عاجل
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024 الموافق 03 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
عمرو الديب

حزب العدل يشيد بقرار الانسحاب من اتفاقية الحبوب.. ويدعو لمراجعة كل الاتفاقيات غير ذات جدوى لمصر

تحيا مصر

ثمن حزب العدل قرار الانسحاب من اتفاقية الحبوب، مؤكدًا أن الاتفاقات يجب أن تكون ذات منفعة متبادلة وجدوى اقتصادية حقيقية، مع ضرورة التخلص من الاتفاقات التي تعد دون عائد وتكلف خزينة الدولة رسوما بلا أي قيمة مضافة، خاصة في ظل ما تمر به مصر من أزمات في توفير موارد دولارية تغطي الالتزمات الأساسية للمواطن المصري.

تحيا مصر

وأوضح حزب العدل في بيان له، أن العالم شهد ازدياد أزمة الحبوب خلال الفترة الماضية، خاصة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وقد قدمت الدولة المصرية إخطارًا بأنها ستنسحب اعتبارًا من نهاية يونيو المقبل من اتفاقية الحبوب التابعة للأمم المتحدة، التي جرى إبرامها قبل عقود، ويأتي انسحاب مصر من اتفاقية تجارة الحبوب  متعددة الجنسيات، في أعقاب فترة من الاضطرابات في أسواق الحبوب على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، والمخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي العالمي.

ووقعت مصر على الاتفاقية التي تمثل المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب منذ انطلاقها في عام 1995، حيث تقدمت في فبراير الماضي بطلب للانسحاب منها اعتبارًا من 30 يونيو من العام الجاري.

وتعتبر القاهرة أحد أكبر مستوردي الحبوب بالعالم ولاسيما القمح، فهي أكبر مستورد للقمح في العالم بنحو 12 مليون طن من إجمالي حجم تجارة القمح العالمية البالغة نحو200 مليون طن سنويا، ورابع أكبر مستورد للذرة في العالم أيضا بنحو 12 مليون طن من إجمالي 40 مليون طن للتجارة العالمية، وكانت حتى وقت قريب تشارك في سوق تصدير الأرز بنحو 2 مليون طن من إجمالي 50 مليون طن حجم تجارته العالمية، وكانت أيضا تعول على دور قوي لاتفاقية تجارة الحبوب الأممية خلال هذة الأزمة متطلعة بأن يكون للاتفاقية الدور في تخفيف حدة الأزمة على سوق الحبوب وسلاسل إمداد القمح لمصر، وهو الأمر الذي لم يحدث، حيث بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرة للغاية على مدار العام الماضي لتأمين احتياجاتها من الحبوب عن طريق عدد من الدول المختلفة حتى تستطيع الصمود أمام هذه الأزمة، التي كانت ومازالت تهدد الأمن الغذائي المصري.

مصر المستورد الأكبر للقمح الأمريكي

وتابع في بيانه:" وظلت مصر لعقود المستورد الأكبر للقمح الأمريكي وتحديدا حتى عام 2005 ثم تحولت تدريجيا إلى سوق القمح الروسي، حيث تعتمد القاهرة حاليا على نحو 80% من وارداتها من القمح من روسيا بسبب قرب المسافة، التي تقل عن 10 أيام إبحارا فقط بالمقارنة بنحو من 24-28 إبحار لواردات القمح الأمريكي والكندي وحتى الأرجنتيني. أيضا انخفاض أسعار القمح الروسي عن كل من القمح الأمريكي والأسترالي دون وجود فارق ملموس في النوعية، وكذلك انخفاض نسبة الرطوبة في القمح الروسي الأمر الذي يعد ميزة تنافسية غير موجودة في أقماح عدد من الدول الأوروبية الأخرى، وتبعت مصر في ذلك بعض الدول العربية مثل لبنان والأردن والعراق والجزائر والمغرب والسودان واليمن، بخاصة بعد وفرة المعروض من القمح الروسي للتجارة، الذي تجاوز 50 مليون طن في العام الماضي، مقارنة بنحو 22 مليون طنا فقط من القمح الأمريكي.

