مجدى البرى يكتب: القائمة المطلقة فى الانتخابات
ADVERTISEMENT
يحسب للحوار الوطني الذى دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما تشهده البلاد حاليا من إعادة النظر والدراسة المتعمقة للقضايا بمختلف المجالات، حيث يتم توسيع دوائر المناقشات التى تشمل آراء وأفكار متباينة ومتنوعة، وهو ما ظهر بوضوح منذ أولى جلسات الحوار الوطني لمناقشة النظام الانتخابى في ظل الضوابط الدستورية، والذى أراه قضية هامة تستحق الدراسة من كافة المحاور والزوايا للوصول إلى الشكل المناسب للبيئة السياسية والأوضاع المصرية.
النظام الانتخابى يختلف من بلد لآخر، وكل نظام له مميزات وله عيوب، ولكن في النهاية يحاول كل بلد أن يختار من بين تلك الأنظمة الانتخابية ما يناسب أوضاعه السياسية في هذه الفترة، ويمكنه تغيير ذلك النظام مع حدوث تغيير في أوضاعه وتركيبته السياسية. خلال المناقشات التى دارت بأولى جلسات الحوار الوطني، لاحظت حالة من الجدل بين القوى السياسية حول النظام الانتخابي المناسب لمصر، وانحصرت أغلب الرؤى ما بين الجمع بين الفردى والقائمة المطلقة المغلقة المعمول به حاليا وبين الجمع بين القائمة النسبية والفردى.
هذا الجدل أو الاختلاف في وجهات النظر أو الرأي بشأن النظام الانتخابى الأنسب، ليس وليد اليوم، بل هو جدل مستمر منذ بداية تشكيل المجالس النيابية بالانتخابات، حيث عاصرت مصر تطبيق مختلف تلك الأنظمة الانتخابية، ولمست سلبيات وإيجابيات كل منها، لتستقر مؤخرا على النظام الحالي، الذي يجمع بين القائمة المطلقة والفردى.
نظام القائمة المطلقة المغلقة، يتميز بسهولته في التطبيق وضمان عدم تعرضه لمشكلات قانونية ودستورية إلى حد كبير، وخلال ذلك النظام تقسم البلاد إلى عدد محدود من الدوائر الانتخابية، وتضع القوى السياسية قوائمها الانتخابية فى هذه الدوائر المقررة. كما تضع قوائم احتياطية يتم اللجوء إليها في حال بطلان أو إسقاط عضوية أو وفاة أحد أعضائها ووفقا لهذا النظام الانتخابي، يتنافس في الدائرة الانتخابية الواحدة أكثر من قائمة تضم عشرات المرشحين، حسبما يقرر القانون الانتخابى، وتفوز فيه القائمة التى تحصل على 50% +1 من عدد أصوات الناخبين الصحيحة، بكل مقاعد الدائرة، بينما تخسر كل القوائم الأخرى التي لم تحصل على نسبة 50% +1من الأصوات.
أما نظام القائمة النسبية، فهو يأتى مختلفا عن نظام القائمة المطلقة المغلقة، لاسيما في طريقة حساب المقاعد، حيث أن القائمة التي تحصل على أعلى أصوات لا تحصل على كافة المقاعد لهذه الدائرة مثلما يحدث في نظام القائمة المغلقة، وإنما تحصل عدد من المقاعد يتناسب مع نسبة ما تحصل عليه من أصوات.
والفارق هنا بين النظامين، أن القائمة المطلقة حال فوزها يفوز جميع أعضاؤها، وأما القائمة النسبية، فلا تفوز بكامل أعضائها إلا في حالات نادرة، حيث تحصل كل قائمة على عدد من المقاعد حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها أما النظام الفردى فيتم تقسيم البلاد إلى عدة دوائر انتخابية، يتماشى مع عدد النواب المراد انتخابهم وفقا للدستور، ويفوز في ذلك النظام من يحصل على أغلبية الأصوات.
وفي رأيى؛ لكى نصل إلى الشكل المناسب لمصر من تلك الأنظمة الانتخابية، علينا الأخذ في الاعتبار عددا من المحددات، أولها نصوص الدستور الحاكمة فيما يتعلق بنسب تمثيل بعض الفئات بالمجالس النيابية، وكذلك مدى قوة الأحزاب السياسية وتأثيرها في الشارع بالإضافة إلي مدى سهولة التطبيق على أرض الواقع وحجم المشكلات القانونية المصاحبة لكل نظام والتكلفة المادية.
وبالنظر إلي تلك المحددات، نجد أن القائمة المطلقة المغلقة هى الأنسب للمشهد السياسي المصرى، لعدة أسباب منها، ضمان الالتزام بنصوص الدستور بشأن تمثيل بعض الفئات مثل المرأة والشباب وذوى الإعاقة والمصريين في الخارج والأقباط، وبالتالي حماية البرلمان من أى شبهات عدم دستورية أو مشكلات قانونية قد تصاحب تطبيق القائمة النسبية التى تتطلب حسابات انتخابية معقدة.
وأرى أن القائمة النسبية قد تكون مناسبة للمشهد المصرى في فترة مقبلة وليست فى التوقيت الحالي.