أفضل من التعويم الكامل.. خبراء يشيدون بتحرك الدولة لتثبيت سعر الصرف.. ويؤكدون: يسهم في تراجع استقرار الأسعار
ADVERTISEMENT
رغم إعلان البنك المركزي أنه يتخذ سياسة مرنة فيما يتعلق بسعر الصرف، إلا أن الدولة تحركت بشكل استثائي لحماية الأمن القومي وتخفيف العبء عن المواطنين، بعدما استشعرت الضرر الكبير الذي أصبح يدد قاعدة كبيرة من الشعب المصري، حالة تحريك سعر الدولار.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، مضيفًا بأنه إذا كان تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار سيؤثر على المصريين فهذا أمر مرفوض، حتى ل تعارض مع مطالب صندوق النقد. وأوضح الرئيس السيسي، أن الدولة لن تتحرك إلى الأمام إلا بتقليل فجوة الاستيراد والدولار.
وأشار الرئيس السيسي، خلال المؤتمر الوطني للشباب، الذي انعقد يوم الأربعاء الماضي، بالإسكندرية، إلى أن مصر تحتاج متطلبات بنحو 90 مليار دولار سنويا من أجل شراء احتياجات المواطنين من الخارج. ووذكر أن مصر لا تصنع الأعلاف، لكن يتم استيرادها من الخارج، وعند تسعيرها يتم اعتبار سعر الجنيه مقابل الدولار وهو ما تسبب في ارتفاع سعر اللحوم إلى 300 جنيه للكيلو.
وأوضح أن مصر قامت بتثبيت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عبر إيداع الدولار في السوق والتدخل في سعر الصرف، ثم الحفاظ على قيمة الجنيه لأنها تتعلق بحياة المواطنين والأمن القومي.
محللون وخبراء اقتصاديين، علقوا على هذا القرار، مؤكدين أنه سيكون له تأثير كبير، سواء على مستوى سعر الدولار في السوق الموازي الذي كان ينتظر وجود تحريك في سعر الصرف للاستفادة من فارق السعر، أو على مستوى أسعار السلع الي من المتوقع تراجعها الفترة المقبلة نتيجة استقرار سعر الدولار.
تغيرات الأسواق تدفع الحكومة للتدخل
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تدخل الحكومة لضبط وتثبيت سعر الصرف يؤكد أن هناك مراقبة جيدة من الحكومة للتأثيرات التي تشهدها الأسواق جراء تغيرات سعر الصرف المتتالية، مشيرا إلى الحرص الكبير من الحكومة والتوجيهات المستمرة من القيادة السياسية لتوفير احتياجات الأسواق من الخامات رغم المشكلات الاقتصادية وتضرر الموارد الدولارية مع رفع الفائدة العالمية.
وأضاف الدكتور محمد عبد الوهاب، أن الدولة تعمل على ملف توطين التصنيع المحلي، والحد من الاستيراد، خاصة مع ارتفاع فاتورة الاستيراد نتيجة الزيادات المستمرة في الفائدة العالمية، وكذلك ارتفاع الأسعار وموجات التضخم المتتالية.
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن ثبات واستقرار سعر الصرف يساهم بصورة مباشرة في استقرار أسعار السلع والبضائع التي تتأثر بصورة مستمرة بتحركات أسعار الصرف، لافتا إلى ضرورة توفير الدولار للخامات الإنتاجية، وذلك بهدف توفير مزيد من البضائع في الأسواق ومن ثم بدء هبوط سعر البضائع في الأسواق أو استقرارها على الأق.
ولفت محمد عبد الوهاب، إلى أنه من الضروري أن ندرك أن تثبيت سعر الصرف ليس الحل النهائي لمشكلة ارتفاع الأسعار، وإنما هو إجراء مؤقت واستباقي. إذ يجب أن تتبع الحكومة سياسات اقتصادية شاملة تستهدف تعزيز الاستدامة الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تعزيز التصنيع المحلي وتحسين الإنتاجية.