عقوبات اقتصادية متبادلة

وفي ظل الصراعات الراهنة بين روسيا من جانب، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من جانب آخر، فضلا عن إقرار عدة عقوبات اقتصادية متبادلة، لم تجد مصر أي تأمين لاحتياجاتها من القمح من هذه الاتفاقية أو الحفاظ على مصالحها بالشكل المتوقع، ما دفع وزارة الخارجية للتصريح بأن القرار تم اتخاذه بعد تقييم قامت به وزارت التموين والتجارة، وخلص إلى أن عضوية مصر بالاتفاقية لا تمثل أي قيمة مُضافة خصوصا بعد تعاقد وزارة التموين والتجارة الداخلية على 240 ألف طن قمح روسي يتم توريدها إلى مصر في أبريل المقبل، وأيضا الاستعداد لموسم توريد القمح المحلي في منتصف أبريل، حيث تستهدف الوزارة توريد من 4 إلى 5 ملايين طن من القمح المحلي، وهو ما يسهم في توفير مخزون استراتيجي من القمح.

تلبية احتياجات مصر من الحبوب بطرق محددة وموردين محددين

ورغم ذلك، ظلت الدولة المصرية لعقود أسيرة تلك الاتفاقيات التي تلزم الحكومة المصرية بتلبية احتياجاتها من الحبوب بطرق محددة وموردين محددين، وهو ما يعد تحجيما للإرادة السياسية التي تسعى بكل جهد لتوسيع دائرة مورديها لتجنب المشاكل التي تحدث بسبب سلاسل الإمداد والتوريد، كما حدث نتيجة الحرب الروسية، ما دفع مصر لتنويع مصادر القمح لتقترب من نحو عشرين دولة وليس روسيا وأوكرانيا فقط كما يتوهم البعض، وهناك رومانيا وفرنسا بل وكندا وأستراليا وأذربيحان والهند وغيرها، حتى لو ظلت روسيا المورد الأول والأكبر والأهم، قابل ذلك مشروع الصوامع في مصر بما يرفع القدرة على التخزين لعام كامل لضعف الكمية لتصل إلى 4 ملايين طن.

كما نادت القاهرة مرارا بضرورة أن يلعب أعضاء هذه الاتفاقية دورا مهما في ضبط الأسواق العالمية، وأن تقدم المساعدة للدول النامية المستوردة لغذائها بخاصة الدول الإفريقية، وهو ما لم يحدث، حيث استغل البعض الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة في مضاعفة أسعار الحبوب عالميا، وجنوا من ذلك أرباحا كبيرة غير مشروعة استغلالا للأزمة، وهو ما كلف القاهرة كثيرًا، من تراجع في سيولتها من العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم، ما أدى إلى تراكم شحنات الحبوب في الموانئ المصرية وتأخير الإفراج عنها بسبب نقص السيولة من العملات الأجنبية، التي تبعها تحرير سعر صرف العملة بما ضاعف الأسعار، بخاصة وأن العالم كان قد خرج لتوه من أزمة كوفيد 19، التي أثرت كثيرا أيضا على مدخولات واقتصاديات الدول الفقيرة، وسلاسل الإمداد الدولية وبالتالي تكاليف استيراد الحبوب.

انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب لن يؤثر عليها 

وأيضا بموجب الاتفاقية، فإن مصر ملزمة بدفع رسوم نظير عضويتها بالاتفاقية، بالتالي خروج مصر يعني تجنب دفع مثل هذه الرسوم التي لا فائدة منها وتعد تكاليف غير مستغله وبلا أي هدف.

لذلك فإن انسحاب مصر من هذه الاتفاقية لن يؤثر عليها على الإطلاق، لأن مصر استطاعت من خلال علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع معظم دول العالم أن تؤمن احتياجاتها في الفترة الماضية، كما تمكنت من استيراد القمح من بلدان جديدة مثل الهند على سبيل المثال.

بل على العكس، الاتفاقية ستخسر بالتأكيد عضوية مصر باعتبارها أكبر دولة في العالم مستوردة للقمح، لكنها لم تتمكن من تنظيم الاتفاقات والأمور الدولية الخاصة بالأسعار وعمليات التبادل التجاري في الحبوب بشكل عام والقمح على وجه التحديد.

تابع موقع تحيا مصر علي