الكاتب الصحفي ياسر حمدي يكتب: الحوار الوطني
ADVERTISEMENT
إن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعضاء الأحزاب السياسية وغيرهم من أبناء الأسرة المصرية لحضور حفل «إفطار الأسرة المصرية» في رمضان الماضي، وتزامنه مع الإفراج عن عدد من السجناء، هو مؤشر إيجابي على فتح صفحة جديدة ومجال حوار بين النظام السياسي والمعارضة، كما أن دعوته خلال الحفل إلى عقد «حوار وطني»، تمنح الجميع قدرًا من التفاؤل خلال المرحلة المقبلة، خاصةً أنها تعكس نوايا جادة تجاه التعاون مع الأحزاب والإيمان بدورها في المجتمع، في إطار توجه عام من الدولة لفتح المجال أمام كل القوى السياسية دون تضييق.
ولإنجاح هذا الحوار المرتقب لابد من وضع الترتيبات الهامة، أولها تحديد «المعارضة» التي ستحضر، مع إعطاء أولوية وفرصة أكبر للأحزاب غير الممثلة في البرلمان، وفي الوقت ذاته لابد من ضرورة الانتهاء من ملف الإفراج عن السجناء غير المتورطين في الإرهاب، أو بشكل أوضح سجناء الرأي واللذين لم تلوث أياديهم وأفكارهم بدماء أبناء الوطن وشهدائه. والكثيرون يتساءلون عن الهيكل التنظيمي لهذا الحوار ومن الذين سينضمون إليه؟ وهل هناك خطة عمل متكاملة فنيًا ومحددة زمنيًا تتضمن البنود الأساسية التي سيتناولها ذلك الحوار؟ وأين المكان؟ وهل يحتاج ذلك الحوار جهة متخصصة محترفة تدير وتنظم إيقاع الأطروحات والمناقشات، لتصيغ ذلك داخل خطة عمل متكاملة؟ ومن هي الجهة التي تتعهد بتنفيذ تلك الخطة المتفق عليها فنياً وزمنياً؟.
أسئلة كثيرة مهمة تم ويتم طرحها، ومن خلال تلك الأسئلة يتضح لنا أن ذلك الحوار الذي دعى إليه السيد الرئيس هو مشروع للتنمية المتكاملة الشاملة اقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا وسياسيًا، الأمر الذي دعى الأكاديمية الوطنية للتدريب إلى تحمل هذه المسؤولية، وكما عودتنا دائماً بحياديتها التامة وقدرتها الإحترافية على إدارة مثل هذا الحدث الجلل؛ أكدت في بيان لها أول أمس أنها بالتنسيق مع كافة التيارات السياسية الحزبية والشبابية تقوم بإدارة حوار وطني حول أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج هذا الحوار إلى الرئيس، وستقوم الأكاديمية بإدارة هذا الحوار الوطني بكل تجرّد وحيادية تامة.
وأن دورها سيتمثل في التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة بالحوار دون التدخل في مضمون أو محتوى ما تتم مناقشته، من أجل إفساح المجال أمام حوار جاد وفعال وجامع لكافة القوى والفئات، ويتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية والقوى السياسية المختلفة، ليكون خطوة مهمة تساعد على تحديد أولويات العمل الوطني وتدشن لجمهورية جديدة تقبل بالجميع، ولا يمكن أن يُفسد فيها الخلاف في الرأي للوطن قضية.
وأنها ستقوم باعتماد مبدأ توسيع قاعدة المشاركة في الحوار من خلال دعوة جميع ممثلي المجتمع المصري بكافة فئاته ومؤسساته بأكبر عدد ممكن لضمان تمثيل جميع الفئات في الحوار المجتمعي، وتحقيق الزخم الحقيقي والمصداقية وتدشين مرحلة جديدة في المسار السياسي للدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التي كانت تضعها في حالة استثنائية، كما سيتم مراعاة التنوع في أماكن عقد جلسات الحوار بحيث تشمل معظم مناطق الجمهورية.
وأكدت أنه تم فتح باب التسجيل على الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب لمن يرغب في المشاركة وفتح الأفق والمجال أمام الجميع، وذلك لبدء جلسات الحوار، بالإضافة إلى ذلك سيتم تشكيل لجنة مشتركة حيادية من مراكز الفكر والرأي، تكون مهمتها تجميع مخرجات الحوار الوطني عبر جلساته المختلفة في وثيقة أولية موحدة متفق عليها من جميع القوى والفئات المشاركة، يتم رفعها إلى رئيس الجمهورية.
وبما إن الموضوع كذلك فيلزم أن تتسع الرؤية لتذهب بعيدًا عن أسماء أحزاب أو أشخاص، حيث يحتاج ذلك الحوار رجال دولة وفكر من خبراء وعلماء وباحثين ومفكرين، وهنا لا بد الإشارة إلى علماء مصر بالخارج في جميع المجالات، فلماذا لا يتم دعوتهم ومطالبتهم بوضع تصور كل في مجاله؟، وفي كل الأحوال، فيجب الأخذ في الاعتبار أن التماسك الشعبي القوي المساند والداعم للرئيس والقيادة السياسية، والذي له دور كبير في الإنجازات التي حدثت عمليًا وأمنيًا، لم يكن له أي بوصلة حزبية أو سياسية، لأن معظم ذلك التكتل الشعبي الصلب هم مما كانوا يطلقون على الكثير منهم حزب الكنبة، والذي كان بعيدًا وما زال بعيدًا عن أي توجهات أو اتجاهات حزبية أو سياسية، وعليه يلزم أن تكون خطة العمل المنبثقة من ذلك الحوار على توافق ثقافي واجتماعي وعملي مع ذلك التكتل.
ولذلك أقترح أن لا يصطبغ ذلك الحوار بأي ألوان سياسية أو مصالح شخصية حتي تتوافق الرؤية بين الشعب وأهداف الحوار.. وأخيرًا نتمنى أن يكون هذا الحوار كما يريده الشعب المصري، ويتضمن خطة عمل متكاملة تعمل على استكمال مسيرة التنمية المستدامة الحالية وليس أن تكون معارضة لها.