عاجل
الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

حكم استعمال الكريمات أثناء الإحرام في الحج.. احذر من دفع الفدية

الإحرام في الحج
الإحرام في الحج

ما حكم استعمال الكريمات أثناء الإحرام؟ يعتاد البعض وضع بعض أنواع الكريمات على جسده بعد الغسل، وبعض هذه الكريمات ذات رائحة عِطْرية، فهل يجوز له ذلك؟  لا يجوز للمُحرِم في الحج أو العمرة وضع الكريمات ذات الرائحة العطرية التي تقصد للتطيب خاصة، أمَّا إن كانت لا تُستعمَل  للتطيب بنفسها، فيجوز استعمالها حال الإحرام، ولا حَرَج في ذلك، وليس على المُحرِم حينئذٍ فدية، والأولى عدم استعمال ذلك إلَّا عند الحاجة خروجًا مِن الخلاف.

 

 

حكم استعمال الكريمات أثناء الإحرام في الحج

 

وقالت دار الإفتاء، لا يجوز لا يجوز للمُحرِم وضع الكريمات ذات الرائحة العِطْرية التي تُقْصَد للتَّطيُّب خاصة، أمَّا إن كانت لا تُستعمَل للتَّطيُّب بنفسها، فيجوز استعمالها حال الإحرام، ولا حَرَج في ذلك، وليس على المُحرِم حينئذٍ فدية، والأَوْلَى عدم استعمال ذلك إلَّا عند الحاجة خروجًا مِن الخلاف.


 

بيان أن التطيب في البدن أو الثوب من محظورات الإحرام


اتفق الفقهاء على أنَّ مِن محظورات الإحرام: التَّطيُّب في البَدَن أو الثوب؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن رجلٍ سأله عَمَّا يَلْبَس الـمُحرِم: «لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَان» متفق عليه.. ونَقَل الفقهاءُ الإجماعَ على ذلك، كما ذَكَر العَلَّامة أبو الحسن ابن القَطَّان المالكي في "الإقناع" (1/ 258، ط. الفاروق الحديثة).

 

الحكمة من منع الطيب على المحرم


الحكمة مِن منع التَّطيُّب على المُحرِم أنَّ مِن شأنه تَرْك الزينة حال الإحرام، والتَّطيُّب ينافي ذلك، أَمَّا التطيب للإحرام قَبْل الدخول فيه فهو مِن السُّنَن ولا حَرَج فيه؛ ولذلك تقول أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "كنت أُطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت" متفقٌ عليه.

حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام عند الفقهاء


المقصود بالطِّيب كما ذَكَره الفقهاء: ما يُقْصَد ريحه غالبًا، بحيث يبقى ريحُه وأَثَرُه، ولذلك ينص العَلَّامة شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 158، ط. دار الفكر) على تفسير الطيب بأنَّه: [ما يظهر ريحه وأثره] .. وهو ما عَبَّر عنه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "الغرر البهية" (2/ 342، ط. المطبعة الميمنية) بقوله: [ما يُقْصَد ريحه غالبًا].

وعلى ذلك فما يُقْصَد للأكل أو الشُّرْب خارج عن ماهية التَّطيُّب المحظور على المُحرِم.. ومما يرتبط بذلك وَضْع الـمُحْرِم للأدهان -ومنه الكريمات محل السؤال- على بَدَنه، والفقهاء قد نصوا على حكم ذلك وفرقوا بين حالتين:

 

الحالة الأُولَى: أن يكون ما يُدْهَن به البَدَن مُطَيِّبًا، على تفسير الطِّيب كما سَبَق، فالفقهاء متفقون على مَنْع ذلك على المُحْرِم، ولو لعذرٍ، كما أفاده العَلَّامة علاء الدين الكَاسَاني الحنفي في "البدائع" (2/ 190، 191، ط. دار الكتب العلمية)، والعَلَّامة شمس الدِّين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 156)، والإمام محيي الدِّين النَّووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 133، ط. المكتب الإسلامي)، والعَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي الحنبلي في "شرح المنتهى" (1/ 542، ط. عالم الكتب).

