خوفًا من الفشل أم رغبة في التجديد.. لماذا تشكل الأجزاء الثانية من الأعمال الفنية «البعبع» لصناع الفن؟
ADVERTISEMENT
«الأجزاء الثانية».. فكرة تطرأ على بال كل صانع من صناع الفن، بمجرد أن يحقق عمل له نجاحًا غير مسبوق، ويظل في حيرة من أمره بمجرد أن تخطر تلك الفكرة على ذهنه، ويدخل في صراع لا يُحسد عليه، فصوت في داخله يغريه بنجاح العمل الفني، وبمطالبات الجمهور بالجزء الثاني له التي لا تنتهي، وصوت آخر يرهبه ويوسوس له بالتراجع عن تلك الفكرة خوفًا من أن يلقى مشروعه مجهول المصير نفس الفشل الذي لاقته المشاريع الفنية الأخرى التي سارت على نفس النهج، لذلك تمثل فكرة تقديم جزء ثانٍ من الأعمال الفنية «البعبع» للكثير من أصحاب القوى الناعمة.
والحقيقة أنه لم يأت ذلك الخوف والهاجس المرعب من فراغ، فتاريخنا الفني على مستوى السينما والتلفزيون، مليء بالكثير من تجارب الأجزاء الثانية التي حصدت فشل بمقدار ما حصدت من نجاح في جزئها الأول، فعلى سبيل المثال مسلسل «أبو العلا البشري»، لم يحقق موسمه الثاني نفس النجاح الذي حققه الأول، والحال نفسه لمسلسل «كيد النسا»، «رمضان كريم»، «أفراح إبليس»، وأجزاء من مسلسل «الكبير أوي»، والجزء الأخير من مسلسل ليالي الحلمية، وفيلم «عمرو وسلمى»، وغيرها الكثير والكثير.
جعفر العمدة ينتصر على «البعبع» !
وكان المخرج الشهير محمد سامي أخر من واجه ذلك «البعبع»، فمنذ عرض أولى حلقات مسلسله الناجح «جعفر العمدة» على شاشات التلفزيون في شهر رمضان 2023، وكانت هناك مطالب من الجمهور بتقديم جزء ثانٍ له، ولكن خرج «سامي» ليؤكد على أنه لا يفضل أبدًا تقديم أجزاء أخرى من أعماله، ولكن لم ينته الأمر عند ذلك التصريح، فبعد انتهاء عرض المسلسل، كان النجاح الجماهيري الذي حققه كفيل لإغراء صناع العمل بالتفكير في تقديم جزء ثانٍ، وبعد فترة من التخطيط والدراسة، انتصر صناع «جعفر العمدة» على «البعبع»، وقرروا خوض المغامرة.
وعلى النقيض، تمكن «البعبع» من آخرين، معلنين ابتعادهم عن فكرة تقديم جزء ثانٍ من أعمالهم الفنية الناجحة، أخرهم كان المخرج الشهير كريم الشناوي، مخرج مسلسل الهرشة السابعة، الذي كان من العلامات المميزة لموسم رمضان 2023، إذ أعلن في وقت سابق عن عدم تفضيله لتقديم جزء ثانٍ من العمل، ولكنه لا يمانع ذلك بشرط أن يكون لمخرج غيره، وبالفعل عند إلقاء نظرة سريعة على أعماله الفنية، لن نجد من بينها أية أجزاء ثانية.
طريقك للتغلب على «البعبع»
تقديم الأجزاء الثانية من الأعمال الفنية ليس ذنبًا أو خطأ يرتكبه صناع تلك الأعمال، ولكن هنا عدة شروط أساسية يجب أن تتحقق، حتى تزيد من احتمالية نجاحها، من أهمها أن تكون القصة والحبكة الدرامية تستحق وتتحمل أن تمتد إلى جزء ثانٍ، بالإضافة إلى أنه من الضروري أن تشهد أحداثًا وشخصيات جديدة إلى جانب الأساسية لخلق مساحة من الإبداع، ولإضفاء نوع من التجديد حتى لا يمل المتلقي.
وذلك من وجدناه في أجزاء مسلسل ليالي الحلمية، المال والبنون، أبو العروسة، وفيلم الفيلم الأزرق وولاد رزق، فلا مانع من مواجهة «البعبع»، ولكن علينا أن نخطط وندبر الأمر بحكمة، ونتعلم من أخطاء الآخرين، حتى لا نقع فريسة له.