وقال إنه على المدى البعيد، ينبغي أن تعمل الحكومة على تعزيز الاستثمارات المحلية وتنمية الصناعات التحويلية والزراعية المحلية، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، فالاستثمار في البنية التحتية والابتكار وتطوير المهارات يمكن أن يدفع بالاقتصاد نحو التنمية المستدامة ويخفض تبعية البلاد على السلع المستوردة.
وأوضح أن الحكومة استثمرت الكثير من الأموال على مدار السنوات الماضسة في مجال البنية التحتية وتنمية العنصر البشري وهو ما يجعل مصر سوق واعدة للاستثمار الاجنبي المباشر خصوصا في مجالي الصناعة والزراعة.
التثبيت أفضل من التعويم الكامل
من جانبه، قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن حديث الرئيس السيسي اليوم خلال المؤتمر الوطني للشباب حول سعر الصرف أنه لا يمكن أن يكون هناك تعويم قد يضر بالناس، هي رسالة واضحة ومعلومة بطبيعة الحال والضرورة، والتأكيد عليها من قبل القيادة السياسية أمر ضرورى.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن البعض تناسى أن مسألة التركيز على سعر الدولار، رغم أنه عرض وليس مرض، والاعتبار أن التعويم الكامل هو الحل الوحيد لأزماتنا والمسار الوحيد للسياسة النقدية هو أمر خاطئ.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تثبيت سعر الصرف كسياسية نقدية رغم أن له مساوئ ولكن أفضل من التعويم الكامل لأن انتظار التعويم يجعل الأسواق في حالة ترقب لأن المصدر والمستورد والمنتج ينتظر التعويم وبالتالي ستتوقف عمليات الإنتاج والشراء.
وأشار مدحت نافع، إلى أن صندوق النقد الدولى لم يقل تعويم كامل ولكن قال نظاما أكثر مرونة وهو نظام ربط مرن وهذا النظام لمرن لا يجب أن يكون منفلتا.
استقرار الأسعار
وثمن جون طلعت، عضو مجلس أمناء كتلة الحوار الوطني، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدخل الحكومة في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، مؤكدًا أن ذلك يعكس حرص الدولة المصرية على تخفيف الأعباء على المواطنين وتعزيز الجهود لتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، لاسيما وإن كانت تتعلق بالأمن القومي وحياة المواطنين.
وقال "طلعت"، في تصريحات له، إن تصريحات الرئيس السيسي بشأن تثبيت سعر الصرف، خلال المؤتمر الوطني للشباب، سوف يكون لها انعكاسا كبيرا على استقرار أسعار السلع خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن تشهد الأسعار انخفاضًا ملحوظُا وتراجع معدلات التضخم التي وصلت لمستويات قياسية بفعل تأثيرات الأزمات العالمية، متمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها المستمرة إلى الآن، ومن قبلها جائحة كورونا.
وأشار عضو مجلس أمناء كتلة الحوار الوطني، إلى الجهود التي تبذلها الدولة من أجل تقليل الفاتورة الاستيرادية وتقليل الضغط على العملة الصعبة، من خلال توطين الصناعة المحلية وتشجيع المنتج المحلي، مع زيادة صادراتنا، لافتًا إلى أن ذلك يحتاج إلى جهود مضاعفة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والخدمات أولا، ثم تصدير الفائض، الأمر الذي ينعكس على قيمة العملة المحلية.
وبين جون طلعت أن تدخل الحكومة في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، كما أكد الرئيس السيسي، سيكون له تأثير كبير على المضاربين والمتجارين في العملة، والذي اكتنزوا الدولار على أمل تحريك سعر الصرف والاستفادة من الفارق ما بين الدولار والجنيه بعد التحريك، متوقعًا وجود تراجعًا كبيرًا في سعر الدولار بالسوق الموازي.
واختتم "طلعت: "الفترة المقبلة، لابد وأن تعمل الحكومة من خلال خطة وضاحة على زيادة صادراتها من خلال دعم الصناعة المصرية، وتقليل الاستيراد من الخارج، الأمر الذي ينعكس على زيادة الاحتياطي النقدي وارتفاع قيمة العملة المحلية".