 

والحالة الثانية: أن يكون ما يُدْهَن به البَدَن ليس مُطَيِّبًا، أو الطِّيب فيه غير مقصودٍ، فيرى الشافعيةُ جواز ذلك ولو من غير عُذْرٍ، وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة، وأحد قولي المالكية إن كان لعذرٍ، وهذا الجوازُ أيضًا هو قول الصاحبين مِن الحنفية إلَّا أنهما أوجبا التَّصدُّق في هذه الحالة ولم يلزموه بالفِدْية، وإيجابُ الصَّدقة لا ينافي الجواز.

 

ويرى الإمام أبو حنيفة مَنْع ذلك، وأَوْجب فيه الفِدْية، وهو قول المالكية إن كان لغير عذرٍ.

 

قال العَلَّامة فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" (2/ 53، ط. الأميرية) عند كلامه على الجنايات في الحج: [(أو ادَّهن بزيتٍ) يعني: يجب فيه الدَّم، وهذا عند أبي حنيفة... وقال أبو يوسف ومحمد: يجب عليه الصدقة؛ لأنَّه مِن الأطعمة، إلَّا أَنَّ فيه نوع ارتفاقٍ، بمعنى قَتْل الهوام وإزالة الشعث، فكانت جناية قاصرة].

وعند حكاية هذا الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه يُوضِّح العَلَّامة بَدْر الدين العَيْني الحنفي في "البناية" (4/ 329، ط. دار الكتب العلمية) أنَّ في الادِّهان المختلف فيه [لا فَرْق بين الرأس وسائر البدن].

 

وقال العَلَّامة أبو البركات الدَّرْدير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 60، ط. دار الفكر): [(و) حَرُم عليهما (دَهْن الجسد) لغير ضرورة... (بـمُطَيِّبٍ) راجع للجسد وما بعده، وهو متعلق بمقَدَّر، أي: وافتدى في دهنها بمُطَيِّب مطلقًا، (أو) بغير مُطَيِّبٍ (لغير علةٍ)، بل للتَّزيُّن، (و) بغير مُطَيِّبٍ (لها)، أي: للعلة، أي الضرورة مِن شقوق، أو مرض، أو قوة عمل (قولان) بالفدية وعدمها، لكن في الجسد] .

 

وفي سياق كلام الإمام النووي الشافعي على محظورات الإحرام، وأنَّ منه وضع الدُّهْن، الذي قد يكون منه المُطَيِّب وغير المُطَيِّب، يقول في "روضة الطالبين" (3/ 133) عند كلامه على الدُّهْن غير المُطَيِّب: [وأَمَّا غيرُه، كَالزَّيْتِ، والشَّيْرَج والسَّمْن والزُّبْد ودُهْنِ الـجَوْز واللَّوْز، فيَحْرُم استعماله في الرأس واللحية... ويجوز استعمال هذا الدُّهْن في سائر البدن شَعْره وبَشَره].

 

وقال العَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي الحنبلي في "شرح المنتهى" (1/ 542): [(أو ادَّهن) مُحرِمٌ (بـ) دُهْنٍ (غير مُطَيِّب)، كشَيْرَجٍ وزَيْتٍ نَصًّا، (ولو في رأسه أو بدنه) فلا إثم ولا فدية فيه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فَعَله... ولعدم الدليل على تحريمه، والأصل الإباحة] .

فالواضح من نصوص الفقهاء السابقة أنَّ الحنفية يحظرون اتفاقًا ادِّهان المُحرِم بالمُطيِّب، فإن كان الدُّهْن غير مُطيِّب، فهو كذلك عند أبي حنيفة، خلافًا للصاحبين.

