ياسر حمدي يكتب: ألم يئن للعرب أن يتحدوا !!؟
ADVERTISEMENT
كلنا يتصدى للعدو الصهيوني المعتدي على قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، لكن بالكلام وأقل من الكلام، بل بأقل من أضعف الإيمان الذي حث عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فها هي غزة تقع تحت ضربات جوية إجرامية عنصرية حاقدة، من قبل الطيران الإسرائيلي المحتل الغاشم، ويتم نصرتها فقط بسيمفونيات من الإستنكار والشجب والإدانة.. إستنكر الملك الفلاني، وشجب الرئيس العلاني، وإعترض الأمير التركاني، ولم نرى موقف عربي موحد يهدد الغرب بحل القضية، ويضغط على المحتل الغاشم للوقف الفوري لإطلاق النار.
إن صمت المجتمع الدولي تجاه المجازر الوحشية التي تقوم بها قوة الإحتلال الغاشمة في قطاع غزة شجعها على التمادي في جرائمها الشنيعة بحق الفلسطينيين، واستمرار هذا التخاذل الدولي غير المبرر، يمثل سند غير أخلاقي وغير إنساني لجرائم إبادة جماعية بحق شعب أعزل، وكشف عن الوجه القبيح للدول التي تدافع عن حقوق الإنسان على منصات المحافل والمؤتمرات، وتتغافل عن القانون الدولي والإنساني عند الحاجة الفعلية إليه لحماية أرواح المدنيين.
مجرمي الحرب في سلطة الإحتلال لن يتوقفوا عن أعمالهم الإجرامية مالم يدركوا أن هناك ضغوط حقيقية وتكاتف من قبل الوطن العربي لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، طالما أن العالم أصم أذانه وغض طرفه بهذا الشكل الواضح، ومع الدعم المؤكد والمعلن للولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب للكيان الصهيوني في شن الحرب والقضاء على سكان غزة، فلماذا لا يقابله دعم وموقف عربي موحد يتسم بالقوة والتهديد بالتصعيد على كافة الأصعدة والمستويات؟.
ما يمارسه الإحتلال الصهيوني الغاشم الآن في غزة إرهاب أعمى، وانتهاك واضح لكل المواثيق والأعراف القانونية والإنسانية، وعلى العالم العربي الإتحاد واتخاذ الإجراءات الحاسمة لوقفه فورًا، فالتاريخ لن يرحم كل من تخاذلوا في الدفاع عن الفلسطينيين الأبرياء، وكل من دعم استمرار هذا الإرهاب الصهيوني، وعلى أحرار الوطن العربي إيجاد حل فوري لإنقاذ هذا الشعب المظلوم الذي يمارس ضده مجزرة إنسانية لم يعرف التاريخ الإنساني مثيلًا لها.
الجميع في الوطن العربي يزايد على الأخر، وبصراحة جميعهم يزايدوا على مصر، مع العلم أنها الدولة الوحيدة التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة من أجل حل القضية الفلسطينية بالشكل الذي يرضي الفلسطينيين أنفسهم، لكن دعونا من هذه المزايدات، وعلينا الآن ترك كل الخلافات واستغلال القضية من أجل مصالح وأغراض سياسية مخزية، فأعراضنا تنتهك وأطفالنا تقتل وشعبنا في غزة تملأ أشلائهم الشوارع والميادين، فيا حكام العرب ألم يئن لكم أن تتحدوا لنصرة الأشقاء في فلسطين، ألم تحرك دموع الثكلى في قلوبكم ساكنًا!!.
عاشت الأيادي المصرية التي إمتدت منذ اللحظة الأولى لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني، وكل الشكر للموقف المصري الرافض للتهجير وتصفية القضية، لكن مصر لوحدها لا تستطيع أن تجابه هذا العدوان الغاشم المدعوم من الأمريكان ودول الغرب، وتسانده علنًا بالمال والعتاد والقرارات الدولية التي تشرعن حق المغتصب في الدفاع عن نفسه كما يدعون، وعلى الجانب الأخر تجد مواقف عربية هزلية مخزية معيبة تدمي القلوب، ويخجل منها كل عربي أصيل يغير على عرضه ويغضب لكرامته.
