عاجل
الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

إمام المسجد النبوي: الإيمان الصادق يفيض على النفس طمأنينةً وسكينةً ورضاً وسروراً

إمام المسجد النبوي
إمام المسجد النبوي

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي المسلمين بتقوى الله عز وجل، فإن تقواه أحصنُ المعاقل، وأعذبُ المناهل، وأنفعُ الذّخائر، فمن اتقى الله عَبِق طِيبُ شمائلِه، وأورقتْ غصونُ فضائلِه.

 

العاقل يتوقّفُ برهةً

وقال «الحذيفي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي، إن العاقل وهو يقطع طريق رحلته في هذه الدنيا، ليتوقّفُ برهةً من عمر الزمان توقفَ المعتبر، فينظرُ إلى آثار خطواتِه، ويتأمَّلُ طريقَ مسيرتِه، وما في طوايا ذلك من تفويتٍ وتفريط، وتسويفٍ وتضييع، واغتباطاً بما أنجح من مقاصده وحقق من مآربه.

 

الدنيا رحلةٌ طويلةٌ قصيرةٌ


وتابع: إن هذه الدنيا رحلةٌ طويلةٌ قصيرةٌ، مفرحةٌ مبكية، فيها انكساراتٌ وانتصارات، ودموعُ حزنٍ وسرور، وراحةٌ ونَصَب، واجتماعٌ وافتراق، إنها سنة الله في هذه الدنيا كما قال جل شأنه «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ».


وأوضح أن التشبيهَ النبويَّ لحال المؤمن مع الدنيا وسرعة انقضائها، قال عبدالله بن مسعود «نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصيرٍ فقام وقد أثّر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وِطاءً؟ فقال: ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكبٍ استظلَّ تحتَ شجرةٍ، ثم راح وتركها».

 

الإيمان الصادق يتخلَّلُ حنايا النفوس


وأبان الشيخ الحذيفي، أن المؤمن في هذه الحياة يعيش حالةً من الاستقرار النفسيِّ والسلامِ الداخلي، لأنه معلَّق القلب بخالق هذا الوجود، ممتلئُ الفؤادِ بحبه، متضلِّعُ الحنايا بتوحيده، مبيناً أن الإيمانَ الصادقَ يتخلَّلُ حنايا النفوسِ المنهَكةِ برداً وسلاماً، ورضاً ويقيناً، وسكينة وثباتاً.


وتابع فضيلته، إن الحياة مع الإيمانِ حياةٌ طيبةٌ كريمةٌ مطمئنة، تتصاغَرُ أمامَها جبالُ المصاعبِ والشدائد، ويتهاوَى ركُامُ اللذائذِ والمطامع، فللإيمان حلاوةٌ يجد طعمَها في نفسه وأَثَرَها في قلبه مَن رسخ الإيمان في قلبه، لا تَصِفُ لذتَها ولا تحُدُّ حقيقتَها العباراتُ والكلمات، بل هي حقائقُ يعرفها أهلُ الإيمان، ويدركُها الصفوةُ من عباد الرحمن.

 الإيمان ليس معنى مجرَّداً من الحقائق


وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الإيمان ليس معنى مجرَّداً من الحقائق، أو نظريةً لا تَرْجُمانَ لها في واقع الحياة، إنها عقيدةٌ يمتلئُ بها القلبُ فتفيضُ على النفس طمأنينةً وسكينةً ورضاً وسروراً، ثم تتسِعُ دائرتُها حتى تفيضَ على الإنسانية كلِّها سلاماً وسكينةً وعدلاً.


وختم الخطبة قائلاً: إن هذا الدينَ العظيمَ جاء لِيُعِيدَ صياغةَ الإنسانِ عقلاً ونفساً وروحاً وسلوكاً، فيكونَ على قَدْرٍ راسخٍ من القِيَم والأخلاق والسموِّ النفسيِّ والروحيِّ والعقليِّ في هذا الكون، مبيناً أن الإيمان بمعناه الأَرْحَبِ ربطٌ للمخلوق بالخالق، واتصالٌ لعالَم الشهادةِ بعالَم الغيب، مستشهداً بقوله تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ».
 

تابع موقع تحيا مصر علي