ويتضح أيضًا أنَّ المالكية يحظرون على المُحْرِم دَهْن جسده بأيِّ مُطَيَّبٍ، سواء لعذرٍ أو لا، فإن كان الدُّهن غير مُطيِّب، فإن كان لغير عذرٍ مُنِع أيضًا، لكن لعلة التَّزيُّن المناقضة لحال المُحْرِم -وهو المعنى الذي من أجله منع دَهْن شَعْر الرأس واللحية عندهم-، وإن كان لعلةٍ فقولان في المذهب.

 

ويظهر أيضًا مِن هذه النصوص أنَّ الشافعية يحظرون على المُحْرِم دَهْن جسده بالمُطيِّب ولو لعذرٍ، أمَّا غير المُطيِّب فيجوز ولو من غير عذرٍ، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة في هذه الحالة الثانية.

 

وعلى هذا التأصيل يجري الحكم في الكريمات ذات الرائحة العِطْرية (محل السؤال)، فإن كانت هذه الكريمات ذات الرائحة العِطْرية تُقْصَد للتَّطيُّب خاصة، أي: لا وجه فيها إلا الطِّيْب، فلا يجوز استخدامها للمُحْرِم؛ لأنَّه من التَّرفُّه والزينة المحظورين على المُحْرِم.

 

أَمَّا إن كانت لا تُستعمَل للتَّطيُّب خاصة، أي: لا يُقْصَد منها عادة الرائحة العِطْرية التي فيها: فلا مانع منها، ولا يحظر استعمالها على المُحْرِم، اختيارًا لمذهب الشافعية والحنابلة وقول الصاحبين من الحنفية، لا سيما وأنه أحد قولي المالكية حال العُذْر، وهذا الاختيار مبناه على السَّعَة في مسائل الحج خاصة، وأنَّ الأصلَ في مسائل العبادات حَمْل أفعال المسلمين على الصِّحة وحصول الثواب ما أمكن ذلك.

 

معنى الإحرام في الحج

الإحرام هو أن ينوي الحاج الإحرام -الدخول في نسك الحج- بِقَلبِهِ، مستحضرًا النية لذلك، وسبب تسميته بالإحرام لأن الحاج بمجرّد الدخول فيه يحرّم عليه أمورًا كانت محللة له، وقد تعددت آراء الفقهاء في حكم التلبية عند الإحرام بين الاستحباب والفرضيّة، والمشهور عند جمهور العلماء القول باستحبابها.

 

محظورات الإحرام للعمرة والحج

 

أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، محظورات الإحرام للعمرة والحج: وهي الأشياء التي يحرم على المسلم فعلها أثناء إحرامه وإذا فعلها وجب عليه التوبة والكفارة عن بعضها، كل فعل بما يناسبه من الكفارة وهذه المحرمات منها :

ما يحرم على الرجل: لبس المخيط وكل ما نسج مخيطا بالجسم أو ببعض الأعضاء كالجوارب ، ويحرم عليه وضع غطاء على الرأس وتغطية وجهه، ولبس حذاء يبلغ الكعبين.

يحرم على المرأة المحرمة ستر الوجه بستر يلامس البشرة، لبس قفازين، وتلبس سوى ذلك لباسها العادي.

 ما يحرم على الرجال والنساء : الطيب وأي شيء فيه طيب، وإزالة الشعر من الرأس ومن أي موضع في الجسم، واستعمال الدهن الملين للشعر أو الجسم - ولو غير مطيب - وتقليم الأظفار، والصيد والجماع ودواعيه المهيئة له، والرفث  «أي : المحادثة بشأنه» وليجتنب المحرمون الفسوق أي : مخالفة أحكام الشريعة ، وكذا الجدال بالباطل.

ويجب في ارتكاب شيء من محظورات الإحرام الفدية والكفارة، وفي الجماع خاصة فساد العمرة والكفارة والقضاء، عدا ما حرم من الرفث والفسوق والجدال ففيها الإثم والجزاء الأخروي فقط.

يكره في إحرام العمرة ما يكره في إحرام الحج، مثل تمشيط الرأس أو حكه بقوة، وكذا حك الجسد حكا شديدا، والتزين.

تابع موقع تحيا مصر علي