حكم زيارة قبر الوالدين .. وكيفية إهداء ثواب قراءة القرآن لهما؟
ADVERTISEMENT
ما حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما ؟ تستحب زيارة القبور سواء في ذلك الأبوان وغيرهما، للاتعاظ بها وتذكر الآخرة، والمقصود من زيارة القبور شيئان: الأول: انتفاع الزائر بذكر الموت والموتى، وأن مآلهم إما إلى جنة وإما إلى نار، وهو الغرض الأول من الزيارة، والثاني: نفع الميت والإحسان إليه بالسلام عليه، والدعاء والاستغفار له، وهو خاص بالمسلم، فإذا زار الابن أباه فقد عمل أمرا مستحبا وعمل خيرا يثاب عليه.
حكم زيارة قبر الوالدين
قالت دار الإفتاء، إن بر الوالدين فرضُ عينٍ، وهو عبادةٌ لا تقبل النيابة؛ قال العلَّامة برهانُ الدين بنُ مازه البخاري الحنفي: «وطاعةُ الوالدين وبِرُّهُما فرضٌ خاصٌّ لا يَنُوبُ البعضُ فيه عن البعض»، وبر الوالدين لا يحصر في حال دون حال، ولا في زمان دون آخر، فيجب على الولد أن يبر والديه حال حياتهما، وإن فاته ذلك في حياتهما فلا أقل من أن يبرهما بعد وفاتهما.
من صور بر الوالدين زيارة قبرهما
وأوضحت: ومن صور بر الوالدين: زيارة قبرهما؛ فعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» رواه أبو داود والبيهقي في "سننهما".
حكم قراءة القرآن للميت
وأكملت: وأيضًا قراءة القرآن لهما، والأحاديث في ذلك صحيحة صريحة؛ روى عبد الرحمن بن العلاء بن اللَّجْلَاجِ عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال لي أبي -اللَّجْلَاجُ أبو خالد–: "يا بُنَيَّ، إذا أنا متُّ فأَلْحِدْني، فإذا وضَعْتَني في لَحدي فقل: باسم الله، وعلى مِلَّة رسول الله، ثم سُنَّ عليَّ التراب سنًّا (أي: ضَعْه وضعًا سهلًا)، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها؛ فإني سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ ذلك" أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون، وقد رُوي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما؛ كما أخرجه الخلَّال في جزء "القراءة على القبور"، والبيهقي في "السنن الكبرى" وغيرهما، وحَسَّنه النووي، وابن حجر.
واستدلت بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، وَلْيُقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسنٌ؛ كما قال الحافظ في "الفتح"، وفي رواية «بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ» بدلًا من «فَاتِحَةِ الْكِتَابِ».
هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت وكيفية وهب ثوابه له؟
قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له من الأعمال الصالحة التي ينتفع بها الميت، فلا مانع شرعا من قراءة القرآن واجتماع الناس على قراءة القرآن وختمه وهبة ثواب هذا العمل الصالح إلى الميت؛ سواء كان ذلك حال وفاته أو بعدها، في منزله أو في المسجد، عند القبر أو غيره، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقرءوا يس على موتاكم» رواه أحمد وغيره، والحديث يشمل حال الاحتضار وبعده.
هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت
أوضح مجمع البحوث الإسلامية، في إجابته عن سؤال: «هل يصل ثواب قراءة القرآن للميت؟»، أن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية قد أوصل الله سبحانه وتعالى نفعها إلى الميت، منوهًا بأن قراءة القرآن كذلك يصل ثوابها للميت إلا في حالة واحدة.
وافاد مجمع البحوث الإسلامية بأن قراءة القرآن وجعل ثواب القراءة للميت جائز شرعًا، ويصل ثواب قراءة القرآن للميت وينتفع به إذا كان خالصًا لوجه الله بغير أجر، لافتًا إلى أن قراءة القرآن مقابل أجر مادي، لا يصل ثوابها للميت.
