الكاتب الصحفي ياسر حمدي يكتب: من المستفيد من إجراء الحوار الوطني؟
ADVERTISEMENT
قولًا واحدًا المواطن المصري، لأن دعوة الرئيس السيسي لهذا الحوار المهم، تعني فتح كل الملفات التي تتعلق بالمستقبل، لأن المقصود منه محاولة تمكين لغة الحوار والتفاهم من أجل مصلحة الوطن والمواطنين وارتقاء الأمم وزهو الحضارات، وبالتالي فهو فرصة عظيمة لكل المصريين، فرصة لأن تجدد مصر حيويتها ودمائها بأفكار جديدة نابعة من كل أرجائها، وسط تحديات دولية وأقليمية وداخلية.. لكن في النهاية تظل مصر قادرة على تجاوزها.
الحوار الوطني بمفهومه التقليدي المتعارف عليه هو أليه لإدارة الأزمات بشكل عام، وبالتالي فإن الهدف منه إيقاف الأزمات التي تتعرض لها الدولة أو منعها من الوقوع، من خلال كسر الجمود السياسي وتحقيق الحد الأدنى من التوافق السياسي بين كافة أطراف المجتمع، والتفاوض حول الإصلاحات وترتيب الخطوات الهامة والأولى بالتنفيذ، وصولًا لحل توافقي لكل القضايا والملفات المطروحة، بغرض رسم الخريطة السياسية المستقبلية بالشكل المتفق عليه من قبل الجميع.
دعوة الرئيس السيسي لهذا الحوار المهم جائت في وقتها، وأثبتت بكل تأكيد أن الجمهورية الجديدة تتسع للجميع، وأنها تسير على الطريق الصحيح، والخطى التي تحددت ملامحها مؤخرًا، ليعيش الإنسان في الحياة الكريمة التي تنشدها القيادة السياسية للأسرة المصرية، متمتعاً فيها بكل حقوق الإنسان.. وكي يتمثل ذلك كحقيقة على أرض الواقع فإنه لا بد من البحث في السبل والقنوات الممكنة ومن ثم تفعيلها ومنحها المساحة والدعم المطلوبين لإرساء الحوار الوطني ودعمه، ولذلك جاء توقيت هذا الحوار في محله.
في إعتقادي أن هدف الدولة المصرية من هذا الحوار هو خلق جبهة قوية داخلية تشارك في مواجهة كل التحديات التي تتعرض لها مصر في كافة المجالات والأصعدة.. وبالتالي هي فرصة عظيمة لوضع الحلول لكثير من المشكلات المتراكمة عبر عدة عقود من الزمن، إضافة إلى أن هذا الحوار سيضع أولويات للعمل الوطني خلال المرحلة القادمة.. وبالتالي هناك دور مهم وقوي على عاتق الأحزاب السياسية، وهو إختيارها بعناية فائقة عناصر النقاش في الحوار الوطني.
والمطمئن أن إدارة الحوار أُسندت من قبل الرئيس مباشرةً للأكاديمية الوطنية للتدريب، وهي الآن تتخذ من أروقتها ساحة للحوار الشامل والنقاش بتجرد وحيادية تامة، وتعاملت بإحترافية مع التكليف، وأعلنت الإستمرار في تلقي طلبات المشاركة من مختلف القوى والتيارات وكل الفئات في المجتمع المصري دون تمييز أو إقصاء لأحد، وأكدت أن دورها تنسيقي بين كل التيارات المشاركة بالحوار، بعيدًا عن التدخل في مضمون ما تتم مناقشته في جلسات الحوار، لإفساح المجال أمام حوار وطني جاد وفعّال وجامع لكل القوى والفئات، وبصراحة هي الوحيدة الجديرة بذلك.
والسؤال المهم هو: كيف يمكن تحقيق الغاية من الحوار الوطني؟.. والإجابة تتلخص في الإرداة السياسية، وتعني اتفاق النخبة المشاركة في الحوار على المضي قدمًا في هذا الحوار، فكلما ازدادت الإرادة وتوافقت الأطراف المشاركة وكانت لها نية صادقة في إنجاح الحوار والتوصل لحل وسط كلما نجح الحوار في تحقيق غاياته، بالإضافة إلى الأرضية المشتركة بين الأحزاب السياسية، فوجود أحزاب سياسية متعارضة يؤدي إلى إفشال الحوار الوطني، ولهذا لا بدّ من اشتراك الأحزاب بالمبادئ والأهداف الأساسية للوصول إلى آراء متقاربة وبالتالي ضمان نجاحه وتحقيق الغاية من إجرائه. وأخيرًا هناك استبشار بفكرة أن يكون حوار وطني، ندخل من خلاله إلى عالم يعترف بقيمة الحوار ولا يهابه، يعطيه مكانته في العمل الوطني كعنصر قوة لا عنصر ضعف، يراه ملمح إنساني وحقيقة كونية تنضبط شروطه تحت الإيمان بالثابت لا القفز عليه، يعزز من اللحمة الوطنية لمواجهة تحديات المستقبل لا مهرجان موسمي يذكر أن ثمة شيئًا أسمه حوار وطني.