حق الكد والسعاية في الإسلام.. وكيف تحصل الزوجة على نصف ثروة زوجها؟
ADVERTISEMENT
ما هو حق الكد والسعاية ؟ حق المرأة في الكد والسعاية فتوى تراثية، يرجع أصلها الفقهي إلى أدلة الشريعة الإسلامية الواردة في حفظ الحقوق، وحق الكد والسعاية ليس حقا خاصا بالزوجة في مال زوجها، بل هو ما يستحقه كل من ساهم بماله أو بجهده في تنمية أعمال أحد وثروته، وطبق حق الكد والسعاية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أمر بحق زوجة في مال زوجها الذي نمياه معا قبل تقسيم تركته، ثم قضى بمثله كثير من القضاة والفقهاء عبر العصور؛ سيما فقهاء المذهب المالكي.
حق الكد والسعاية في الإسلام
وأصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، فتوى يوضح فيها حق الكد والسعاية، وجاءت كالآتي:
يفتي الأزهر الشريف عبر تاريخه بما استقر فقها من ضرورة حفظ حقوق المساهمين في تكوين وتنمية الثروات والتركات، وإحياؤه لفتوى الكد والسعاية إحياء لمنهجها واصطلاحها وتراثها؛ لكثرة المخالفات الواقعة في شأنها بالتزامن مع زيادة مشاركات النساء في تنمية ثروات أزواجهن، وخروجهن لسوق المال والأعمال.
من لهم الحق في الكد والسعاية
حق الكد والسعاية ليس حقا خاصا بالزوجة في مال زوجها، بل هو ما يستحقه كل من ساهم بماله أو بجهده في تنمية أعمال أحد وثروته، كالابن والبنت إذا ساهما في تنمية ثروة أبيهما بالمال والعمل أو بأحدهما، وكابن الأخ مع عمه، ونحو ذلك.
الكد والسعاية حق للزوجة في ثروة زوجها إذا شاركته في تنميتها ببذل المال أو بالسعي والعمل أو بكليهما معا، ومن صور مشاركتها العملية: عملها معه ببدنها في مشروع أو شركة أو صنعة ونحو ذلك، ومن صور المشاركة المالية: إعطاؤه من هبة أبيها لها أو من هبة غيره، أو ميراثها من أبيها أو من غيره، أو من راتب عملها، أو من صداق زواجها، أو مقتنياتها، أو حليها، ونحو ذلك مما امتلكته، وكان في ذمتها المالية المستقلة التي قررها الإسلام لها.
مقدار نصيب الكد والسعاية
حق الكد والسعاية للزوجة لا يقدر بنصف ثروة الزوج أو ثلثها، وإنما يقدر بقدر مال الزوجة المضاف إلى مال زوجها وأرباحه، وأجرة سعيها وكدها معه، ويمكن للزوجة المطالبة به أو المسامحة فيه أو في جزء منه.
من إنصاف الزوج وحسن عشرة زوجته، أن يعطيها حقها في الكد والسعاية وتكوين ثروتهما في حياته بنفسه، لتجعله في ذمتها المالية الخاصة، وليبقي في ذمته ما كان ملكا خالصا له، مما تجري عليه أحكام الشريعة حال حياته في الزكاة ونحوها، وبعد وفاته في الميراث ونحوه.
كيف تحصل الزوجة على حق الكد والسعاية
للزوجة أن تتفق مع زوجها على تحرير ما يثبت حقها في عمله أو ماله قبل مشاركتها معه في تنمية ثروته بالجهد أو المال أو بعد مشاركتها، وإن لم يوثقا الحق كان الإثبات من خلال قواعد الإثبات العامة شرعا وقانونا وعرفا.
لا يتعلق أخذ الزوجة حق كدها وسعايتها من ثروة زوجها بانتهاء زوجيتهما بوفاة أو انفصال، وإنما هو حق للمرأة حال حياة زوجها وبقاء زوجيتهما، لها أن تأخذه أو تتسامح فيه؛ إذ الأصل فيه أنه مال للزوجة جعلته على اسم زوجها لاتحاد معايشهما ومصالحهما الأسرية.
هل تحصل الزوجة على الكد والسعاية بعد وفاة زوجها؟
يستوفى حق المرأة في الكد والسعاية من تركة زوجها المتوفى مع قضاء ديونه، وقبل تقسيم تركته قسمة الميراث الذي تستحق منه نصيب الزوجة، أي: فرض الربع إن لم يكن لزوجها أولاد، أو الثمن إن كان له أولاد منها أو من غيرها.
حق المرأة في الكد والسعاية متعلق بأعمال ومعاملات الزوجين المالية دون غيرها إن اشتركا فيها بالمال والعمل أو بأحدهما على النحو المذكور آنفا.
هل أعمال المرأة المنزلية لها حق الكد والسعاية؟
أعمال المرأة المنزلية لا تدخل في حق الكد والسعاية، فعمل الرجل خارج المنزل خدمة ظاهرة لزوجته وأهل بيته حتى يوفر لهم النفقة، وأعمال المرأة المنزلية خدمة باطنة لزوجها وأبنائها حتى يتحقق السكن في الحياة الزوجية.
نفقة الزوج على زوجته بحسب يساره وإعساره حق واجب عليه قرره الإسلام لها، ولا يغني التزام الزوج بالنفقة على زوجته عن حقها في كدها وسعايتها في عمل كون ثروتهما على النحو المذكور.
العلاقة الزوجية علاقة سكن تكاملية، تقوم على المودة والمسامحة، وليست علاقة ندية أو استثمارية مادية نفعية، ولا يليق بقدسية الزواج ومكانة الزوجة فيه أن تعامل معاملة الأجير في أسرتها، بأن تفرض لها أجرة محددة نظير أعمال رعاية أولادها وزوجها، وإنما على الزوج واجب النفقة بالمعروف لها ولأولادهما وبيتهما كما تم بيانه.
بنى الإسلام الحياة الزوجية على الرحمة وحسن العشرة، وقسم أدوارها ووزع مهماتها بشكل يتناسب وطبيعة طرفيها وملكات كل منهما وإمكاناته، وحدد ما ينبغي أن يكون غاية لها، وما ينبغي أن يكون وسيلة يتوصل بها إلى غيرها في عدالة بديعة، ورقي منقطع النظير في الشرائع والنظم الاجتماعية كافة.
تحويل ما ينادي به الأزهر من حفظ الحقوق وتعزيز العدالة داخل الأسرة إلى شعارات عنصرية، وإجراءات متحيزة، تدعو إلى المساواة الظالمة التي لا عدالة فيها، وتزكي من الاستقطاب والندية بين الزوجين، وتعرض الزواج في صورة مادية منفرة لا مودة فيها أو سكن؛ أمر مرفوض ومناف لتعاليم الأديان، وفطرة البشر، وقيم المجتمع المستقرة، ونستطيع أن نرى مثالب هذه الدعوات ونتائجها السيئة في المجتمعات التي عزف فيها كثير من الشباب عن الزواج وتكوين الأسر.
حق الكد والسعاية في المذهب المالكي
واتفقت المذاهب الإسلامية السنية الأربعة، المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية، على حق الكد والسعاية. لكن فقهاء المالكية أكدوا على تطبيقه وترسيخه أكثر من المذاهب الأخرى.