مفاوضات عسيرة تصل بقمة المناخ إلى اتفاق تاريخي للتخلص من الوقود الأحفوري
ADVERTISEMENT
أخيرا وبعد أن امتدت المفاوضات لعدة ساعات أخرى إثر انتهاء الموعد المحدد لمؤتمر المناخ الثامن والعشرين، أعلن سلطان الجابر رئيس مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب(28 اليوم التوصل إلى أول اتفاق تاريخي بالتوافق بين الدول يمكنه أن يدفع العالم للمرة الأولى إلى التحول بعيدا عن استخدام الوقود الأحفوري لتجنب التأثيرات الأسوأ لتغير المناخ وذلك "بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة... لتحقيق هدف صفر انبعاثات بحلول عام 2050 بما يتماشى مع العلم". وقد تابع الحاضرون في المؤتمر الأجواء المتوترة خلال المفاوضات العسيرة التي امتدت لساعات الفجر الأولى من هذا اليوم.
ودعا البيان الختامي إلى مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030، وتسريع الجهود المبذولة للحد من استهلاك الفحم، وتسريع استخدام تقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه التي يمكن أن تحول قطاعات يصعب إزالة الكربون منها إلى قطاعات نظيفة. وعند افتتاح الجلسة العامة الختامية، تبنَّى المندوبون القرار الذي أعدّته دولة الإمارات بتصفيق من الحاضرين. وقال الجابر "إنه قرار تاريخي لتسريع العمل المناخي."
ودعت وثيقة ختامية مكونة من واحد وعشرين صفحة الدول إلى التخلي عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة لديها. وكانت أكثر من 100 دولة قد دعت سابقا إلى التخلص التدريجي الكامل من الوقود الأحفوري. كما تضمنت الوثيقة هدفاً مهمًا يتمثل في مضاعفة القدرة على استخدام الطاقات المتجددة بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 وزيادة وتيرة كفاءة استخدام الطاقة خلال هذه الفترة. وقد تعهدت دول مجموعة العشرين بالعمل لتحقيق هذا الهدف بالفعل.
كانت رئاسة مؤتمر المناخ قد نشرت في وقت سابق أمس مسودة للبيان الختامي أثارت عاصفة من الاحتجاجات من جانب العديد من الدول، والتي انتقدتها باعتبارها ضعيفة للغاية؛ وعلقت عليها ألمانيا والاتحاد الأوروبي بأنها غير مقبولة، على الرغم من أن دول السوق الأوروبية المشتركة نفسها قد واجهتها انتقادات حادة من ناشطي البيئة خلال هذا المؤتمر بسبب لجوئها في 2022 إلى زيادة استهلاك الفحم الحجري وعقدها صفقات جديدة تعوض الإمدادات الروسية بعد الحرب الأوكرانية، وهو ما أضعف موقفها ومصداقيتها وفضح التناقض في السياسة الأوروبية.
وكانت الدول المصدّرة للنفط قد تمسكت طيلة المفاوضات بموقفها الرافض لأي نصّ يتضمن التخلي عن الوقود الأحفوري في حين اعتبر العديد من الدول والناشطين أن عدم التوصل لاتفاق في هذا الملف الخطير يعدُّ "أقل من الطموحات المعقودة على قمة دبي." وحاولت الإمارات بذل جهود كبيرة مع كافة الأطراف لتحقيق اختراق يلبي الطموحات. لذلك، اقترحت مسودة اتفاق جديدة عكف على مناقشتها المندوبون طوال ساعات الليلة الماضية حتى التوصل لاتفاق بالتوافق بين الدول واعتبرها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والدول الجزرية الصغيرة وعدد من دول أمريكا الجنوبية تستجيب للأزمة المناخية المتفاقمة. كما رحبت بها المملكة العربية السعودية، أكبر الدول المصدرة للنفط بعد أن ظلت طيلة الساعات الماضية مع دول نفطية أخرى ترفض التخلص من الوقود الأحفوري وتفضل بدلًا عنه استخدام التقنيات الحديثة لاحتجاز الكربون كطريقة للحد من الانبعاثات. وقال ممثل السعودية في الجلسة الختامية إن الاتفاق سيساعد العالم على الحد من ارتفاع حرارة الأرض إلى المستوى المستهدف وهو 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية والمنصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015. لكنه كرر موقف بلاده والدول المنتجة للنفط بأن مواجهة تغير المناخ تتعلق بخفض الانبعاثات.
وهكذا فإن الدرس الأهم لهذه القمة في نظر الكثير من المشاركين وخاصة نشطاء المناخ يتمثلُ في أهمية المفاوضات ونوعيتها وأنها مهما كانت ماراتونية وعسيرة يمكن أن توصل لاتفاق إذا توفرت الإرادة ومهارة المتفاوضين. ومن المرجح أن يستفيد الجميع من هذا الدرس مع بداية فصل جديد من المفاوضات حول قضايا المناخ التي ستطرحها القمة المقبلة في أذربيجان.