من إسرائيل إلى السعودية..فهل ينجح بايدن في تحقيق أهداف زيارته للشرق الأوسط؟
ADVERTISEMENT
اختتم الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارته إلى إسرائيل وفلسطين وخلال زيارته لإسرائيل حرص بايدن على إظهار الولاء الأمريكي لإسرائيل وإظهار ثبات السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وعدم تغييرها بتغير الزعماء الذين يجلسون على عرش البيت الأبيض سواء كان الحاكم جمهوري أو ديمقراطي، وإن ظهر بايدن فى بداية توليه منصب الرئاسة مرونة وعدم اغلاق الباب في الوجه الفلسطيني مقارنة بترامب الذي أظهر تعصبه بوضوح ضد القضية الفلسطينية.
خلال الزيارة القصيرة لبايدن لإسرائيل وقع اتفاقية شراكة في المجال التكنولوجي كما وقع “إعلان القدس” الذي يتضمن حرص واشنطن على ضمان أمن إسرائيل وردع إيران الذي يمثل التهديد الأكبر لإسرائيل، كما حرص على إحياء ذكرى “الهولوكوست” بزيارة متحف "ياد فاشيم" والتقى بعدد من الناجيين من مذبحة النازيين، وبعد أن انتهت جولته في إسرائيل وصل إلى الأراضي الفلسطينية والتقى برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وأعلن عن تقديم مساعدات للقطاع الطبي تقدر بـ ١٠٠ مليون دولار وقبل أن يختتم زيارته إلى فلسطين أكد على حل الدولتين دون أن يقدم المزيد من الوعود لفلسطين.
وبعد أن اختتم زيارته لإسرائيل وفلسطين وصل إلى بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية ومن المقرر أن تستمر زيارته للسعودية إلى يوم السبت، وخلال هذه الزيارة سيلتقي بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ويعقب ذلك مشاركة في قمة تجمع قادة مجلس التعاون الخليجي كما سيلتقي بالرئيس المصري، وملك الأردن، ورئيس الوزراء العراقى.
فما الذي يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته للشرق الأوسط وما الذي يمكن أن يحققه خلال هذه الزيارة القصيرة المليئة بزخم من الأهداف الأمريكية؟ وهل زيارة بايدن للشرق الأوسط وتوقيع "إعلان القدس" مع إسرائيل سيؤثر على مسار المفاوضات النووية الإيرانية؟
يجيب على هذه التساؤلات لموقع تحيا مصر د. إسماعيل تركي الباحث في العلوم السياسة بجامعة القاهرة.
بايدن ورسالة سلام من إسرائيل إلى السعودية
حول ما يتعلق بدعوة إسرائيل بمد يد السلام لدول المنطقة ودعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد لتحقيق سلام مع المملكة العربية السعودية يقول د/إسماعيل:"بالنظر إلى الأهداف الرئيسية لزيارة بايدن إلى السعودية هي اقتصادية في الأساس، فالإدارة الأمريكية معنية بزيادة إنتاج النفط بهدف تخفيض أسعار الطاقة، وسيعمل الرئيس الأمريكي على الدفع باتجاه خطوات تطبيعية بين السعودية وإسرائيل، ويحمل بايدن خطة للتطبيع بين الدولتين، إذ يمكن اعتبار الزيارة أنها حجر الأساس لبدء التطبيع بين إسرائيل والسعودية وهو ما ظهر في مؤشرات منها فتح المجال الجوي أمام كل الطائرات التي تستوفي الشروط العبور من وإلى إسرائيل وهو ما كان مرفوض".
وأضاف د/إسماعيل:" هناك أيضا تحول يحدث في الرأي العام السعودي تجاه إسرائيل قد يؤشر لتقارب محتمل بين البلدين، رغم تمسك المملكة بموقفها بعدم المضي في التطبيع قبل التوصل إلى حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأوضح د/ إسماعيل:" أرى أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية قد تحدث تقارب محتمل مع السعودية بعد إعلان أربع دول عربية التطبيع خلال السنتين الماضيتين مع إسرائيل، الإ إنى أعتقد أن المملكة متمسكة بموقفها بعدم المضي في التطبيع قبل التوصل إلى حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".
أزمة الطاقة.. وأمل بايدن في دول الخليج
وتعقيبا على أزمة ارتفاع أسعار الطاقة التي تشهدها العالم وحول هدف الأمريكي نحو إقناع السعودية ودول الخليج بزيادة إنتاج النفط قال د/إسماعيل :" أما فيما يخص زيادة إنتاج النفط والغاز من قبل مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ارى أن هناك رغبة أمريكية حثيثة للوصول اختراق في هذا الملف الحيوي والهام خاصة بعد رفض دول الخليج الضغوط الأمريكية على هذه الدول منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية وذلك يرجع لارتفاع أسعار النفط وتأثيره على المواطن الأمريكي وحتى على الشركاء الأوروبيين ولكن بالنظر إلى أن المملكة العربية السعودية تتمسك بعدد من الثوابت أهمها التزامها بالمواثيق والقرارات التي تم اتخاذها ضمن المنظمات الدولية منها منظمة" أوبك" و"أوبك +" فهي ملتزمة بما تم الاتفاق عليه مع باقي الدول".
وأضاف د/إسماعيل: "خاصة أن هذا الوضع يحقق مكاسب كبيرة للدول الخليجية ومنها السعودية والإمارات التي اعلنتا دوما إنهما وصلتا للطاقة القصوى للإنتاج ولا تستطيع أي منهم زيادة إنتاج النفط ولكن بالنظر إلى الوصول إلى ترضيه من الممكن أن تزيد المملكة إنتاجها بعد شهر من انتهاء اتفاق أوبك بلس.
