عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

هل يجوز صيام شهر المحرم كاملًا ؟ دار الإفتاء تجيب

حكم صيام شهر المحرم
حكم صيام شهر المحرم

ما حكم الصيام في شهر المحرم ؟ يجوز صيام شهر محرم كاملا إذا استطاع المسلم ذلك، وثبت في السنة النبوية أن أفضل الصيام بعد رمضان الصيام في شهر المحرم، ويشتمل شهر المحرم على صيام يوم عاشوراء وتاسوعاء والحادي عشر من شهر المحرم، وود أن صيام عاشوراء يكفر ذنوب السنة التي قبله.

 

وقالت دار الإفتاء، إنه لا مانع شرعًا من صيام شهر المحرم كاملًا؛ لأن الصيام مندوب فيه، وكذا بقية الأشهر الحرم، وأفضلها المحرّم؛ وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ» رواه أبو داود والترمذي.

 

هل  صيام أول يوم محرم كفارة لذنوب 50 سنة؟


توجد رواية المنتشرة بأن صيام أول يوم محرم كفارة لذنوب 50 سنة مكذوبة ولم تثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ونص الرواية المكذوبة ليحذر الناس منها: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا قُطْبُ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَأَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَقَدْ خَتَمَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةِ وَافْتَتَحَ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ بِصَوْمٍ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ كَفَّارَةَ خَمْسِينَ سَنَةً»، مشيرًا إلى أن ابن الجوزي رواها في الموضوعات (2/199)، مؤكدًا أن الْهَرَوِيّ هُوَ الجويباري، ووَهْب، كلاهما كذاب وضاع.

 

حكم صيام شهر المحرم

 

أفاد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأنه يُستحَبُّ الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم، مستشهداً بما روي فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ» أخرجه مسلم.

 

فضائل شهر المحرم

 

فضائل شهر المحرم، وهي أولا: هو أول شهر من الأشهر الهجرية، وأحد الأشهر الأربعة الحرم، وأفضلها، وذكر الله تعالى الأشهر الحرم في قوله: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم» (التوبة:36).

 ثانيا الصوم فيه يلي في الفضل صوم شهر رمضان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» أخرجه مسلم.

ثالثا: حدث فيه أمر عظيم ونصر مبين، أظهر الله فيه الحق على الباطل؛ حيث نجى فيه موسى -عليه السلام- وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة، ومنزلة قديمة.

 رابعا: اشتماله على يوم عاشوراء، الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر صيام سنة ماضية، وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى صيامه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء».

أحكام شهر المحرم


أولاً: تحريم القتال فيه:

فمن أحكام شهر الله المحرم تحريم ابتداء القتال فيه؛ قال ابن كثير رحمه الله: وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام: هل هو منسوخ أو محكم؟ على قولين:

أحدهما، وهو الأشهر: أنه منسوخ؛ لأنه تعالى قال هاهنا: «فلا تظلموا فيهن أنفسكم» وأمر بقتال المشركين.

والقول الآخر: أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام، وأنه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام؛ لقوله تعالى: «الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» وقال: «فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين».

 

وكانت العرب تعظمه في الجاهلية، وكان يسمى بشهر الله الأصم؛ من شدة تحريمه.. والصوم في شهر محرم من أفضل التطوع؛ فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل».

 

 فضل صيام شهر المحرم 

بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل صيام شهر الله المحرم بقوله: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم»، واختلف أهل العلم -رحمهم الله- في مدلول الحديث: هل يدل الحديث على صيام الشهر كاملا أم أكثره؟ وظاهر الحديث -والله أعلم- يدل على فضل صيام شهر المحرم كاملا، وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كله؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان» أخرجه مسلم، ولكن قد يقال: إن عائشة رضي الله عنها ذكرت ما رأته هنا، ولكن النص يدل على صيام الشهر كاملا.

 

ثالثا: شهر الله المحرم ويوم عاشوراء:

عاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر محرم؛ ولهذا اليوم مزية، ولصومه فضل، قد اختصه الله تعالى به، وحث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

لماذا صيام تاسوعاء قبل عاشوراء؟


أولًا: أن المراد منه مخالفة اليهود فى اقتصارهم على العاشر.

ثانيًا: أن المراد وصل يوم عاشوراء بصوم.