يا قادة العرب الوضع في غزة مؤسف ومحزن ومخجل ومعيب لكل عربي ومسلم، ولا يُحل بمعتصم ولا حتى متجهم ولا مستنكر، الوضع مأساوي ومشين ويحتاج لحل فوري وجذري، ولم ولن يتم ذلك إلا بوحدة عربية وتكاتف إسلامي حقيقي، مستخدمين قوتكم ونفوذكم ومواردكم وضغطكم الإقتصادي على كافة الدول الغربية الداعمة لحكومة الإحتلال الصهيوني، لكن للأسف ما أكثر المؤامرات والتحشيدات ضد بعضنا البعض، وما أقلها نصرة للقضية الفلسطينية، وما أكثر التصريحات الصراخية الشاجبة المنددة التي تتحدث كذبًا ونفاقًا وتحريضًا دعمًا لفلسطين ونصرة للقدس ورافضة للمجازر في غزة، لكن بلا جدوى! والسبب معلوم لكم جميعًا!!.
يا أيها العرب إتحدوا مع مصر وتكاتفوا مع قادتها وجيشها، وكفى متاجرة بفلسطين؛ الشعب والمقدسات، وأولائك الأطفال والنساء الثكلى والشيوخ ومعهم بقية الرجال والشباب الذين يتم محو أسرهم عن بكرة أبيهم في أفظع تطهير عرقي إجرامي بحق الإنسانية على وجه الأرض، فاق بإجرامه مجازر الصرب بالبوسنة، وتفوق إجرامًا على المجازر بحق المسلمين في بورما؛ والهنود الحمر في أمريكا، كفانا عمالة وخيانة وتطبيع من زعامات وقادة العرب مع حكومة الإحتلال الإسرائيلي!!.
الحقيقة موقف بعض الدول العربية وبالأخص دول النفط العربي ودول الخليج التي تمتلك قوة ضغط جبارة ومؤثرة على الغرب كله، وتجعل دول الناتو كالعجينة يشكلونها كما يريدون، لكن للأسف موقفهم يشبه حكاية الحمار الذي كان ظمأنًا وجائعاً بشدة وهو يسير في إحدى رحلاته المكوكية العبثية، وما أن إنتهى به المطاف إلى نهاية الطريق، حتى وجد كومةً من العشب على جانب الطريق، وعلى الجانب الآخر رأى ترعة ماء ففرح بهما، لكن الحيرة تمكنت منه، إلى أي الجانبين يتجه، إلى جانب العشب كي يسد رمقه، أم إلى جانب الماء كي يداري ظمأه؟.
معذور الحمار الجائع والظمأن في تردده بين أي من الخيارين، وهذا العذر وصل به إلى حد الموت في نهاية القصة بسبب التردد، فلا هو شرب ولا أكل بل ظل محتاراً بينهما.. لكن العذر في موت الحمار لا يصح أن يتكرر في موت العرب سريرياً وهم يشاهدون أفظع المناظر المأساوية من مجازر الصهاينة وآخرها إستهداف المستشفيات بغزة، ولا أدري كيف يمكن لهم تبرير موتهم السريري تحت أقدام الصهاينه، مترددين بين أن يبرروا هذا الموت، أو يتركوا للآخرين فهم الأمر على طريقتهم الخاصة، لأنه مهما تعددت التبريرات فالخنوع واحد.
يا حكام العرب إن إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قرار عربي يدعو إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم في قطاع غزة، وحماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية، وضرورة الإلتزام بالقانون الإنساني الدولي، لابد أن تصحبه ضغوط ومواقف حقيقية منكم لتنفيذ مقرراته على أرض الواقع، حتى لا يظل مجرد حبر على ورق!! يا قادة أمتنا العربية ألم يئن الآن بتدشين جيش عربي موحد؟ ألم يئن الآن بتفعيل السوق العربية المشتركة؟ ألم يئن أن يكون لكم هيبة ومهابة وقوة تهز قلوب عدوكم؟ ألم يئن الآن بإتحاد عربي داخل الجامعة العربية؟ ألم يحرك دماء الشهداء من الأطفال والنساء والمدنيين في غزة نخوتكم!؟.
أخيرًا: على الأمة العربية والإسلامية أن يتحدوا وأن يعيدوا النظر جذرياً في الإعتماد على الغرب الأوروبي الأمريكي المتغطرس، وأن يثقوا في إن الغرب بكل ما يملك من طاقات عسكرية وآلات تدميرية، ضعيف وخائف أما وحدتكم وتكاتفكم وإستغلالكم لمواردكم، ولعل أهمها هو سلاح البترول والغاز الطبيعي، والأهم سحب مليارات دولاراتكم التي يقوم عليها إقتصادهم!!.