حلف شرق أوسطي شبيه بالناتو يضم العرب وإسرائيل
وحول القمة العربية الأمريكية المرتقبة، وتصريحات إسرائيل المتكررة حول تشكيل تحالف شرق أوسطي شبيه بالناتو لمواجهة إيران يقول د/إسماعيل في هذا الصدد:"خلال قمة جدة المقرر عقدها مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى مشاركة الرئيس المصري، وملك الأردن، ورئيس وزراء العراق ستركز الإدارة الأمريكية خلال تلك القمة على رؤيتها لتوسيع التعاون مع الدول الخليجية وسائر الدول العربية فيما يتعلق بإيران، ومحاولة إدماج إسرائيل في هذا النظام قدر الإمكان ،إذ تم الإعلان عن أن بايدن يبحث "رؤية إنشاء منظومة دفاعية متكاملة ضد الصواريخ والسفن الهجومية".
زيارة بايدن للشرق الأوسط لتحقيق أهداف سياسية في الداخل الأمريكي
وأضاف الباحث في العلوم السياسة أن:" بايدن من جانبه لديه رغبة في تسجيل إنجاز سياسي في هذه المنطقة قبل الانتخابات النصفية المقررة في ديسمبر المقبل بعد تدهور شعبيته وارتفاع نسب التضخم وزيادة أسعار الطاقة على المواطن الأمريكي، لكن القادة العرب استبقوا هذه الزيارة بعدد من القمم الثلاثية والزيارات المكوكية للتوافق على رؤية عربية واضحة تقلل من أثر الضغوط الأمريكية وتضع المصالح المشتركة فوق كل اعتبار وعلى رأس تلك المسائل هي كيفية المساعدة في حل الأزمات في المنطقة كالأزمة اليمنية والليبية والسورية وغيرها وكيفية التعامل مع أذرع إيران في تلك الدول وحفظ أمن دول الخليج ومواجهة التهديدات الإيرانية".
إضافة إلي مواجهة التحديات والمخاطر في المنطقة منها مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة إلى جانب مناقشة مسألة أمن المرور في البحار والمضايق البحرية وإزالة التهديد الموجود والمحتمل، إضافة إلى المساعدة في دفع سبل حل القضية الفلسطينية إلى الأمام والضغط من أجل الوصول إلى مباحثات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني الإسرائيلي.
بايدن في الشرق الأوسط.. وبوتين في إيران
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط تزامنا مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران وحول مدى تأثير ذلك على سير المفاوضات النووية الإيرانية يقول د/إسماعيل:" أعتقد أن أحد أهم الأهداف لتلك الزيارة هي ضم وسحب دول المنطقة إلى الحليف الأمريكي وعدم ترك دول المنطقة إلى المضي قدما باتجاه روسيا أو الصين وهو ما ظهر في اعتراف الرئيس الأمريكي نفسه بخطأ ارتكبه أن أدار ظهره لدول المنطقة رغم أهميتها وأنها جاء لتصحيح هذا الخطأ".
وأضاف د/إسماعيل:" تتحرك روسيا والرئيس بوتين من أجل ضم أكبر عدد من الحلفاء وإفساد زيارة بايدن فزيارة بوتين إلى إيران نوع من الدعم لها في مقابل الضغوط الأمريكية خاصة في ظل التنسيق بين إيران وروسيا في عدد كبير من القضايا سواء كان الملف النووي أو القضية السورية، خاصة بعد" إعلان القدس" الذي التزمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية كتابيا بأمن إسرائيل وأنها ستسمح بعمل عسكري لإسرائيل لحفظ أمنها إذا تطلب الأمر فهي تحركات على قطعة الشطرنج لإعادة التوازن في مسألة غاية في التعقيد في ظل عالم على شفا الإنفجار.
بايدن والقضية الفلسطينية.. فما الذي يمكن أن يحققه للفلسطينيين ؟
وتعقيبا على زيارة بايدن للأراضي الفلسطينية ولقاءه برئيس السلطة الفلسطينية وحول مدى تأثير هذه الزيارة على القضية الفلسطينية يقول د/إسماعيل ": فيما يخص القضية الفلسطينية أعتقد أن بايدن جاء إلى المنطقة تحت ضغوط عالمية واقتصادية أثرت بشكل كبير على كل دول العالم من أهمها ارتفاع أسعار الطاقة والخوف من تفكك الحلفاء سواء الأوروبيين أو في مناطق العالم فقد جاء الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة للتأكيد على الالتزام التام بحفظ أمن إسرائيل وهو ما ظهر في إعلان القدس
وتابع الباحث في العلوم السياسة قائلا :"ما يتعلق القضية الفلسطينية ورغم إعلانه أن قناعته لحل القضية تتمثل في حل الدولتين، إلا أنه كلام لا يحمل أي التزام أو حتى الضغط على الأطراف وهو عرض فقط رغبته في احتضان مباحثات سلام إذا رغب الطرفان وهو أمر غير كافي من رئيس أكبر دولة في العالم". وأضاف د/إسماعيل:" حول ما يتعلق بالتبرع بـ١٠٠ مليون دولار للقطاع الطبي فهو أشبه ببرنامج إغاثي لا اكثر ولا اقل وبالتالي لن يكون هناك حلحلة لهذه القضية الفلسطينية أو تقدم في مسار حل هذه القضية".