في ذكرى مولد الإمام البخاري.. حفظ 70 ألف حديث وخرجت من قبره رائحة طيبة
ADVERTISEMENT
تحل اليوم ذكرى مولد الإمام البخاري، مؤلف أصح كتاب في السنة النبوية بعد القرآن الكريم، وحفظ 70 ألف حديث وهو ابن 16 عاما، وهو إمامٌ مجتهد، من أكابر أئمة المسلمين المجتهدين في الحديث والفقه، وتميَّز الإمام البخاري بصفات عذبة وشمائل كريمة، كان لا يفارقه كيسه، وكان يتصدق بالكثير.
والإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى، إمام مجتهد من أكابر أئمة المسلمين في الحديث والفقه، الذابِّين للكذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أجمع علماء الأمة على إمامته وتبحره في السنة النبوية الشريفة وعلوم الحديث
من هو الإمام البخاري ؟
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَه، أبو عبد الله البخاري الحافظ إمام أهل الحديث في زمانه.، وُلِد البخاري -رحمه الله- في شوال سنةَ أربع وتسعين ومائة، ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه، فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة، حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا.
ملامح شخصية البخاري
تميَّز الإمام البخاري بصفات عذبة وشمائل كريمة، لا تتوافر إلا في العلماء المخلصين، وهذه الصفات هي التي صنعت الإمام البخاري. منها الإقبال على العلم. قام البخاري بأداء فريضة الحج وعمره ثماني عشرة سنة، فأقام بمكة يطلب بها الحديث، ثم رحل بعد ذلك إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها، وكتب عن أكثر من ألف شيخ. والجِدُّ في تحصيل العلم.
كان البخاري يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه، فيوقد السراج ويكتب الفائدة تمر بخاطره، ثم يُطفئ سراجه، ثم يقوم مرة أخرى وأخرى حتى كان يتعدد منه ذلك قريبًا من عشرين مرة. وقوة الحفظ. وقد ذكروا أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة، فيحفظه من نظرة واحدة، والأخبار عنه في ذلك كثيرة. وأمير المؤمنين في الحديث. دخل مرة إلى سمرقند فاجتمع بأربعمائة من علماء الحديث بها، فركَّبوا أسانيد، وأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وخلطوا الرجال في الأسانيد، وجعلوا متون الأحاديث على غير أسانيدها، ثم قرأوها على البخاري، فردَّ كل حديث إلى إسناده، وقوَّم تلك الأحاديث والأسانيد كلها، وما تعنتوا عليه فيها، ولم يقدروا أن يجدوا عليه سقطة في إسناد ولا متن، وكذلك صنع في بغداد.
كرم الإمام البخاري وورعه
كان لا يفارقه كيسه، وكان يتصدق بالكثير، فيأخذ بيده صاحبَ الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين، وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد. وقال محمد بن إسماعيل البخاري: "ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين".
وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول: "كان محمد بن إسماعيل مخصوصًا بثلاث خصال، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس، وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان في العلم".
من كلمات الإمام البخاري
"لا أعلم شيئًا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة". "ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه"
مؤلفات الإمام البخاري
كانت عديدة ولكن أبرزها كتاب "صحيح البخاري" وهو أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبةً. بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث. ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل، فيقول: "كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع (الجامع الصحيح)".
وعدد أحاديث الكتاب 7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا، هذا إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع.
وكان البخاري لا يضع حديثًا في كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين. وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه، وتعهده بالمراجعة والتنقيح؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن.
وفاة الإمام البخاري
كانت وفاته ليلة عيد الفطر سنةَ ستٍّ وخمسين ومائتين الموافق 1 سبتمبر عام 870 م ، وكان ليلة السبت عند صلاة العشاء، وصلى عليه يوم العيد بعد الظهر، وكُفِّن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وفق ما أوصى به، وحينما دفن فاحت من قبره رائحة غالية أطيب من ريح المسك، ثم دام ذلك أيامًا، ثم جعلت ترى في السماء سواري بيض بحذاء قبره، وكان عمره يوم مات ثنتين وستين سنة.
