بعد وفاة السادن الـ77.. من هم عائلة الشيبي ولماذا منحهم النبي مفتاح الكعبة حتى قيام الساعة؟
ADVERTISEMENT
ودع العالم الإسلامي يوم الجمعة، كبير سدنة الكعبة صالح الشيبي الذي توفي عن عمر يناهز الـ80 سنة، بعد عقود قضاها حاملاً مفتاح الكعبة، طبقاً لتقاليد وارث العائلة الممتد لقرون، ويصنف الراحل السادن الـ77 للبيت الحرام المعظم لدى المسلمين منذ فتح مكة عام 630 (العام الثامن من الهجرة النبوية)، عندما سلم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حينها جد السدنة الحاليين مفتاح الكعبة، وقال لهم: "خذوها يا بني طلحة بأمانة الله – سبحانه - واعملوا فيها بالمعروف خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم".
عائلة الشيبي ومفتاح الكعبة
وحتى الآن عائلة الشيبي على إرثهم التاريخي، وظلوا سدنة للكعبة يحضرون مراسم ارتدائها كسوتها وغسلها، ويتولون فتحها للمسؤولين والزائرين، بالتنسيق مع الجهة المعنية بخدمة الحرم المكي والعناية بشؤونه، وكان صالح الذي يحمل درجة الدكتوراه من جامعة أم القرى، تسلم منصب السدانة الشرفي خلفاً لعمه عبدالقادر عام 1980، وظل ممسكاً به حتى وافته المنية، مما جعله يحظى بشرف غسل الكعبة نحو 100 مرة.
من يتسلم مفتاح الكعبة من عائلة الشيبي
العادة جرت بأن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة من عائلة الشيبي سناً، وهو السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم بوقت كاف ليتمكنوا من الحضور جميعاً إن أمكن ذلك أو بعضهم، وذلك ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر والأمراء وضيوفه الكرام، وفي الوقت الحاضر تغسل الكعبة من الداخل مرتين، وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة
تكلفة كسوة الكعبة المشرفة
وقال السادن الراحل في حوار سابق له، إن كلفة إنتاج كسوة الكعبة تبلغ نحو 25 مليون ريال سنوياً (6.7 مليون دولار)، بينما باب الكعبة الخارجي صنع من 278 كيلوغراماً من الذهب الخالص.
وأوضح الشيبي أنه يفتح باب الكعبة المشرفة مرتين في العام، ويحضر قبل أسبوع للغسل، مشيراً إلى أن هناك نوعاً من العود يستخدم لغسل الكعبة يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 40 ألف ريال سعودي، أي أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي.
قصة سدنة الكعبة المشرفة
تعد العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها من فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوّارها وكل ما يتعلق بذلك، مهمة شريفة ومهنة قديمة سميت بـ« سدانة الكعبة».
واختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بهذه المهنة - سدانة الكعبة- منذ أكثر من 16 قرنًا، أي قبل بدء الإسلام، ومنهم نسل أبناء آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين.
النبي إسماعيل أول سادن للكعبة
وبدأت هذه المهمة مع بناء النبي إبراهيم -عليه السلام- الكعبة المشرفة، فكانت «السدانة» بيد ابنه إسماعيل - السلام- ، الذي تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم -عليهما السلام-، كما قال تعالى: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» ثم اغتصبها منهم جرهم ، ثم اغتصبها خزاعة.
واستردها منهم قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلامًا، ولم تزل «السدانة» في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي، منذ أن أعاد لهم الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- مفاتيح الكعبة، وقال: «خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم».
قصة حامل مفتاح الكعبة بعد الإسلام
وكان عثمان بن طلحة «سادن» الكعبة، فلما دخل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مكة يوم الفتح، طلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المفتاح، فجيء به، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد قبض السقاية وسدانة الكعبة من العباس وأخذ المفتاح من عثمان، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت وصلى فيه ركعتين.
ولما خرج -صلى الله عليه وسلم- سأله العباس أن يعطيه المفتاح، ليجمع له بين السقاية وسدانة الكعبة، فأنزل الله تعالى هذه الآية من القران الكريم: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا» الآية 58 من سورة النساء.
وعندما جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ادعوا إلي عثمان بن طلحة» ، وقيل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعثمان، وهو يدعوه إلى الإسلام: «لعلك سترى هذا المفتاح بيدي أضعه حيث شئت»، فقال عثمان: «لقد هلكت إذا قريش وذلت»، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بل عمرت وعزت يومئذ »، ثم قال: « خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها إلا ظالم يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا بالمعروف». قال عثمان: « فلما وليت ناداني فرجعت إليه. فقال: « ألم يكن الذي قلت لك؟» فذكرت قوله لي بمكة فقلت: بلى، أشهد أنك رسول الله » فأعطاه المفتاح.
مفتاح الكعبة يحمله الأكبر سنًا حاليًا
وجرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنًا، ويسمى السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم، بوقت كاف ليتمكنوا من الحضور جميعًا إن أمكن ذلك أو بعضهم ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر والأمراء.
ويستعمل الناس مصطلحات أخرى مرادفة للسدانة هي ، الحجابة ، والخِزَانَةُ ، وهي في اصطلاح الإسلام : ولاية مخصوصة ، لقومٍ مخصوصين ، لشيءٍ مخصوص، فالمقصود بالولاية : خدمة الكعبة ، وكِسْوتها ، وتولي أمرها ، وفتح بابها وإغلاقه ، وهي مقدَّرة شرعًا لأناس مخصوصين.
ترتيبات سدنة الكعبة المعتادة
ويُذكر أن مهام السدانة هي مهام شريفة ولدى أسرة الشيبي حملة المفتاح تنظيمات وترتيبات بين أفراد هذه الأسرة، حيث تعطى السدانة للأكبر سنًا وله حق التوكيل والتفويض عند الظروف المختلفة، ويفيد عبدالقادر الشيبي كبير سدنة الكعبة المشرّفة حاليًا، إن الإعداد لغسل الكعبة يتم قبل شهر على الأقل من الموعد المحدّد لهذا الإجراء المتعارف عليه، فيما تتم كسوة قبلة المسلمين بثوب جديد في التاسع من ذي الحجة سنويًا.