أحمـد مصطفـي أميــن يكتــب ::يا عزيـزي كلنــا قاتلــون
ADVERTISEMENT
حلت منذ أيام وتحديداً يوم 21 يونيه الجاري الذكرى الـ 93 لميلاد العندليب عبد الحليم حافظ ، و تأملت بعد قراءة هذا التاريخ كيف كان المجتمع المصري في زمن العظماء مرتبط بالفن و القيم والرقي في التعامل وكيف كان الفن يعزز القوي الناعمة المصرية في كافه مناحي الحياه ، هذا الفن الذي كان جزءاً لا يتجزأ من الوجدان المصري لدوله تعيش فوق تراكم حضاري تنفرد به عن شعوب الأرض كافه.
تحيا مصر
ولكن شتان ما بين زمن الفن الجميل و المجتمع الراقي ، و بيــن هذا الأنحدار المجتمعي المتعمد و المقترن بسبق الإصرار و الترصد لجريمة نعلم جيداً من يقف ورائها ويدعمها ، فقد زهلت مما يجرى في الشارع المصري من جرائم بعيدة كل البعد عن الشخصية المصرية التي جرفت عن عمد من كل سماتها ومن مورثوها الثقافي و التاريخي و الفني عن عمد ، في واقع الأمر أن مقتل فقيدة الشباب " نيـــرة" لم يكن بأيدي قاتلها العاشق الملعون ، ولكننا جميعاً قد شاركنا في قتلها ، قتلها أهالي غابت التربية عن مفهومها نتيجة الأستسهال في كل شيء ، أهالي غابت عن قاموسها كلمه "عيـب " و كلمة "حـرام" ، قتلتها مدارس ليس بها مدرس قدوة همه الأول و الأخير البحث عن الدروس الخصوصية ، ولا ناظر يقوم بدوره ويعلم الأبناء القيم و المثل العليا كما كان يفعل العديد من نظار المدرسة في الزمن الجميل ، ولا مديرة مدرسه تقوم بدور الأم لتوجه هذا الجيل و تعظه للأخلاق التي فقدت والأهم التابلت الغايب عن الوعي ، قتلها وزير التعليم حينما الغي حصة الدين من المجموع فصار الطلبة بلا تربيه وبلا تعليم و بلا دين ، قتلها غياب دور مراكز الشباب التي من المفترض أن تكون منارة لتوجيه الشباب و غياب المراكز الثقافية و المسرحية عن السمو بالروح و الأخلاق ، قتلها ايضاً غياب الأعلام عن الأرتقاء بتقديم الوعي المجتمعي ، قتلها القائمين علي المساجد و الكنائس الذي تناسوا دورهم الحقيقي و تفرغوا لفتاوى لا تتناسب مع شباب هذا الزمان الناتج من عدم تجديد الخطاب الديني ، مشايخ غاب عنهم المعنى الحقيقي لدورهم في إتمام مكارم الأخلاق وتعميق الإحساس بالضمير ليعبد الناس ربهم بمنطق " فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قتلها الشيخ المبروك حينما تحدث عنها بكلام لا يليق ولا يصح من أستاذ في الجامعه قبل أن يكون باحث عن التريند الملعون.
أحمـد مصطفـي أميــن :: يكتــب ::يا عزيـزي كلنــا قاتلــون
و أخيراً قام بذبحها بسكين بارد " محمد رمضان و شركاه" من حمو بيكا و شواحـه إلي تلك القائمة الملعونة، حتي تتقدم أنصاف دول علي حسابنا ، فيساق الجميع إلي مزيداً من الأنحطاط و الأبتذال الذي دمر هذا النشيء في مهده عقب الخروج من تبعات يناير الأسود .أن هذا الشباب البسيط لم يتعلم في مدارس و لم يحظي بأيه ثقافة أنسانيه و افتقدوا القدوة و النموذج فأصبح الشارع هو المعلم و أصبحت الفهلوة شعار الجيل ، هذا الشباب الذي أفتقد المشروع الثقافي و الفني.
أيها السيدات و السادة أن هذا الأنفلات المجتمعي في هو أبن غير شرعي لواقع مصر التي تم إهمالها عن عمد لما يقرب من نصف قرن كامل في تشكيل الوعي ، و أبحثوا عن علاج لهذا المرض العضال الذي أصابنا جميعاً ، متمنياً أن يتم مناقشه هذا الواقع في الحوار الوطني القادم لأنه يحتاج إلي مشرط جراح لمعالجه الأمر.
أن حال وطننا الآن بعد عشرات السنين من الهدم خلال سنواته الزاهرة ، هو أشبه بأغنية للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وأخرى لحمو بيكا ، الذي هو حصاد لزرع ونبت ردئ، تمت رعايته وتغذيته لعشرات السنين حتى أنتج هذا القبح فصرنا جميعاً قاتلون بدم بارد!!
وفق الله القائمين على أمر هذا الوطن، لإصلاح ما أفسده المفسدون ، لتعود مصر وشعبها العظيم ، بتاريخها العظيم، وبقدرات شعبها العظيم، لتبدع وتعلم وتتفوق في كافة ميادين العلم والإبداع … فلا يليق بمصر أن تعيش ما تعيشه الآن من واقع ووزن لا يعكس عظمتها وعظمة شعبها … حفظ الله مصر وشعبها وجيشها و قائدها من كل مكروه وسوء و تحيا مصر.