عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

في حضرة الذكاء الاصطناعي.. التراث مهدد والمواهب مدفونة والإحساس معدوم !

عبد الحليم حافظ -
عبد الحليم حافظ - عمرو مصطفى

أن تطور وتقدم التقنيات والتكنولوجيا في أي مجال أمور لابد منها، لمواكبة العصر، ولكن يقال إن الشيء إن زاد عن حده انقلب ضده، لذلك وجب الحذر عند استخدام أي تقنية جديدة في أي مجال، خصوصًا وأن كانت تمس حقوق البشر، وملكياتهم الفكرية، ومواهبهم الفنية، فهنا تكون المسألة خطيرة للغاية بل أخطر مما قد يصل له عقلنا.

تحيا مصر

تخيل معي عزيزي القارئ أن تتفاجئ وأنت تتصفح الإنترنت بوجود إعلان لفيلم جديد من بطولة فاتن حمامة وعمر الشريف، لم تسمع عنه من قبل، أو تقرأ خبر عن استعداد العندليب عبد الحليم حافظ لطرح أغنية راب ! .. كلها أمور صادمة لا يستوعبها عقل بشري ولكن في حضرة الذكاء الاصطناعي كل ذلك مباح ومتاح بأسهل وأسرع الطرق.

تراث مهدد ومواهب مدفونة

قد يكون «الذكاء الاصطناعي» أقل حدة وخطورة في المجالات الأخرى، بل قد يكون مفيدًا في مجالات كثيرة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفن، والفنون، سيتخذ الحديث مجرى آخر، فبمجرد أننا تمكنا من تقديم فيلم جديد بنجوم راحلين، فذلك يعني اختراق لحقوق الفنان الراحل في اختيار أعماله، وإمكانية تشويه تاريخه وموهبته بفيلم صنعه الذكاء الاصطناعي دون أي قيود، وبالتالي يقف التراث الأصيل مهدد أمام هيمنة التكنولوجية وتطور التقنيات.

وبما أن الذكاء الاصطناعي شكل خطرًا لا يستهان به على حقوق الفنانين الراحلين وما تركوه لنا من إرث غني نستند عليه ونفتخر به، فمن المؤكد أنه سيؤثر على النجوم المعاصرة والمواهب الشابة، والدليل على ذلك أنه منذ فترة وجيزة، روى المؤلف الكبير أيمن بهجت قمر موقفًا له مع المطرب محمد حماقي، وأشار إلى أن الفنان أراد أن يسمع أحد الألحان بصوته ليتمكن من معرفة مدى ملاءمة اللحن له، وبمجرد قيامه بالضغط على زر معين خرج صوت حماقي باللحن في ثواني معدودة، وذلك يعني أننا في حضرة الذكاء الاصطناعي لسنا في حاجة إلى المواهب، وأن المطرب بإمكانه تقديم أغنية كاملة دون أن يفتح فاه.

الإحساس والذكاء الاصطناعي

وحتى إن تغضينا عما سبق، وقررنا صنع عمل فني بالذكاء الاصطناعي، فبالتأكيد أنه سيفتقد القدرة على توصيل المشاعر والأحاسيس، فصوت أنغام بالذكاء الاصطناعي لن يوقظ الحنين ولن يخلق الأنين، وأداء النجمة منى زكي المؤثر بالتقنية ذاتها لن تبكي قلوبنا حزنًا، ومن ثم سيكون الفن في حضرة الذكاء الاصطناعي جاف جامد خالٍ من أي إنسانيات.

وفي الوسط الفني سواء الغنائي أو التمثيل انقسم أهل لفريقين، أحدهما معارض بشدة لفكرة الذكاء الاصطناعي واستخدامه، منهم المطربة الكبيرة أنغام والمطرب ماجد المهندس، أما الفريق الآخر يرى فيه المستقبل والنجاح وتحقيق المكاسب، ومنهم الملحن والمطرب عمرو مصطفى الذي أعلن منذ فترة عن استعداده لتقديم أول مغني بالذكاء الاصطناعي.

والخلاصة تكمن في أن التطور والابتكار مطلوب ولكن يجب أن يقنن لحفظ الحقوق والمواهب والتراث، إلى جانب رسالة الفن التي تهدف من البداية إلى التأثير في الوجدان والعقول.

تابع موقع تحيا مصر علي