ماذا قالت دار الإفتاء عن المشككين في البخاري؟
نشرت دار الإفتاء، فتوى لفضيلة المفتي الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، يقول فيها: الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى ورضي عنه، إمامٌ مجتهد، من أكابر أئمة المسلمين المجتهدين في الحديث والفقه، الذابِّين للكذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، علَمٌ من كبار علماء الحديث روايةً ودرايةً، أميرُ أُمَراء صَنْعَة الحَدِيث، وسيدُ المحدثين، إمامُ زمانه، لم يُرَ فيه مثله في علم الحديث والأهلية والفهم فيه، لا يبغضه إلا حاسد، وهذا ما صرَّح وشهد به علماء المسلمين وأئمتهم عبر القرون، حتى قالوا عنه: إنه في زمانه كعمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصحابة. وقد امتازت هذه الشهادة بالتنوع الشديد الذي يستحيل معه التواطؤ على الخطأ أو الكذب عادة؛ فقد أثنى عليه شيوخُه وأقرانُه ومعاصروه وتلامذتُه، ثم من جاء بعده، واجتماع كل هذه الطبقات على الشهادة له بالإمامة يجعل ذلك أمرًا قطعيًّا لا مرية فيه.
وأضاف مفتي الجمهورية: بل إن بعض هؤلاء الأئمة الشاهدين له كانت لهم معه مواقفُ قطيعةٍ وخصومةٍ أدت إلى خروجه من بلده، فلم يمنعهم ذلك من قول الحق والشهادة له بالتفرد والأهلية، وهذا يقطع كل شبهة ويرد كل تشغيب، وبذلك يكون الطعن في الإمام البخاري خروجًا عن المسلك العلمي، وشذوذًا عن المنهج الإسلامي، وذلك من وجوه عدة: ففيه إهدارٌ لشهادة أهل التخصص على اختلاف أزمانهم وبلدانهم وطبقاتهم؛ فقد ثبتت إمامته وأهليته وإتقانه بشهادة أهل الحديث وجهابذة الرواية قاطبة، وإهدار شهادتهم مخالفٌ لِمَا اتفق عليه العقلاء مِن الرجوع في كل علمٍ وفنٍّ إلى قول أهله، وفيه طعن في أئمة الحديث وجهابذة الرواية الذين قدموا الإمام البخاري على أنفسهم في العلم والفهم والرواية والدراية، وهؤلاء الطاعنون في الإمام البخاري لا هُمْ من أهل التخصص والعلم بالحديث وفنونه وأسانيده ومتونه، ولا هُمْ أحالوا في طعنهم هذا على منهج علمي معياري بديلٍ يمكن الرجوع إليه، كما لا يخفى على أحدٍ أن الطعن في الناقل طعنٌ في المنقول، ولهذا كثف أعداء الإسلام عبر القرون محاولاتهم اليائسة للطعن في نقلة الحديث النبوي ورواة السنة النبوية الشريفة، يريدون التوصل بذلك إلى الطعن في السنة وإسقاط المصدر الثاني للشريعة.
فحسبنا الله ونعم الوكيل في كل جاهل سفيه يطعن في أئمة المسلمين
واختتم: فحسبنا الله ونعم الوكيل في كل جاهل سفيه يطعن في أئمة المسلمين وعلومهم ودينهم، وعلى المسلمين جميعهم أن يتكاتفوا للدفاع عن أئمتهم وعلمائهم ضد هؤلاء المفسدين، وأن يأخذوا على أيدي المغرضين، الذين يتكلمون فيما لا يحسنون، ويهرفون بما لا يعرفون، والله تعالى كفيل بهم، مبطلٌ لكيدهم، وسيذهبون كما ذهب غيرهم، وسيبقى الإمام البخاري رحمه الله تعالى ورضي عنه جبلًا شامخًا، ومنارَ هدًى، وعلامةً فارقة في تاريخ الأمة وعلومها وتراثها؛ مصداقًا لقول الحق جل شأنه وتبارك اسمه: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ».
صحيح الإمام البخاري من أصح الكتب بعد كتاب الله
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن صحيح الإمام البخاري من أصح الكتب بعد كتاب الله؛ لأنه لم يكتفي بالنقل فقط.
وأوضح أحمد عمر هاشم في تصريح له، أن«الإمام البخاري لم يكتفي بالأخذ أو النقل عن الراوي أو أن يكون الراوي الذي أخذ عن غيره، فكان لابد له أن يكون قد التقى بالمختص وحادثه، لذا جاء كتابه أصح الكتب».
وتابع: الأمة الإسلامية أجمعت على تلقي صحيح الإمام البخاري؛ بالقبول، لأنه أصح كتاب بعد كتاب الله، لدرجة أن شيخه اقترح على تلامذته أن يدونوا الصحيح فقط، لأن اليهود وأعداء الإسلام دسوا وحرفوا فيه.
واختتم الدكتور أحمد عمر هاشم: «علينا أن نستوثق لنجمع رصيد السنة التي تتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ونقول إن هذا هو الحديث الصحيح وهذا كتاب الله، وهما اللذان احتصهما الرسول في حديثه حين قال «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي».