عاجل
الأربعاء 30 أكتوبر 2024 الموافق 27 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

إمام المسجد الحرام: احذروا ذنوب الخلوات وعليكم بعبادة السر تقي من نوازع الشهوات

المسجد الحرام
المسجد الحرام

قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إنه في مسيرة الإنسان إلى ربه فتن خطافة، والابتلاء من سنن الله عز وجل ليتبين الذين صدقوا، وليتبين الكاذبون، وعند الابتلاءات تخشى الانتكاسات"، محذراً  من ذنوب الخلوات ومطالباً بعبادة السر لأنها تقي من نوازع الشهوات، منوهًا بأنه لا صلاح إلا بالثبات ولا نجاة إلا بالإخلاص.

 

الثبات على الدين مطلب عزيز


وأضاف في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام:: "تقلب القلوب وتحولها من أعظم دلائل سلطان الله على القلوب فمن تثاقل عن الاستجابة وتباطأ عن القبول فلا يأمن أن يحول الله بينه وبين قلبه"، مبيناً أن الثبات على الدين مطلب عزيز، ولزوم الجادة مقصد ثقيل يحتاجه المسلم في حياته كلها، ثبات أمام الشبهات، وثبات أمام الشهوات ، وثبات أمام الفتن، مستشهداً بحديث عن سبرة بن فاكهة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يزيغه أزاغه، وإن شاء أن يقيمه أقامه، وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلب ابن آدم أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانَها، وعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، فقلت يا رسول الله: آمنا بك، وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء.

 الخوف من الزيغ بعد الاستقامة


ولفت الشيخ صالح بن حميد إلى أن الخوف من الزيغ بعد الاستقامة، والضلالِ بعد الهدى حاضر في صدور الربانيين الراسخين في العلم أولي الألباب، حيث يقول الإمام بن بطة العكبري رحمه الله: اعلموا أن من شأن المؤمنين وصفاتهم وجودَ الإيمان فيهم ، وداومَ الإشفاق على إيمانهم، وشدةَ الحذر على أديانهم، فقلوبهم وجلة من خوف السلب، قد أحاط بهم الوجل، لا يدرون ما الله صانع بهم في بقية أعمارهم، حذرين من التزكية، متبعين لما أمرهم به مولاهم الكريم، خائفين من حلول مكر الله بهم في سوء الخاتمة لا يدرون على ما يصبحون ويمسون، قد أورثهم ما حذرهم تبارك وتعالى الوجلَ، فهم يعملون الصالحات، ويخافون سلبها، ويخافون من الفواحش والمنكرات، وهم وجلون من مواقعتها، وبذلك جاءت السنة عن المصطفى.

الانتكاسات والتقلبات

وحذر من هذه الانتكاسات والتقلبات، وأنه من أجل أن يحذر العبد فعليه بمراقبة ربه في السر والعلن، والظاهر والباطن، وحفظِ وقته ولسانه، والجدِّ في عمله، والبعدِ عن الغلو والجفاء، وليحذر الهوى، والعجبَ، والرياء.
واستشهد فضيلته بقول أهل العلم: الطاعة توجب القرب من الرب، والمعصية توجب البعد عن الرب، وكلما اشتد القرب قوي الأنس، وكلما زاد البعد قويت الوحشة، لافتاً إلى أن أهل العلم ذكروا جملة من الأسباب المعينة على الثبات منها العمل بالشرع، وملازمة كتاب الله ومنها صحبة الأخيار، والبعد عن مواطن الشبه.

 

 لا صلاح إلا بالثبات ولا نجاة إلا بالإخلاص


وأكد الشيخ صالح بن حميد، أنه لا صلاح إلا بالثبات، ولا نجاة إلا بالإخلاص، والقلب أحق ما حُرِس، والجوارح أكرم ما حُمي وما صدق صادقَ فُردَّ، ولا طرق البابَ مخلصٌ فَصُدَّ، والله كاف عبده، وكلما زادت طاعة العبد ازدادت كفاية الله له.


وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أن أسباب الضلال والانحراف والانتكاس تعود للمرء نفسه ولمسؤوليته الخاصة، ومن قسا قلبه فما ذلك إلا بذنبه وكسبه، ومحقرات الذنوب متى يؤخذْ بها صاحبها تهلكْه، وأن من أخطر مسالك المهالك ذنوبُ الخلوات، وقد كثرت وسائلها، ولا يزجر عن إثمها واقترافها إلا خوف الله ومراقبته، مستشهداً بقول ابن القيم رحمه الله: ذنوب الخلوات سبب الانتكاسات، وعبادة الخلوات سبب الثبات، وكلما طيب العبد خلوته بينه وبين ربه طيب الله خلوته في قبره.

 

احذروا  ذنوب الخلوات مع أدوات الاتصالات


واستطرد: "فليأخذ العبد حذره من ذنوب الخلوات مع أدوات الاتصالات، وعبادة السر تقي من نوازع الشهوات، والمراقبة في الخلوات ترسخ قدم الثبات، ومن أكثر العبادة في الخلوات ثبته الله عند الشدائد والمدلهمات ، ومن خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل".


وأوصى المسلمين بحفظ جوارحهم، ومحاسبة أنفسهم، وإن من خير ما يستقبلون به عامهم صيام يوم عاشوراء، ذلك أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يحرص على صيام هذا اليوم حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء . متفق عليه، وإن صام معه اليوم التاسع فهو أعظم أجراً لقوله صلى الله عليه وسلم : (لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع) .

تابع موقع تحيا مصر علي