رأس الحكمة واستعادة الثقة الغائبة
ADVERTISEMENT
بين عشية وضحاها تحولت دفة الأخبار عن الاقتصاد المصري في وكالات الأنباء العالمية من تقارير تشاؤمية ترسم طريقًا وعرًا لخروج الاقتصاد المصري من عثرته الحالية، إلى تقارير مبشرة تحتفي بالقدرات الكامنة وتنبئ بمستقبل أكثر تفاؤلًا وأملًا في تخطي تلك العثرات، وذلك عقب السيولة الدولارية الضخمة التي ستضخ في شرايين السوق بفضل الصفقة الأكبر في تاريخ مصر، وهي تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة، والتي جاءت في توقيت بالغ الحساسية، حيث كان الاقتصاد يعاني من ندرة في النقد الأجنبي، لتوفر الصفقة الجديدة ما يقرب من 35 مليار دولار خلال شهرين.
وهو مبلغ كافٍ في حد ظني لتتحرك معه الحكومة والبنك المركزي لإحداث توازن في أسواق الصرف، ولتكون أموال رأس الحكمة التي ستحولها "إية دي كيو القابضة الإماراتية" هي ضربة البداية الموجهة ضد السوق الموازية، وتعقبها تمويلات أخري من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي بما يضمن تغطية احتياجاتنا من العملة الصعبة وسداد التزاماتنا الخارجية خلال العام.
اللافت للنظر هنا طبيعة النشاط الاقتصادي الذي نجح في أن يجتذب كل تلك المليارات من الدولارات، وهو نشاط التطوير العمراني - الحصان الأسود للاقتصاد المصري- والذي نجح خلال كل تلك السنوات في أن يقود حركة النمو والتوظيف وهو الآن أيضًا يحمل بوادر الأمل مجددًا لحل أزمة نقص العملة الأجنبية.
من المهم أيضًا النظر إلى الآلية التي اعتمدت عليها الحكومة في إتمام الصفقة، والتي تعكس تغيرًا جوهريًّا في طريقة التفكير، وهو طرح المدينة بنظام المطور العام الذي يلعب دورًا في الإسراع بعمليات التنمية الشاملة دون تحمل موازنة الدولة مليمًا واحدًا، بل إنها ستحصل على أرباح سنوية بنحو 35٪، ليس ذلك فحسب بل إن قطاعي التطوير العقاري والمقاولات سيكونان الرابح الأول من هذا المشروع، حيث سيوفر فرصًا استثمارية كبيرة للمطورين من مصر وخارجها الذين يستهدفون توسيع محفظة مشروعاتهم، فضلا عن الطفرة المتوقعة في القطاع الصناعي؛ حيث يعد قطاع التطوير العقاري قاطرة تجر وراءها أكثر من 100 صناعة مختلفة.
المدينة أيضا بما تضمه من مكون فندقي ضخم ستكون قادرة على وضع مصر على خريطة السياحة الترفيهية العالمية، وجذب ما لا يقل عن 8 ملايين سائح بشكل سنوي.
كل ما سبق يؤكد الدور الريادي للتنمية العمرانية وشركات التطوير العقاري، والتي تقف في كل الأوقاب بجانب الاقتصاد المصري، ما يستدعي دائمًا من الجانب الحكومي النظر إلي المعوقات التي تواجه القطاع بشكل مستمر والعمل علي حلها سريعا..
وقد خلقت رأس الحكمة حالة من الأمل وأعادت الثقة لدى مجتمع الأعمال وهذه الفرصة تحتاج من الحكومة التحرك في حل كافة المشكلات لتعزيز هذا الشعور الإيجابي، ولكي يواصل القطاع الخاص وقطاع التطوير العقاري دوره في التنمية.
والعام الماضي قدمت الحكومة مجموعة من الحوافز المهمة والضرورية ولكن مازالت القائمة تنطوي على العديد من المطالب الأخرى التي يجب أن تسعى الحكومة للتعامل السريع معها.