إقرار مشروع قانون الإدارة المحلية الجديد "ضرورة"
ADVERTISEMENT
خلال جلسات الحوار الوطني، وتحديدًا فيما يتعلق بمناقشات قانون الإدارة المحلية، كانت هناك حالة من الإجماع الشديد على أهمية أن نكون أمام قانون جديد للإدارة المحلية في مصر، وفي حقيقة الأمر حالة الإجماع هذه فرضت نوعًا من (السرعة الإيجابية) في التوافق على النظام الانتخابي بما يتوافق مع نصوص الدستور وتحديدًا المادة 180 المنظمة للمحليات من دستور عام 2014.
وحالة التوافق حول النظام الانتخابي مع التزامها بنصوص الدستور جاءت لتقدير الأحزاب المشاركة في المناقشات، وعلى رأسها حزب مستقبل وطن، لأهمية التحديات التي تمر بها الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة، واحتياجها لوجود المجالس المحلية في أقرب وقت لتمارس دورها الرقابي على الجهاز التنفيذي، وهو الدور الذى كنا نفتقده خلال السنوات الماضية، ويقوم به مجلس النواب، ومن ثم وجود المجالس المحلية سيكون عودة للمدرسة التي تُعلم الناس المسؤولية وتُوفر الوقت والجهد على المُشرعين في مجلسي النواب والشيوخ، للتركيز على القضايا العامة، ومن ثم القضايا المحلية التي تهم المواطن بشكل مباشر.
وبجانب تقدير الأحزاب للتحديات وتوافقها على النظام الانتخابي للمحليات ما بين القائمة المطلقة المغلقة بنسبة 75%، والقائمة النسبية المنقوصة بنسبة 25% بحد أدنى ثلاثة أفراد في تلك القائمة، هناك العديد من الأسباب الأخرى التي قد نتطرق لها من أجل الوصول إلى هذا التوافق، ولكن ما يشغلنا الآن هو ما بعد هذا التوافق، والذى أتصوره في أن نكون أمام كوادر قادرة على خوض العملية الانتخابية، ومصر بها الكثير من الكوادر في مختلف الأحزاب المصرية والشباب في مختلف المحافظات، وهو أمر يفرض عليهم مسؤولية كبير في التدريب والتأهيل والوعي بالعملية الانتخابية من ناحية وبالعمل المحلي من ناحية أخرى.
وأيضا بجانب التأهيل والتدريب والمسؤولية المشتركة لجميع الأطراف يكون الدور الأكبر والأهم على الحكومة بضرورة تحريكها للمياه الراكدة في هذا الملف، خاصة أنها تعمل على تنفيذ توصيات الحوار الوطني خلال الفترة الحالية، وفقًا لتوجيهات الرئيس، وأتصور أن إرادة الجميع متوفرة لوجود قانون الإدارة المحلية، وهو الخطوة الأولى نحو وجود المجالس المحلية من الأساس، وبالتالي لابد أن يكون لدى الحكومة حرص على إنهاء هذا المشروع وإحالته لمجلس النواب، خاصة أنه من المعروف للجميع أن أروقة الحكومة ومجلس النواب بهما العديد من مشروعات القوانين والمليئة بكثير من الأفكار، والخلاف الأساسي لتأخير التوافق على أي منهما كان النظام الانتخابي، ومن منطلق أن النظام الانتخابي تم التوافق عليه فبالتالي إنجاز باقي النصوص أمر لا جدال فيه، ومن ثم أؤيد أن يكون مشروع قانون الإدارة المحلية أولى التشريعات التي يعمل البرلمان على إنجازها بعد إحالته من الحكومة في ضوء العمل على تنفيذ توصيات الحوار الوطني.
لابد أن يدرك كل من في الحكومة ومن في البرلمان أيضا أن إقرار قانون الإدارة المحلية الآن ليس معناه إجراء الانتخابات الخاصة بالمحليات في نفس الوقت، لأن أي انتخابات تحتاج للوقت والجهد والإعداد، ومن ثم علينا الانتهاء من القانون أولًا ومن بعده الانتقال للجزء الخاص بالانتخابات، بجانب أن قانون الإدارة المحلية ليس هو الانتخابات فقط، لأن القانون به الكثير من النقاط الأخرى التي تستهدف تطبيق اللامركزية، وهذا تحدٍ كبير وأيضًا آليات اختيار القيادات المحليات وهذا تحدٍ أكبر، وغيرها من الملفات المهمة الأخرى التي تهم الإدارة المحلية في الأساس على المستوى التنفيذي وليس الإطار الخاص بالمجالس المتعلق بالانتخابات، وبالتالي القضية أكبر في ضوء التحديات التي نمر بها جميعًا، وتتطلب منظومة محلية أفضل من الحالية سواء على الجزء الخاص بالإطار التنفيذي أو أيضا تحتاج المجالس المحلية حتى تكتمل الدائرة ما بين التنفيذ والرقابة.
إن فرصة إنجاز قانون الإدارة المحلية حانت الآن، وعلى الجميع التكاتف لإنجازها، وأعتقد أن البرلمان الممثل لجميع الشعب المصري لن يمانع في مناقشة وإقرار هذا التشريع المهم خاصة مع التوافق الذي تم عليه في الحوار الوطني وأتصور بأن الجميع يدرك أن مثل هذه التشريعات سواء المتعلقة بالمحليات أو المجالس النيابية سيكون هناك حرص من جانب الحكومة أن تكون معدة تشريعيًا من جانبها دعمًا للتوافق أيضا…..
وأتصور بأن مصر في الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حريصة على ذلك وتعمل على ترجمته بأرض الواقع، والجميع يرى ما حدث ويحدث في الحوار الوطني.
في النهاية؛ العمل المحلي مسئولية كبيرة ونحتاج إليه في مصر خلال الفترة الأخيرة، والوعي به ضرورة لدى المواطن خاصة أن المحليات تتعامل مع كل ما يهم المواطن بشكل يومي، وبكافة الاحتياجات الخاصة به، وبالتالي أتمنى أن لا نهدر هذه الفرصة السانحة الآن للانتهاء من هذا الملف الذى يحتاجه الجميع وفى القلب منه المواطن المصري.