عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

هل يجب إيقاظ النائم للصلاة ؟ اعرف آراء الفقهاء

هل يجب إيقاظ النائم
هل يجب إيقاظ النائم للصلاة

هل يجب إيقاظ النائم للصلاة ؟ ذهب الشافعية إلى أنَّه يستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما عند ضيق الوقت، إذا لم يخش عليه ضرر، ورأى المالكيةُ أنَّه يجب إيقاظ النائمِ للصلاة الواجبة خاصة، أَمَّا في الصلاة المندوبة فوافقوا الشافعية في أنه يستحب الإيقاظ.

هل يجوز عدم ايقاظ النائم للصلاة؟

قالت دار الإفتاء، إنه يُستحب إيقاظ النائم للصلاة، ولا يجب ذلك؛ لأنَّ النائم يسقط في حقه التكليف، ولا يتوجه إليه الخطاب حال نومه، وإنما يتوجَّه إليه بعد الاستيقاظ، ويكون الواجب عليه حينئذٍ أداء الصلاة إن كان في الوقت متسع، وقضاء ما فاته إن كان الوقت قد خرج، وهذا الاستحباب مُقَيَّد بما إذا لم يُخش عليه ضرر بسبب إيقاظه.


حكم إيقاظ النائم للصلاة


عظَّم الله شأن الصلاة في القرآن الكريم ونَوَّه بأهميتها وعلوّ مكانتها في الإسلام، فأوصى بالمحافظة عليها في أوقاتها المفروضة، مُؤكِّدًا على ما فيها من الذِّكْر والخشوع وخضوع القلب والبدن لله سبحانه وتعالى، والإتيان بما أمر به والابتعاد عما نهى عنه؛ قال تعالى: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا» [النساء: 103]، وقال تعالى: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا» (الإسراء: 78).

مذاهب العلماء في إيقاظ النائم للصلاة

وإذا جاء وقت الصلاة والـمُكلَّف نائمٌ؛ فقد اختلف الفقهاء هل يجب إيقاظه أو لا؛ فذهب فقهاء الحنفية والحنابلة إلى وجوب إيقاظ النائمِ للصلاة، وقَيَّد الحنابلة ذلك بضيق الوقت.

قال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 292، ط. دار الكتاب الإسلامي) عند كلامه على تَذْكَرة الشيخ الكبير الصائم عند فِطْره ناسيًا: [والصواب أن يقال: إن ما يفعله -أي: الشيخ الكبير من الفِطْر أثناء الصوم- معصية في نفسه، وكذا النوم عن صلاة، كما صرحوا أنه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح، لكن الناسي أو النائم غير قادر فسقط الإثم عنهما، لكن وجب على من يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم].

وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 395، ط. دار الفكر): [يُكْرَه السَّهْر إذا خاف فوت الصبح. قال "ح" عن شيخه: ومثل أكل الناسي النوم عن صلاة؛ لأنَّ كُلًّا منهما معصية في نفسه، كما صرحوا أنَّه يكره السهر إذا خاف فوت الصبح، لكن الناسي أو النائم غير قادر، فسقط الإثم عنهما، لكن وَجَب على مَن يعلم حالهما تذكير الناسي وإيقاظ النائم، إلَّا في حق الضعيف عن الصوم مرحمةً له].

 

وقال العلامة المِرْدَاوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 389، ط. دار إحياء التراث العربي): [أَمَّا النائم: فتجب الصلاة عليه إجماعًا، ويجب إعلامه إذا ضاق الوقت على الصحيح].

وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (1/ 275، ط. المكتب الإسلامي): [(ويلزم) مستيقظًا (إعلام نائم بدخول وقتها) -أي الصلاة- (مع ضيقه) أي: الوقت، وظاهره: ولو نام قبل دخوله، (ويُتَّجه): إنما يلزم إعلام نائم (إنْ ظنّ أنه يصلي)، أما إذا علم أنَّ إعلامه لا يفيد، فالأولى تركه، وهذا مبني على أنَّ الأمر بالمعروف لا يجب إلا إذا ظنَّ امتثال المأمور، وهو قول لبعضهم، والمذهب وجوبه أفاد أو لم يفد].

 

مذهب الشافعية في إيقاظ النائم


ذهب الشافعية إلى أنَّه يستحب إيقاظ النائم للصلاة لا سيما عند ضيق الوقت، إذا لم يخش عليه ضرر.

قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (3/ 74، ط. دار الفكر): [يستحب إيقاظ النائم للصلاة، لا سيما إن ضاق وقتها؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، ولحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصلِّي صلاته من الليل، وأنا معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر أيقظني، فأوترت"] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 464، ط. دار الكتب العلمية) عند كلامه على هذه المسألة: [هذا إن لم يخف ضررًا، وإلَّا فلا يستحب ذلك، بل يَحْرُم].

 

مذهب المالكية في إيقاظ النائم
توسَّط المالكيةُ في هذه المسألة؛ فوافقوا الحنفية والحنابلة في أنَّه يجب إيقاظ النائمِ للصلاة الواجبة خاصة، أَمَّا في المندوبة فوافقوا الشافعية في أنه يستحب الإيقاظ.

قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/ 220 ط. دار الفكر): [وهل يجب إيقاظ النائم؟ لا نص صريح في المذهب، إلَّا أَنَّ القرطبي قد قال: لا يَبْعُد أن يقال إنه واجب في الواجب، ومندوب في المندوب؛ لأنَّ النائم وإن لم يكن مكلفًا لكن مانعه سريع الزوال، فهو كالغافل، وتنبيه الغافل واجب] اهـ.

وقال العلامة الصاوي في "بلغة السالك لأقرب المسالك" (1/ 234، ط. دار المعارف): [ووجب على مَن عَلِمه نائمًا إيقاظه إن خيف خروج الوقت].

 

المختار للفتوى في إيقاظ النائم 


ما يقتضيه التيسير والتدليل في هذه المسألة هو ما ذهب إليه فقهاء الشافعية من استحباب إيقاظ النائم للصلاة؛ لا سيما وأنَّ الصلوات الخمس المكتوبة وإن كانت فَرْضَ عينٍ، إلا أنَّها نِيْطت بالتكليف، فغير المكلَّف يَسْقُط في حقه الخطاب بالتكليفات الشرعية، وهو -أي: المكلف- مَنْ توافرت فيه شروط الأهلية؛ من الإسلام والبلوغ والعقل، ويلحق النائم بمختل العقل من وجهٍ، فإذا اختلَّ شرطٌ منها أصبح الإنسان فاقدًا للأهلية، غيرَ صالحٍ للتكليف بالصلاة؛ استدلالًا بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِه، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ». رواه أبو داود والنسائي والدارقطني في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، والحاكم في "المستدرك"، وصَحَّحه.

 

تابع موقع تحيا مصر علي