عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

ذكرى رحيل سيد مكاوي.. ابنته تحييها بكلمات وذكريات مؤثرة

سيد مكاوي وابنته
سيد مكاوي وابنته

تحل ذكرى رحيل سيد مكاوي ال 27، اليوم الأحد الموافق 21 أبريل حيث أنه رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 1997.

ذكرى رحيل سيد مكاوي 

وحرصت أميرة سيد مكاوي ابنة الراحل سيد مكاوي على إحياء ذكرى وفاته التي يرصدها تحيا مصر، وذلك بنشرها صورة تجمعهما عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وعلقت عليها قائلة: ٢١ إبريل ١٩٩٧ غاب أبو السيد جسًدا، ربنا يسعده في الجنة ٢٧ سنة والفقد بيكبر؟ وجملة لو كان بابا موجود مكانش ده حصل بتتكرر كل يوم  عذرا أنا لا أؤمن باحياء ذكرى الغياب.

سيد مكاوي 

ابنة سيد مكاوي تستعيد ذكرياتها معه في ذكرى رحيله

وتابعت ابنة سيد مكاوي: مش هتشوفي حاجة هكذا أجابني أحدهم حين طلبت أن أدخل الغرفة فأجبته: مش مشكلة فلم أكن أعرف وأنا التي قاربت ربع قرن ما يعنيه الرجل ولا معنًى لإجابتي  وجدته ملفوفًا في قماشة بيضاء، نحيلًا من تحت عباءة الموت كان أول مشهد للكفن تراه عيني، وأول ملمح لغيابه يصدمني قبل دقائق كنت أجلس بجواره وهو "ميت" كما يزعمون، أحكي له وأطمْئِنُه أن لا يخاف، وتلك الابتسامة الهادئة على وجهه لا تذبل، فقط حرارة جسمه تتناقص ولا أراه يشعر ببرد، والابتسامة لا تفارقه، لماذا ألبسوك هذه العباءة البيضاء وأحكموا إغلاقها عليك وجعلوا رؤية وجهك مستحيلة؟ ما الذي جعلك تصلّين لي الركعتين بعد أن حدّثوكِ أن لا أمل وأنني لم أعُد حيًّا؟ تَلَفَّتُّ حولي فإذا أنا وحيدة على الأرض مع الجسد المسجَّى في العباءة البيضاء! لقد بدأ اضطراب غيابك يظهر عليّ يا أبو السيد.. أتحدّثني وأنت لست على قيد الحياة؟ أغمضت عيني وقرأت الفاتحة فإذا صوته يسكنني كأنه يتحدث من داخلي.

سيد مكاوي وزوجته

وأضافت في ذكرى رحيل سيد مكاوي، إيه اللي جرَّاكي كده تصلّي ركعتين؟ "تصدّق مش عارفة"، هكذا أجبت  قومي شوفي لنا الدنيا بره إيه حكايتها وتعالي قولي لي خرجت من باب غرفتي حتى أنفّذ ما طلب مني كعادتي معه  نعم غرفتي لا تعتقد عزيزي أنني أهلوس أطفأ ملك الموت أجهزة أبي وقبض روحه في غرفتي أنا. ربما اعتقد البعض أنها مصادفة، ولكنني الآن بعد ما يقارب ثلاثين عامًا على الرحيل لم أعُد أرى للصدفة محلًّا، فقد أصبحت على يقين من أن القدر هو الذي أراد لي أن أكون شاهدة على كل انتكاساته الصحية، وأن أكون أنا وحدي مَن يرى أوراقه تتساقط واحدة تِلْو أخرى على فترات زمنيه متباعدة، وأن أكون أنا الوحيدة التي بجانبه.

