«مدخلا للتعرف على الظروف المحيطة».. كيف تري اللجنة الاقتصادية تحديات الاقتصاد المصري فـي ظـل المستجدات العالمية؟
ADVERTISEMENT
ترى لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشيوخ، أن التحديات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد المصري تمثل مدخلا مهما للتعرف على الظروف المحيطة بدراسة خطة التنمية وأن مصر ليست بمعزل عن العالم وتغيراته المتوالية كما أن الاقتصاد المصري مثلما يتأثر بالمتغيرات المحيطة فهو ايضا يؤثر في هذه المتغيرات.
لذلك كان من اللازم أن تؤكد اللجنة على أمرين: الأول وهو ضخامة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية تضاعفها بسبب أزمتين متواليتين سواء جائحة كورونا والأزمة الروسية الاوكرانية وحالة التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد العالمي منذ سنوات قليلة مضت.
كيف تري اللجنة الاقتصادية تحـديات الاقتصاد المصري فـي ظـل المستجدات العالمية؟
والثاني آليات الدولة التي استطاعت بها مواجهة هذه التحديات لتضع في النهاية رؤية واضحة لمستقبل الاقتصاد المصري في ظل هذه التحديات وفي ظل حزمة الاجراءات التي اتخذتها الحكومة على كل المستويات للحفاظ على مكتسبات حققتها الدولة بفعل انجازات برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ في عام ٢٠١٦ وفي نفس الوقت تأكيـد صـلابة وقوة الاقتصـاد المصري في ظل الظروف غير المواتية وبشهادة مؤسسات التمويل الدولية ووضع خطة الاصلاح الهيكلي كمرحلة ثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي.
وفي هذا الإطار وفي ظل ما يعتري العالم من ازمات اقتصادية متوالية واستمرار تداعيات موجة تضخمية عنيفة، بدأت في التأثير فعليا على اقتصادات الدول خلال الشهرين الأخيرين، وذلك بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما تأتي تداعياته في ظل عالم لم يتعاف بعد بشكل كامل من جائحة كورونا، إلى جانب استمرار أزمات سلاسل التوريد وغيرها من تداعيات الجائحة الأخرى.
ولم تكن مصر بمعزل عن العالم بل إن وضعها الحالي جعلها ضمن أكثر الدول تأثرا بالأزمة مع الاعتماد بشكل كبير على استيراد جزء كبير من السلع الأساسية التي قفزت أسعارها بسبب تداعيات الحرب، إلى جانب تأثر القطاع الخارجي بشكل ملحوظ بالأزمة خاصة في ظل ما يمثله طرفا الحرب من أهمية لقطاع السياحة في مصر.
إلا أن ملامح الأزمة ظهرت على مصر كأكبر التحديات التي مرت بها الدولة منذ عقود، رغم مساهمة نتائج إجراءات الإصلاح الاقتصادي السابقة في تحمل بعض منها، حيث تراجع الاحتياطي النقدي وتأثر قطاع السياحة، وكانت مصرإحـدى الأسواق الناشئة التي شهدت خروجا ملحوظا لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين مـع تطورات الأوضاع ومخاوف المستثمرين.
ولم تكن مصر أيضا لتقف عاجزة أمام هذا التحدي غير المواتي ولكنها سرعان ما تعاملت مع تبعات الأزمة إلا أنها تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر، خاصة منذ جائحة كورونا التي لازالت تلقى بتبعاتها على الاقتصاد حتى الآن وبشكل ملحوظ سواء تأثيرها على مناخ الاستثمار والسياحة والتشغيل والتضخم وغيرها من مؤشرات الاقتصاد الكلي، ومن غير المتوقع والغريب في ذات الوقت ان تشابكت تلك التحديات مـع تحـديات أخـرى مرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية الاخيرة.
فقد أعقب هذه الازمة أن واجهت الدول ومن بينها مصر اضطراب في سلاسل التوريد والإمداد وارتفاع شديد لمعدلات التضخم والبطالة وهروب الاستثمار الاجنبي المباشر واختلال في ميزان التجارة وارتفاع تكاليف الشحن، وزيادة في الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثل: القمح، والمواد البترولية، والسلع غير الأساسية أيضا وتأثر الايرادات السياحية بشكل ملحوظ.
فقد واجهت مصر خسائر مادية بلغت في آخر تقدير لها صادر في تصريحات رئيس مجلس الوزراء ما يقرب من 465 مليار جنيه في مطلع فبراير ۲۰۲۲ حيث بلغت الخسائر المباشرة نحو ۱۳۰ مليار جنيه تمثلت في أسعار السلع الاستراتيجية والوقود بالإضافة الى أسعار الفائدة، كمـا مثلـت مـا يقـرب مـن 335 مليار جنيه نتيجـة لزيادة الأجـور والمعاشات وبرامج الحمايـة الاجتماعية، بالإضافة الى الإعفاءات الضريبية.
وربما تأتي هذه الخسائر كفاتورة للأزمات المتوالية وكنتيجة للارتباطات التجارية والسياحية مع دول أوروبا وآسيا الوسطى بالتحديد. فتشير البيانات المتاحة الى تسجيل واردات من الحبوب قادمة من روسيا وأوكرانيا تقدر بنسبة ٤٢% من اجمالي واردات مصر من الحبوب خلال عام ٢٠٢١، في حين بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا وأوكرانيا خلال نفس العام نحو 4.4 مليار دولار.
كما أثرت الازمة على إيرادات مصر من النقد الأجنبي من السياحة، حيث ذكرت تصريحات عن وزارة المالية انه مع انتهاء العام المالي الحالي ستصل الإيرادات السياحية في مصر إلى ما بين 10 إلى ١٢ مليار دولار، رغم فقدان 35% من السياحة نتيجة لفقد السياح الوافدين من أطراف الأزمة الأوكرانية مشيرة بذلك الى التراجع في الايرادات السياحية، وتحاول الدولة تعويض ذلك بجذب المزيد من السائحين من الدول الأخرى منها: ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.
وعلى الرغم من ذلك واجهت مصر أزمة كورونا وهي في مركز اقتصادي قوی قادر على مواجهة التداعيات السلبية وبشكل استثنائي، الامر الذي خفف من حدة الصدمة الأولى وتمكن الاقتصاد المصري من مواجهة تداعيات الازمة الروسية الأوكرانية بشكل مناسب بسبب مرونة الاقتصاد المصري.