسائل السفر المأمونة وطُرُقِه المأهولة ومَنافذه العامرة؛ مِن موانئ ومطاراتٍ ووسائل مواصلاتٍ عامَّة جائزٌ شرعًا، ولا حرج عليها إذا أذن لها وليُّها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنَّ الأحاديث التي تَنهى المرأةَ عن السفر مِن غير مَحرَمٍ محمولةٌ على حالة انعدام الأمن، فإذا تَوَفَّرَ الأمنُ لَم يَشملها النهيُ عن السفر أصلًا.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا مِن سفر المرأة إلى الخارج للعمل إذا تَوَفَّر الأمنُ في الإقامة بِبَلَد السفر، وذلك بشرط موافقة وليِّ الأمر، ولا يُشترط اصطحاب المحرم في حلها ولا ترحالها.

 

تابع موقع تحيا مصر علي