ماذا قالت ابنة سيد مكاوي في ذكرى رحيله؟ 

واستطردت نجلة سيد مكاوي، كنت معه وحدي في العاشرة من عمري حين سقط أمامي على سُلّم مترو الأنفاق في مدينة قساة القلوب لندن، ظللت أصرخ وأنادي "بابا" وأنا أراه يتكور على نفسه ويلتهمه السُّلَّم الطويل جدًّا حتى وصل إلى منتهاه. لم يُصَبْ بأي عَرَض جسديّ، ولكن الندبة النفسية التي تركتها فكرة السقوط أمامي ظلّت محفورة في وجدانه... إلى أن أطلق سراحها في إحدى جلساتنا السرية التي لا يعلمها سوانا، كنت أنا الشاهدة على زيارات الطبيب في المنزل لقياس تَدَهوُر سَمْعه نتيجةَ الجلوس في الاستوديوهات حين كان صغيرًا، كنت مساعدةً للطبيب، وتلك المُلِحَّة بمئات الأسئلة للاطمئنان عليه، وحين داهمته الأزمة القلبية اللعينة كنت أنا أول من سمع آهات صرخات قلبه ليلًا، حينها كنت أنا ابنة السابعة عشرة أذاكر للثانوية العامة، وحين اعترضَت رئتُه على كمّ التلوُّث المحيط وسلّمَت رايتها بأنها لم تعُد كُفأَة للعمل. في احتفالات العيد ببلد الحياة بيروت كنت أنا صاحبته وصحبته. ومعي أربعه وعشرون عاما أحملها على كتفي، وعاد من مستشفى الشرطة بالعجوزة لينام في غرفتي لكي يرحل من مكاني لا من مكانه. خرجتُ من الغرفة فوجدتهم في عالَم آخر، منهم من ينتحب ومنهم من يُجرِي مجموعة من الاتصالات.

ولفتت في ذكرى رحيل سيد مكاوي، ناس رايحه بنوك وناس بتخلّص ورق. زيطة وزمبلبيطه في الصالون، وأنا لا أبكي، وأطمْئِنُ الجميع أنه بخير، حاولت إقناعهم أنه تناول إفطاره وصلّى الفجر قبل أن تذهب روحه إلى بارئها، وأن هذه علامة طيبة، كما أنه عائد لتوّه من الحج الذي أدّاه نيابة عنه زوج شقيقتي... والجميع ينظر إلى تلك البلهاء الصغيرة في الخبرة والسنّ ويتعجّب مما تقول، بل إن بعضهن بدأ في إعطائي التعليمات الواجبة في مثل هذه الظروف: يجب أن لا أجيب الهاتف (علشان الناس تعرف إننا متضايقين) لا تبتسمي في وجه أحد اجلسي في مكان واحد. كفاية تطمّني الناس، المفروض هما اللي ييجوا يطمّنوكي ذهبت إليه وقلت له: "اطمّن"، وحكيت له بالتفصيل ما يحدث في الخارج.

واستكملت أميرة سيد مكاوي في ذكرى رحيل سيد مكاوي، الآن أعرّف نفسي هكذا قبل رحيله كنت أكتفي بـ"أميرة مكاوي". كانت تتملّكني رعونة الشباب أنني أنا وحدي دونه أستطيع أن أكون... "كيف يا مخبولة وأنت قطعة مني خالصة، بك اكتملَت الحكاية بعد أن أتيتِ إلى الحياة؟"، داعبته وأنا ممسكة براحة يده التي طالما طابقتها على راحتي في دهشة طفولية أن يدَيّ نسخة مكرَّرة من يديه. يبتسم ويلامس ذقني ويقول: "دقنك حلوة، ينفع آخد دقنك وأديكي دقني؟"، حديث دار بيننا في بيروت وأنا أساعده في ارتداء ملابسه قبل أن يذهب للغناء في إحدى الخيام التي أقيمت للاحتفال بالعيد المبارك، أبتسم الآن كثيرًا حين أستعيد حكايات كثيرين بعد رحيله. 

تابع موقع تحيا مصر علي