ثالثًا: الاحتياط فى صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع فى العدد هو العاشر فى نفس الأمر.

 

سبب صيام يوم عاشوراء

 

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من محرم، وهو اليوم الذي نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، فصامه موسى شكراً لله تعالى، وصامه نبينا صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: (مَا هَذَا؟)، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ" رواه البخاري.

وفي هذا الحديث دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين هم أولى الناس وأحقهم بموسى عليه السلام وبسائر الأنبياء والمرسلين؛ لأنهم آمنوا بجميع الرسل والأنبياء، ولا يفرقون بين أحد منهم، ويحبونهم ويعظمونهم ويحترمونهم، وينصرون دينهم الذي هو الإسلام لله رب العالمين.

وصيام يوم عاشوراء سَنَّهُ نبينا صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة وقد رغّب فيه، فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: " مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ، يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ" رواه البخاري ومسلم، ولقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (صَوْمُ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ سَنَةٍ قَبْلَهُ وَسَنَةٍ بَعْدَهُ، وَصَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ) رواه النسائي في [السنن الكبرى].

والأكمل للمسلم لينال عظيم الأجر والثواب من الله تعالى أن يصوم ثلاثة أيام، وهي التاسع والعاشر والحادي عشر من محرم، كما ذكر جمع من العلماء، كالشافعي وغيره، فإن لم يتيسر له ذلك صام مع يوم (عاشوراء) اليوم الذي قبله، أو الذي بعده، فإن اقتصر على (عاشوراء) فقط جاز ذلك، وكل ذلك خير، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "يوم (عاشوراء) وهو عاشر المحرم، ويستحب أن يصوم معه (تاسوعاء) وهو التاسع" انتهى من [روضة الطالبين].. وعلى هذا؛ فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر معه. 

 

فضل يوم عاشوراء


صيام يوم عاشوراء هو اليوم الذي أنجى الله تعالى فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه؛ فصامه موسى شكرا، ثم صامه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون؛ فنحن نصومه تعظيما له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نحن أولى بموسى منكم، فأمر بصيامه»، وفي رواية لمسلم: «فصامه موسى شكرا، فنحن نصومه…»، وللنبي صلى الله عليه وسلم في صيام عاشوراء أربع حالات:

 

الحالة الأولى في صيام عاشوراء:

أنه كان يصومه بمكة، ولا يأمر الناس بالصوم؛ ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه، فترك صوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء أفطر». وفي رواية للبخاري: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شاء فليصم، ومن شاء أفطر».

الحالة الثانية في صيام عاشوراء:

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له -وكان يحب موافقته فيما لم يؤمر به- صامه وأمر الناس بصيامه، وأكد الأمر بصيامه، وحث الناس عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم.

الحالة الثالثة في صيام عاشوراء:

أنه لما فرض صيام شهر رمضان، ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بصيام يوم عاشوراء؛ لما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن عاشوراء يوم من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه». وفي رواية لمسلم أيضا: «فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كره فليدعه».

الحالة الرابعة في صيام عاشوراء:

أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم في آخر عمره على ألا يصومه منفردا، بل يضم إليه يوم -التاسع-؛ مخالفة لأهل الكتاب في صيامه؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع»، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فضل صيام عاشوراء


فضل صيام يوم عاشوراء، فقد دل عليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو قتادة رضي الله عنه، وقال فيه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»، ولو صام المسلم اليوم العاشر لحصل على هذا الأجر العظيم، حتى لو كان مفردا له، من غير كراهة، خلافا لما يراه بعض أهل العلم، ولو ضم إليه اليوم التاسع لكان أعظم في الأجر؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لئن بقيت أو لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع».

وأما الأحاديث التي وردت وفيها صيام يوم قبله وبعده، أو صيام يوم قبله أو بعده؛ فلم يصح رفعها للنبي صلى الله عليه وسلم، والعبادات -كما هو معلوم- توقيفية، لا يجوز فعلها إلا بدليل، وقد يستأنس بما ورد في ذلك؛ فقد صح بعض هذه الآثار موقوفا على ابن عباس رضي الله عنه؛ ولهذا لا يثرب على من صام عاشوراء ويوما قبله ويوما بعده، أو اكتفى بصيامه وصام يوما بعده فقط


 

تابع موقع تحيا مصر علي