ألفة السلامي تكتب: سر القاتل الصامت في رحيل الفنان مصطفى درويش!
ADVERTISEMENT
لماذا زادت السكتة القلبية؟ لماذا زاد الموت المفاجئ عند الشباب؟ هذه أسئلة تكررت في الساعات الماضية بعد الصدمة التي أصابت الناس جراء الرحيل المفاجئ للفنان مصطفى درويش. اهتزت وسائل الإعلام ليس فقط لأنه شاب في كامل لياقته وقوته وإنما للسيرة الطيبة وأعمال الخير التي رواها العشرات عنه على صفحات التواصل الاجتماعي؛ وهي عبرة لكل من يبحث عن حسن الخاتمة.
وكانت وسائل الإعلام قد اهتزت أيضًا قبل عدة أيام بسبب وفاة مفاجئة أخرى للشاب الإمام والقارىء عبد الله كامل عن سن 37 عامًا، حيث تابعه الملايين خلال صلاة التراويح خلال شهر رمضان. بالتأكيد أمرٌ محزن ومحيِّرٌ تلك الزيادة الملحوظة في حالات الموت المفاجئ نتيجة السكتة القلبية التي أصبحت تطارد الشباب بشكل صادم. في القاهرة الكبرى واحد من كل ثلاثة أشخاص يعاني من مرض ضغط الدم المرتفع، والأزمة أن ضغط الدم هو القاتل الصامت لأنه ليس لديه أعراض.
هذا ما ذكره طبيب القلب المعروف جمال شعبان. حالات الوفاة العديدة للرياضيين تؤكد هي الأخرى أن اللياقة البدنية للرياضيين قد لا تمنحهم مناعة ضد السكتة القلبية المفاجئة. السبب هنا يعود إلى المجهود البدني الخارق الذي يبذله الرياضي بينما يكون القلب لديه القدرة على مستوى معين من المجهود. قصة أخرى لمدرب الطيران في لانكشاير بانجلترا كانت مدوية، حيث سكت قلبه وهو يحلق في الجو لدرجة أن مساعده ظنَّ أنه يمازحه لأنه مات على كتفه. الأطباء وبالتحديد في تخصص القلب لهم تفسير علمي يشير إلى أن عدم تشخيص ضغط الدم المرتفع أو تضخم القلب غير المكتشف أواضطرابات القلب الأخرى وأمراض الشريان التاجي، مما يؤكد أن القاتل الصامت يهاجم المريض فجأة ودون علم مسبق بحالته. بمعنى أن المريض يظل يعاني وربما يظن أنه صداع أو نزلة برد وغالبًا ما يستخدم أدوية تضره أكثر وتزيد من ارتفاع الضغط مما يثقل على القلب. الإحصائيات تشير إلى أن حوالي ربع المصريين بعد سن العشرين يعانون من الضغط المرتفع غير المشخص.
الأسباب وراء ذلك كثيرة منها التدخين بشراهة لدرجة استهلاك علبتين أوأكثر في اليوم. يضاف إلى ذلك الأكل غير الصحي، خاصة الأكل الجاهز والوجبات السريعة. هذه الأنواع من الأطعمة تحتوي على نسب عالية من الصوديوم والدهون المشبعة مما يسبب ارتفاع ضغط الدم وزيادة فرص الإصابة بأمراض القلب.
وقد تؤدي لأزمات قلبية وسكتات دماغية. أفتح هنا قوسًا لتوضيح خطورة ملح الصوديوم. يستخدم ملح الصوديوم كمادة حافظة تعمل على إطالة العمر الإفتراضي للمنتجات، كما يستخدم لتحسين النكهة، وتحوى كل وجبة من الوجبات السريعة على مايزيد عن 1300 ملليجرام من ملح الصوديوم أي أكثر من نصف الكمية اليومية الموصى بها، مما يؤدي إلى الإصابة بارتفاع الضغط، والسكري، وأمراض الكلى. كما تستخدم المطاعم الغلوتامات أحادية الصوديوم ونترات الصوديوم وسولفات الأمونيوم كمُحسِّنات طعم ونكهة ولون وهشاشة وقد تسبب تلف الكبد وتقلبات السكر في الدم ناهيك عن السمنة والكولسترول. كما يؤدي تناول بعض الحلوى والكعك المحلى إلى ارتفاع مؤقت في مستويات السكر في الدم، مما يؤدي إلى الشعور بالسعادة والرضا، لكن بمجرد عودتها إلى وضعها الطبيعي، يتحول الشعور إلى الجوع، والارتباك، والإرهاق.
وقد أظهرت أبحاث علمية أن الأشخاص الذين يتناولون الوجبات السريعة معرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بالسرطانات منها القولون والمعدة والرئة والكبد والثدي.
ولا يمكن أن ننسى أهم عوامل الخطورة على حياة الأشخاص وهي التلوث والتوتر والقلق والحزن والاكتئاب وما يترتب عنها من أرق. ولعلَّ قلة النوم تعتبرُ من أشدُّ أنواع الخطورة على الشرايين والقلب ! قرأت في موقع كليفلاند الطبي أن السكتة القلبية تقتل تقريبا 95% من المصابين بها.
والرهان دائما على سرعة تلقّي المساعدة والوصول للإسعافات حتى يكتب للمرضى النجاة. المشكلة أن 5% فقط من الذين يعانون من الأزمة القلبية المفاجئة يصمدون لفترة كافية للوصول إلى المستشفى أحياء. بعض الدول المتقدمة اتخذت حلولا للوقاية حيث تُلزِمُ تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات بالحصول على دورات تدريبية على الإنعاش القلبي الرئوي، وهو ما يساهم في إنقاذ الأرواح من السكتة القلبية حيث أن الإسعاف أو أي فريق طوارىء لا يتمكن عادة من الوصول إلى المريض في غضون 10 دقائق وهوالوقت المطلوب لمنع الموت الدماغي.
وفاة الفنان مصطفى درويش وغيره كثيرون كلهم فتوة وعطاء يدعونا لوقفة مع النفس ليس فقط لاتخاذ إجراءات الوقاية الضرورية ضد القاتل الصامت ولكن أيضا للعمل الصالح تجاه المحتاجين والأيتام والمرضى والمساكين؛ وهذا ما يبعث الحياة والأمل فيهم ويكتب الخلود للراحلين!