دبلوماسبة الكوراث.. هل نجحت سوريا وتركيا فى كسر العزلة السياسية مع الخصوم؟
ADVERTISEMENT
شهدت تركيا وسوريا أيام مأسوية بعد وقوع زلزال مدمر ضرب كلا البلدين، أودى بحياة آلالاف الأشخاص وانهيار آلالاف من المباني جراء الزلزال العنيف ، ففى آخر حصيلة غير نهائية وصل عدد القتلى إلى نحو 37 ألف شخص.
1.4 مليون طفل فى خطر
وتحذيرات من إمكانية انتشار بعض الأوبئة لاسيما الكوليرا، وأعلنت منظمة الصحة أن عدد المتضررين من الزلزال بلغ نحو 26 مليون شخص، 15 مليون فى تركيا و 11 مليون فى سوريا.
كما نبهت منظمة الصحة العالمية من أن أكثر من خمسة ملايين من هؤلاء يعتبرون من بين الأكثر عرضة للخطر، وبينهم نحو 350 ألف مسن وأكثر من 1.4 مليون طفل.
ووسط هذه المآسي وعداد الموت يقفز ويحصد آلالاف الضحايا، بدأت الدول التى ترتبط بعلاقات غير جيدة مع سوريا وتركيا بتنحية خلافاتها على جنب وبدأت بتقديم يد المساعدة لكل البلدين رغم الخلافات المشتعلة بين البلدين .
دبلوماسية الزلزال فرصة لتحسين العلاقات بين الدول أم استجابة مؤقتة؟
هذا المشهد الإنساني واصطفاف الخصوم للمرور بالأزمات والشدائد آثار عاصفة من التساؤلات فهل يمكن الكوارث أن تكون جسر مساهم فى تحسين وترميم العلاقات بين الدول وتنجح في ما فشلت فيه الدبلوماسية الروتينية؟ أما انها مجرد حالة مؤقتة تنتهي بمرور الأزمة وتعود البلدان إلى حالة الصراعات والأزمات من جديد؟!
فزلزال الذي وصف بأنه أسوأ كارثة حدثت فى هذا القرن، عكس مشاهد فسرها البعض أنها قد تكون بداية جيدة لفتح صفحة جديدة مع دول متناحرة والبعض الأخر فسرها على أنها مجرد استجابة طارئة وعاجلة ولن تخرج من هذا الحيز وتنتهي بانتهاء الأزمة، بينما يفسرها آخرون على انها فرصة لتحقيق مصالح على الساحة الدولية.
إسرائيل تستجيب لطلب سوريا
فكشفت صحف عبرية بتقديم إسرائيل مساعدات لسوريا وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنياميتن نتنياهو أنه تلقى طلب من سوريا من أجل تقديم المساعدات، غير أن دمشق نفت هذه الرواية.
رغم النفى السوري، فهذه ليست أول مرة يكون هناك اتصال بين الإدارة الإسرائيلية وسوريا فسبق قبل وقوع هذه الكارثة أن كان هناك اتصال بين البلدين فبحسب صحيفة "يديعوت إحرنوت" كان هناك تنسيق بين تل أبيب ودمشق تبلغ فيه إسرائيل قيادة النظام فى دمشق بمعلومات عن عمليات القصف التى تنفذها ضد أهداف فى العمق السوري وتوضح هدف الضربة.
رغم هذه العلاقات السرية، لكن من المستبعد أن تكون جسر أو خطوة لتحسين العلاقات بين البلدين ولن تخرج هذه الاتصالات إلا فى إطار محدود ولحظية فقط ولن تصل إلى حد التطبيع ولحاق دمشق بقطار الاتفاقات الإبراهمية.
رفع المستوى الدبلوماسي بين سوريا ودمشق
وإلى جانب إسرائيل سارعت تونس إلى إرسال مساعدات إلى كل من تركيا وسوريا، بل وصلت إلى ابعد من ذلك وقررت تونس برفع مستوى الدبلوماسي مع دمشق فى خطوة فسرها البعض أنها مؤشر على تحسين العلاقات بين البلدين.
كما قامت الولايات المتحدة باتباع نهج استثنائي مع سوريا البلد المنكوبة التى لم ترمم جراحها من الحرب الأهلية منذ عام 2011 والتى استنزفت البلد ومزقتها إلى أشلاء وشرد الملايين وفروا إلى مناطق نائية فى مخيمات بعيدة عن الصراع الشرس بين الفصائل السورية والنظام السوري. وتحولوا إلى ضيوف غير مرحب بهم فى دول أخرى بل أصبحوا ورقة مساومة تستخدمها دول للضغط على دول أخرى.
زلزال القرن يجبر واشنطن تعليق العقوبات على سوريا
فخلال كارثة الزلزال أعلنت واشنطن تعليق العقوبات لمدة 180 يوم للسماح بإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية.
وتفرض الولايات المتحدة على النظام السوري قانون يعرف بقانون "القيصر الأمريكي" وهو يمنع الدول من تقديم دعم للنظام السوري ويفرض عقوبات عليها فى حال خرقت القانون.
وفيما يتعلق بتركيا كسرت دول عدة حاجز العداء مع أنقرة ووضعت الخلافات جنباً وشرعت فى تقديم المساعدات، مثلما ما فعلت السويد فناست موقف تركيا المعرقل للإنضمام إلى الحلف العسكري "الناتو" وشرعت فى تقديم المساعدات، رغم الخلافات المتزايدة بين البلدين خلال الآونة الأخيرة بين البلدين واتهام أنقرة السويد بأنها تأوي أشخاص تتبع لحزب العمال الكردستاني وهو ما تصنفه أنقرة أنها جماعة إرهابية ويضرون بالأمن التركي.
أعوام من الخلافات يذيبيها زلزال القرن
وإلى جانب السويد قامت أرمينيا لأول مرة منذ 35 عام بفتح الحدود مع تركيا رغم الخلافات التاريخية بين البلدين بسبب رفض أنقرة الاعتراف بمذابح الأرمن التى نفذت على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب الأولى بإعتبارها إبادة جماعية، إلى جانب تزايد التوتر بين البلدين بسبب النزاع العسكري بين أرمينيا وأذربيجان.
كما أدى الزلزال المدمر إلى تعليق حزب العمال الكردستاني عملياته فى تركيا مؤقتا بعد الزلزال، رغم استهداف أنقرة للأكراد سواء فى العراق أو سوريا وتصنيف الحزب الكردي أنه جماعة إرهابية.
وفى إطار حملة التضامن الدولي التى ظهرت خلال الكارثة الإنسانية اتخذت اليونان زمام المبادرة وبدأت بكسر حاجز العداء مع تركيا وقام وزير خارجيتها بزيارة أنقرة واستقبله وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوجلو فى المطار وأظهر المشهد حالة من الود بين الجانبين رغم الخلافات المثقلة والعالقة بين البلدين، إلى حد طالب وزير الخارجية اليوناني بتحسين العلاقات بين البلدين.