وتابع مجمع البحوث الإسلامية أنه مما تجدر الإشارة إليه أن الإنسان إذا قرأ القرآن لابد أن يُصحح النية في قراءته بأن يكون خالصًا لوجه الله -تعالى - لا يبتغي بقراءته للقرآن أجرًا ماديًا أو غيره من الأمور الدنيوية، وأن يقرأ القرآن بخشوع وتدبر، فقال ابن القيم رحمه الله: «وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعًا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم».
وواصل مجمع البحوث الإسلامية "فلا بأس بقراءة القرآن خالصًا لوجه الله بغير أجر، ووهب ثوابها للميت ويصله الثواب –بفضل الله تعالى- وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والحنابلة ومتأخري المالكية واختيار الإمام النووي -رحمه الله- قال الشيخ الدردير –رحمه الله-: «الْمُتَأَخِّرُونُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ».
كيفية إهداء ثواب قراءة القرآن للميت
مَنْ يرغب في إهداء ثواب قراءة القرآن للمتوفى أن يقول «اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأتُ لفلان».
واجتماع الناس على قراءةِ القرآن وخَتْمِهِ يصل إلى الميت، من خلال وهبه له بـ دعاء ختم القرآن للميت، ويصل الثواب للمتوفى سواء كان ذلك حال وفاته أو بعدها، في منزله أو في المسجد، عند القبر أو غيره.
كيفية إهداء ثواب الأعمال الصالحة للميت
ذكر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه يجوز إهداء الأعمال الصالحة للميت، منوهًا بأن هناك أعمالًا صالحة يؤديها الأحياء ويصل ثوابها لأمواتهم.
وأوضح مركز الأزهر، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، في إجابته عن سؤال: «ما حكم إهداء ثواب القربات للميت؟»، أن جميع العبادات المالية يصل ثوابها إلى الميت، وبعض العبادات البدنية كالحج والدعاء والاستغفار يصل ثوابها أيضًا إلى الميت، أما الصلاة فلا يصح أن يصلي أحدٌ عن أحد فرضًا ولا نفلًا؛ ولكن إذا صلى وأهدى ثواب الصلاة إليه فجائز على الأصح.
وتابع مركز الأزهر، وقال الإمام والمحدث "الزيلعي" في كتاب "تبيين الحقائق" تحت باب الحج عن الغير: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاةً كان أو صومًا أو حجًا أو قراءةَ قرآنٍ أو أذكارًا إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ثوابُ ذلك إلى الميت وينتفع به.
إهداء ثواب القربات للحي والميت
وأضاف مركز الأزهر، أنه ذهب الحنابلة إلى جواز إهداء ثواب القربات للحي والميت؛ قال البُهوتي الحنبلي رحمه الله: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها -كالنصف ونحوه- لمسلم حي أو ميت- جاز له ذلك، ونفعه لحصول الثواب له، كصلاة ودعاء واستغفار، وصدقة وعتق وأضحية، وأداء دَيْنٍ وصوم، وكذا قراءة وغيرها، قال أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه؛ ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر، ويقرءون، ويهدون لموتاهم من غير نكير، فكان إجماعًا.
وأشار مركز الأزهر، إلى أنه اعتبر بعضهم في حصول الثواب للمجعول له إذا نواه حال الفعل، أي القراءة أو الاستغفار ونحوه، أو نواه قبله، ويستحب إهداء ذلك، فيقول: «اللهم اجعل ثواب ذلك لفلان»، وقال ابن تميم: والأَولى أن يسأل الأجر من الله تعالى، ثم يجعله له أي: للمُهدَى له، فيقول: (اللهم أثبني برحمتك على ذلك، واجعل ثوابه لفلان)، وللمُهدي ثواب الإهداء، وقال بعض العلماء: يثاب كل من المُهدي والمهدى إليه، وفضل الله واسع. «انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع».