من مغني في المقاهي لـ فنان الشعب.. سيد درويش قصة كفاح شاب مصري لا يعرف المستحيل
ADVERTISEMENT
يعتبر الفنان سيد درويش من أمثلة الشباب التي يحتذى بها في الكفاح والصبر الطويل، وبالرغم من موهبته الكبيرة التي يستطيع من خلالها أن يصل إلى العالمية، إلا أنه لم ينتظر الفرصة لتأتي له على طبق من ذهب، وحاول خلال رحلة الوصول إلى الشهرة في المجال الموسيقي الذي يعشقه، أن يستغل كل المتاح حوله من وظائف.
تحيا مصر يرصد لكم في هذا التقرير ملامح عن حياة سيد درويش
سيد درويش شاب مكافح
ما لا نعرفه عن باعث النهضة الموسيقية سيد درويش، هو استمراره لفترة بالعمل في المقاهي وكل ما يخص البناء، بل وأنه من رموز الكفاح التي لا تكل ولا تمل، وعلى الرغم من زواجه في سن الـ ١٦ من العمر، إلا أنه استطاع أن يكون شخص مسؤول عن عائلة وضحى بكل شئ من أجلها.
ولد السيد درويش البحر في الإسكندرية عام ١٨٩٢ وكانت بدايته الفنية في الإنشاد مع أصدقائه لألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري، وكان محبًا للموسيقى بشكل كبير لكنه التحق بالمعهد الديني لأحد المساجد بالإسكندرية عام ١٩٠٥ لعدم قدرة والديه على تحمل تكاليف تعليمه، وخلال هذه الفترة حفظ القرآن وتجويده وبعد التخرج منها حصل على لقب “الشيخ سيد درويش” وبعدها درس عامين في الأزهر.
لكن حبه للفن دفعه لترك دراسته، والتوجه لمدرسة الموسيقى والتي وجد فيها داعمه الأول الأستاذ "سامي أفندي" الذي شجعه على الاستمرار في التدريب، ورأى فيه فنان موهوب.
الصدفة تغير حياة سيد درويش
ولكن أعباء أسرته دفعته للعمل مع الفرق الموسيقية ليحصل ليكسب من خلالها الأموال، لكنه لم يوفق فاضطر أن يشتغل عامل بناء، وخلال عمله كان يرفع صوته بالغناء ويطرب الحاضرين معه من عمال وأصحاب العمل، وتصادف وجود الأخويين أمين وسليم عطا الله السوريين في مقهى قريب من المكان الذي كان يعمل فيه درويش، وحينها خطف صوته انتباههم نظرًا لما فيه من روعة وإتقان، وعلى الفور اتفقا معه أنه يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام عام ١٩٠٨ واستطاع خلال هذه الرحلة ان يتعلم الموسيقى بشكل أوسع وأتقن أصول العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية وبدأت موهبته الموسيقية بالتوهج في سماء الفن، وبعد فترة لحن "دور يا فؤادي ليه بتعشق" وبالرغم من استقراره لفترة ليست قصيرة في سوريا لكن الحنين للوطن أعاده مرة أخرى لها.
وانتقل سيد درويش للاستقرار في القاهرة في عام ١٩١٧ ولم يكتفِ بما حققه طوال فترات التدريب من نجاحات، واستطاع أن يجعل نجمه ساطعًا محلقًا وصار إنتاجه غزيرًا ولحّن لكافة الفرق المسرحية في عماد الدين مثل فرقة نجيب الريحاني، وچورچ أبيض، وعلي الكسار حتى قيام ثورة ١٩١٩ فغنى "قوم يا مصري مصر دايمًا بتناديك" والتي جعلها الثوار في ذلك الحين بمثابة أيقونة الثورة التي لخصت كل معانيها، وبعد انتشار أغانيه وترديد الجميع لها أطلق عليه "فنان الشعب".
زوجات سيد درويش
ظل الجمهور في حيرة لفترة كبيرة من الزمن، ما سبب براعة هذا الملحن الفذ؟ فهو متميز في جميع ألحانه سواء الوطنية أو الرومانسية، وكانت الإجابة الأخيرة أن السر يكمن في وجود مُلهمة له، بل وأكدها مصادر مقربة من الفنان، فبعد زيجته الأولى تزوج سيد درويش من "جليلة" عام ١٩١٨ وكان حبه لها هو الأكبر وكانت لها العديد من الأغاني التي تعبر عن مدى حبه لها، مثل "أنا هويت وانتهيت”، و"زورونى كل سنة مرة" لها، وأنجب منها حسن.
ولم تكن الأخيرة حيث أكد الكاتب الصحفى حنفى المحلاوى فى كتابه “من قتل سيد درويش” أن فتاة من طنطا تدعى “فردوس” في حياة فنان الشعب والتي قال فيها:
يا ناس أنا مت فى حبى وجم ملايكة يحاسبونى
قالوا لى روح جنة رضوان اخترت أنا جنة فردوس
هل مات سيد درويش مُسمم؟
وبعدها أحب “حياة صبري” واسمها الحقيقي عائشة عبد العال من فرقة عكاشة، ثم “منيرة المهدية” التي كانت محطة النهاية له، وورد اسمها في تحقيقات وفاته أو مقتله، وقد صرح الشيخ خاطر صديق سيد درويش عن حقيقة مقتله، وقال أن أخر أيامه دارت في شجار بين عواد فرقة منيرة المهدية التي قد وضع لها سيد درويش لحنًا، وقام العواد بإعطائه إلى مطربة تدعى "وداد" لكنها شوهت اللحن وثار عليها سيد درويش، وبعد ذلك حاولت وداد التوسل له ليعلمها أصول الغناء ودعته لمنزلها وأعدت له كميات ضخمة من الطعام وفي صباح اليوم التالي كان جثة هامدة، فهل مات سيد درويش مُسمم؟.