صعيد بلا ثأر.. «صفاء عسران» أول فتاة تنهي سلسال الدم بـ«درع التسامح»
ADVERTISEMENT
صفاء عسران.. الاسم الذي أصبح يصدح في محافظة قنا، بعدما استطاعت أن تكسر قيود الصعيد المتعارف عليها، لتكون أول فتاة في مصر والعالم العربي تتدخل للصلح بين العائلات في الجلسات العرفية، وتحلق بعيدًا لتصل إلى كل نجع وقرية داخل الصعيد بأكلمه، متسلحة بـ«درع التسامح» لوقف سلسال الدم الذي تأصل وتوارث منذ الأجداد، لتحقن دماء الشباب الغالي الذي راح ضحية نزاعات لا قيمة لها أشعلها أهل الفتنة لضمان بقائهم.
صفاء عسران تطلق مبادرة «صعيد بلا ثأر»
في محافظة قنا، تجلس صفاء عسران داخل مكتبها محاطة بصور تذكارية لجلسات الصلح العرفي التي كانت سببًا في حدوثها وإنهاء الثأر بين العائلات، لتقص علينا بداية مبادرة «صعيد بلا ثأر» و«درع التسامح» الذي حل مكان «الكفن».
أطلقت صفاء عسران مبدارة «صعيد بلا ثأر» في عام 2013؛ لنشر التسامح والسلام بين العائلات المتخاصمة وإنهاء حالة الثأر بينهم؛ حقنًا لدماء الشباب الغالي، والتي انتشرت داخل محافظات الصعيد بأكمله بمحاضر صلح شرطة رسمية.
«درع التسامح» بدعم من الحكومة
وأوضحت مؤسس المبادرة، أنها استبدلت «الكفن» الذي كان يقدم بين العائلات بـ«درع التسامح» المدعوم من الجهات الحكومية المصرية، حيث حازت على رعاية وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي، ووزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي، بالإضافة للدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، كما كرمت وزيرة التضامن نيفين القباج المبادرة بجائزة الريادة بدعم من مؤسسة «مصر الخير».
وأضافت «عسران»، أن الدرع يهدف لتوجيه رسالة إلى العائلات المتنازعة، أن الحكومة تقف بجانبهم وتدعمهم لإنهاء سلسال الدم الذي حاول أهل الفتنة أن يظل متوارث بين الأجيال ووضع حواجز بين العائلات لإفساد أي محاولات للصلح.
محافظات قنا وأسيوط وسوهاج الأكثر ثأرًا
وأشارت صفاء عسران، أن أكثر حالات الثأر تتواجد بمحافظات قنا وأسيوط وسوهاج، حيث يصل عدد القتلى بين العائلات إلى 6 أو 10 أفراد، خاصة في محافظة قنا، حيث يسود حكم القبلية، التي تستخدم دماء الشباب لتثبت كل عائلة قوتها وأفضليتها عن الأخرى.
بداية ظهور مبادرة «صعيد بلا ثأر»
وعن بداية ظهور المبادرة، أوضحت أنها تمت محاربتها في بداية الأمر، حيث حاول الكثير منع «درع التسامح» من الظهور، مضيفة: «كان بياخد اللقطة من أصحاب النفوس الضعيفة»، موجهة شكرها لمدير أمن قنا السابق أو كما وصفته «الأب الروحي للمبادرة» اللواء مجدي القاضي، الذي كان من أول الداعمين لها وللمبادرة وساهم في تذليل كافة العقبات التي كانت تواجهها.
وأضافت أنها تقوم دائمًا بإهداء الدرع للرئيس عبد الفتاح السيسي، في إشارة منها لإهداء التسامح ونشر السلام والأمن.
وروت مؤسس المبادرة عن إحدى جلسات العرف التي قامت بها في محافظة المنيا، مشيرة إلى أنها كنت من أصعب جلسات الصلح التي استمرت لأكثر من 8 أشهر، لكونها بين 3 عائلات، حيث تم قتل أحد الشباب دون ذنب بسبب معلومات خاطئة بأنه حرض على القتل بين العائلتين الأخرتين، موضحة أنها سافرت إلى المنيا وذهبت إلى منازل العائلات حتى قامت بإمضاء محاضر الصلح وإيصالات الأمانة لـ3 عائلات، مشيرة إلى نظرات الدهشة والاستغراب التي ظهرت على وجوه المتواجدين داخل مديرية أمن المنيا، عندما ذهبت لتوثيق محاضر الصلح بالمديرية.
أصعب مواقف الصلح
وعن أصعب محاولة صلح واجههتها، قالت أنها كانت تخص أم فقدت أبنائها الـ4 في خصومات الثأر وكان منهم اثنين محبوسين في انتظار حكم الإعدام، وأصيب الأب بفقدان النظر والأم بشلل حزنًا على أولادهم، موضحة أنه بعد إنهاء حالة الخصومة بين العائلتين وإمضاء محاضر الصلح، توصلت مع مكتب رئيس الجمهورية لإعادة محاكمة الشابين وإلغاء حكم الإعدام بعد تنازل العائلة ولية الدم، وتواصل معها مكتب ئيس الجمهورية وفي انتظار رد الرئاسة حاليًا.
مؤسس «صعيد بلا ثأر» توجه رسالة لأهل الصعيد
وفي نهاية حديثها، وجهت صفاء عسران رسالة إلى أهالي الصعيد، تناشدهم بوقف سلسال الدم وحقن دم الشباب الغالي أمل المستقبل، ووجهت رسالة إلى الأمهات التي تحرض أبنائها على القتل قائلة: «اعتبري اللي بتحرضي بقتله ده ابنك، ابنك ممكن في يوم يكون مكانه»، مشيرة إلى أن غالبية النزاعات تكون مشكلة بسيطة يستطيع أهل الخير حلها، ولكن هناك دائمًا طائفة من أهل الفتنة تصل بالأمر إلى الدم والثأر.