عاجل
الإثنين 23 ديسمبر 2024 الموافق 22 جمادى الثانية 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

د. أحمد طلعت أبو دومة يكتب: النظام الانتخابى المأمول ما بين ضوابط الدستور وتطلعات الأحزاب ورضا المواطن

د. أحمد طلعت أبو
د. أحمد طلعت أبو دومة

فى استجابة معتادة من رب كريم لدعوات شعب طيب وفى تأكيد جديد على التعهد الإلهي بحفظ هذه البلاد أرضا وأهلا، جاءت لحظة قرار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بالدعوة للحوار الوطنى.

ولعل هذا الحدث سيكون واحدا من الاحداث التى سيقف امامها مستقبلا كل دارسا او متابع لتطور الحياة السياسية المصرية. فلأول مرة اذا لم تخونى معلوماتى فى احدى دول المنطقة يدعو رئيس الدولة الى حوار موسع يشمل كافة اطياف المجتمع المعارضين منهم جنبا الى جنب مع اصحاب راية الموالاة والاكاديميين منهم قبل اصحاب المواقع التنفيذية؛ ليضعوا تشخيصا دقيقا لآمال وتطلعات المجتمع المصرى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فى تجرد كامل من مفهوم المصلحة الضيقة نحو البراح الاوسع فى محراب حب هذا الوطن.

أدعي ومعى الكثيرون أن مصر اليوم بحاجة الى الاصطفاف الوطنى اكثر من اى وقت مضى وسط هذه المتغيرات السريعة المتلاحقة التى تمر بها المنطقة ودول الجوار متلازما ذلك مع الازمات الاقتصادية العالمية التى دفعت اعظم الانظمة الرأسمالية الى النظر فى اجراءاتها المالية وسط معدلات غير مسبوقة من التضخم طال دول العالم التى نعمت طويلا بفكرة الاستقرار الاقتصادي.

وربما يظل المحور السياسى هو المحور الذى يحظى بمزيد من الهالة الاعلامية والاهتمام من المتابعين فالكثير يراه قاطرة كل المحاور الاخرى وان تنفيذ اى توصيات او رؤي سواء اقتصادية او مجتمعية لن يتم الا بوجود مقتنعين بهذه الرؤى فى مؤسسات الدولة الفاعلة و تحت قبة البرلمان لتحويلها الى قرارت وقوانين قابلة للتنفيذ.

وإذا ما سرنا فى هذا الاتجاه فان ذلك يقودنا مباشرة الى القضية التى تمثل لب المحور السياسى وهى النظام الانتخابى الامثل للمجالس النيابية.

ومع اليقين انها قضية محل اختلاف فى وجهات النظر ليس من اليوم فقط ولكن عبر فترات زمنية ممتدة فانصار كل نظام يتحيزون فكريا له معددين مميزاته وغاضين الطرف عن عيوبه.

وفى هذا الصدد لا ينبغى ابدا ان ينفصل تفضيل نظام على اخر عن عدة ابعاد لعل أهمها التقسيمات الجغرافية وكذلك الموروث الثقافى للناخب سواء فى وجهة نظره من حيث دور النائب او طريقة الانتخاب وسهولة الإدلاء بصوته.

وفى الحالة المصرية يبرز ايضا بعدا اخر وهو ضرورة الالتزام بالضوابط الدستورية من حيث ما نص عليه الدستور فى مواده من تمييز ايجابى لبعض الفئات المجتمعية على اختلاف نسب هذا التمييز.

أمام كل هذه الابعاد نجد اننا امام ثوابت لا يمكن الى احد ان يحيد عنها وهى ضرورة وجود جزء تجرى الانتخابات به حسب نظام القائمة المطلقة وذلك لضمان تمثيل الفئات المميزة تنفيذا لمواد الدستور.

ويتبقى مفاضلة فى الجزء المتبقى بين نظام القائمة النسبية  وبين النظام الفردى. والازمة ان نظام القائمة النسبية. على الرغم من مميزاته التى اهمها ضمان عدم اهدار الاصوات اقل من ٥٠% كما هو الحال فى النظام الفردى والقائمة المطلقة الا ان هذا النظام يتعارض مع ضمان تمثيل جغرافى متزن للمناطق  المختلفة وهذا قد يضعنا امام تكدس للنواب فى منطقة وندرة بل وربما عدم وجود نواب فى منطقة اخرى وايضا من عيوب هذا النظام انفراد القيادات الحزبية بترتيب القائمة دون النظر الى الشعبية او راى الناخب  بل ان الاخطر ان الهدف الاسمى لفكرة القوائم النسبية وهو ضمان تمثيل الاحزاب قد لا يتحقق وينفرد عدد قليل من هذه الاحزاب بالمقاعد حسب قدرة الحزب على تشكيل قائمة من عدمه.

هنا ينبغى علينا العودة بكل حيادية والنظر الى النموذج الانتخابى الذى جرت على اساسه انتخابات مجلس النواب 2020.

وهو المزج بين القائمة المطلقة والنظام الفردى وهو ما ضمن تمثيلا متوازنا ومراعاة للتوزيعات الجغرافية وكذلك تنفيذ الالتزامات الدستورية للفئات الخاضعة للتميز الايجابى.

وعلى أرض الواقع فان تجربة القوائم المطلقة سمحت بتمثيل طيف واسع من الاحزاب تجاوز ال١3 حزبا من مختلف التوجهات والأيدولوجيات السياسية ضمن قائمة وطنية خرجت الى النور وحظيت برضا الشارع المصرى ونتج عنها اداء برلمانى مختلف ذو حيوية فيما يمارسه المجلس من ادوات رقابية او مناقشات لمشروعات القوانين وربما كان اللوم الوحيد على هذه التجربة هو اتساع نطاق القائمة الجغرافى وتحديد اربع قوائم فقط وهو الامر الذى اعتبره البعض يصب في اتجاه صعوبة تكوين قوائم متعددة.

وفى رأيى الشخصى.. إن النظام الانتخابى الأنسب هو الاستمرار على ذات النموذج انتخابات 2020 مع زيادة عدد القوائم إلى 6 او 8 لتشمل كل قائمة من 4 إلى 6 محافظات.

ولا ينفصل ذلك ابدا عن النظر بعين الاعتبار الى زيادة عدد المقاعد النيابية تماشيا مع الزيادة السكانية وهو ما يتيح للأحزاب السياسية مجالا اوسع فى الدفع بعناصرها المتميزة وتوزيعهم جغرافيا بالشكل المطلوب وضمان تمثيل الفئات المنصوص عليها دستوريا وكذلك يصب فى خانة رضا الناخب الذى لا يزال ينظر لضرورة اتصاله المباشر بالنائب الذى يمثله وهو ما يحققه النظام الفردى.

يدرك الجميع ان قضية النظام الانتخابى الامثل قضية ذات اهمية قصوى وقضية بالطبع تحمل اختلافا فى وجهات النظر لكن يظل وضع مثل هذه القضايا على طاولة الحوار هو السبيل الامثل للوصول الى توافق حول صيغة مرضية الى حد بعيد.

ننتظر وينتظر المصريون فى حالة فريدة ما سيقودنا اليه حوار المجتمعين.

تابع موقع تحيا مصر علي