عاجل
الأحد 22 ديسمبر 2024 الموافق 21 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

الاستثمار الأفضل لأصول العاصمة الإدارية والعلمين

قبل أسابيع ناقش مجلس الوزراء في إحدى اجتماعاته الدورية فكرة طرح عددا من الأصول العقارية بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، للبيع أمام مستثمري القطاع الخاص، وذلك بعد أن تم تحديد وحصر الأماكن المقترحة -وفقا لبيان صادر عن مجلس الوزراء- لتضم بعض الأحياء السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مثل حي "R5  - جاردن سيتي الجديدة"، وكذلك منطقة الأعمال المركزية، بالإضافة إلى عدد من الأبراج في مدينة العلمين الجديدة.

غني عن البيان أن البلاد تواجه أزمة في العملة الصعبة واللجوء لبيع هذه الأصول لصالح مستثمرين أجانب سيدر عوائد دولارية جيدة، لاسيما وأن أغلب تلك المنشآت تم الانتهاء من عمليات بنائها قبيل القفزة الهائلة التي حدثت خلال الأشهر الأخيرة في أسعار العقارات.

من المهم أيضا إدراك أن ضمان الكفاءة في تشغيل وإدارة تلك الأصول يعد من العوامل المحفزة للتخلي عنها لصالح القطاع الخاص، خاصة وأن الدولة لا تمتلك الخبرات التي تمكنها من إدارة تلك المشروعات العالمية، وبالتالي فإن إتاحة هذه الأصول لشركات أكثر تخصصا سيكون الضامن الأساسي لتحقيق أقصي استفادة منها، والحفاظ على قيمتها وصيانتها مع تجنب سرعة إهلاكها بمرور الوقت.

ما لفت نظري أيضا في بيان مجلس الوزراء وهو أمر إيجابي في توجه الدولة نحو بيع تلك الأصول أنها قررت إسناد عملية التقييم لمكاتب دولية متخصصة، لضمان وضع تسعير عادل ومقبول يحفظ حقوقها وفي نفس الوقت يكون معترفا به من جانب المستثمرين الأجانب.

وفي اعتقادي أن أفضل طريق للترويج لتلك الأصول، هو طرحها علي الصناديق العقارية الدولية التي بالتأكيد سيكون لديها رغبة كبيرة في اقتناص فرصة كهذه في سوق يشهد تناميا سنويا في حجم النشاط العقاري كالسوق المصري، بجانب امتلاكها ملاءة مالية تمكنها من شراء تلك الأصول بالعملة الصعبة، فضلا عن تشغيلها بالشكل الأمثل.

لكن قبل هذا علينا أن ندرك بعض الحقائق الخاصة ببيئة عمل الصناديق العقارية في مصر، فالأرقام تشير  إلى أن هناك صندوقان اثنان فقط تم تأسيسها لممارسة هذا النشاط بالسوق المصري منذ صدور القانون المنظم لإنشاء صناديق الاستثمار العقاري في مصر عام 2014، بينما يصل عدد تلك الصناديق في السعودية لنحو 17 صندوقا تم تأسيسها خلال 7 سنوات فقط.

السبب في ذلك يعود بالأساس إلى وجود معوقات بيروقراطية وإدارية كبيرة تحول دون انسياب حركة ونشاط صناديق الاستثمارات العقارية في مصر بدليل أن أحد هذين الصندوقين قرر وقف نشاطه في مصر مؤخرًا، ومن ثم فإن الحكومة يجب أولا أن تبدأ بعملية مراجعة شاملة لقواعد المعاملة الضريبية للصناديق العقارية واتخاذ ما يلزم من الإجراءات والتشريعات لإزالة كافة العوائق الضريبية والبيروقراطية التي تعوق نشاطها.

وعلى البرلمان أن يسرع في إصدار تعديلات تقضي بإلغاء الرسوم الضريبية على توزيعات الأرباح والأرباح الرأسمالية المحققة على وثائق الصناديق العقارية، أسوه بما هو مطبق عالميا، فعلى الرغم من موافقة لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب على مقترح مقدم من الحكومة في هذا الشأن إلا أن هذا التعديل التشريعي لم يخرج إلى النور حتى الآن دون أسباب واضحة، وأعتقد أن هذا الملف يجب أن يصبح أولوية قصوى من مجلس النواب مع استئناف دور الانعقاد أكتوبر المقبل.  

تمتلك مصر ثروة عقارية ضخمة ومتنوعة قادرة على أن تجعل منها وجهة عالمية للاستثمار العقاري لكن هذا الأمر لن يتأتى دون أن تمتلك الحكومة إرادة جادة في تحقيقه وأن تضع استراتيجية متكاملة لتشجيع صناديق الاستثمار العقاري الدولية على دخول السوق المصري وجذب استثمارات أجنبية في هذا القطاع الواعد.

تابع موقع تحيا مصر علي