ألفة السلامي تكتب: البشرية تئن من وطأة النفايات!
ADVERTISEMENT
انصب اهتمام وسائل الإعلام المختلفة إبان جائحة كورونا على انتقال العدوى وتحور الفيروس وتداعيات المرض على المصابين؛ لكن غاب الاهتمام بواحدة من أهم التداعيات الكارثية للفيروس على البيئة وصحة الإنسان، حيث تسببت الجائحة في زيادة ضخمة للنفايات الطبية الخطرة وبشكل ملحوظ.
وفقًا لتقرير حديث صادر عن منظمة الصحة العالمية، شكلت هذه النفايات تهديدات خطيرة لصحة الإنسان والبيئة وبشكل يدعو للقلق مما يستوجب التفكير في إجراء تغييرات على طرق تصنيع المنتجات الطبية وسبل التخلص الآمن من النفايات الخطرة. على سبيل المثال، تم شحن أكثر من 140 مليون جهاز لتحليل الفيروس في جميع أنحاء العالم، مما نتج عنه 2600 طن من النفايات، معظمها من البلاستيك و731 ألف لتر من النفايات الكيميائية، كما يذكر التقرير.
علاوة على ذلك، تم إعطاء أكثر من 8 مليارات جرعة لقاح في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى إنتاج 144 ألف طن إضافية من النفايات والمخلفات وهو ما يصل إلى عشرة أضعاف نفايات الرعاية الصحية خلال فترة ما قبل كورونا. كل هذا يضاف إلى 8 ملايين طن من البلاستيك تدخل البحار سنويّا، ونحو 150 مليون طن أخرى يتم تداولها بالفعل على وجه البسيطة.
هذه الأرقام "المرعبة" تعكس حال البشرية التي تئن تحت وطأة النفايات؛ لكنّ الحقيقة تكشف مرة أخرى أن البلدان ذات الدخل المرتفع تنتج مستويات أعلى بكثير من النفايات الطبية ويتجاوز الضعف مقارنة بالبلدان النامية والفقيرة مجتمعة، وهي نفس الظاهرة القديمة التي عانى العالم النامي من ظلمها خلال عقود طويلة نتيجة التلوث الصناعي الذي تنتجه الدول الغنية.
وقد وصف كيث ألفرسون، مدير المركز الدولي للتكنولوجيا البيئية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في أوساكا باليابان، الوضع الآن بأنه مؤسف حيث أن كمية هائلة من نفايات الرعاية الصحية في دول العالم، بما في ذلك النفايات الناتجة عن الاستجابة لوباء كورونا، تُساء معاملتها بتقنيات يتم تطبيقها بشكل خاطىء، أو لا يتم معالجتها على الإطلاق. لذلك، عمل المركز على مساعدة الحكومات على كيفية إدارة الزيادة الكبيرة في النفايات الطبية نتيجة لهذا الوباء العالمي من خلال إصدار مجموعة من تقنيات المعالجة/ التدمير للنفايات الطبية، حرصا على حماية الناس من انتشار الأمراض والحد من التلوث الذي يهدد صحتهم وبيئتهم.
وفيما يخص مصر، يُقدر حجم النفايات الطبية خلال تفشي جائحة كورونا في مصر بنحو 300 طن يوميًّا، وفقا للنائب بالبرلمان فائز بركات، خلال طلب إحاطة وجهه إلى رئيس الوزراء في شهر إبريل 2020 . وشدد على ضرورة التخلص الآمن من المخلفات الطبية الخاصة بمصابي كوفيد-19. وقد شهد قطاع المُخلّفات الطبية الخطرة زيادةً ملحوظةً في الكميات اليومية من النفايات التي تخرج من مستشفيات العزل الصحي، وعددها 320 مستشفى في كامل ربوع مصر، وتحوي النفايات آلاف من القفازات والكمامات والسترات الواقية والسرنجات الطبية ومخلفات المعامل. وتتولىّ سيارات خاصة بجمع النفايات تابعة لمديريات الشؤون الصحية بالمحافظات عمليات نقل تلك النفايات من العديد من المستشفيات، التي لا يوجد بها مفرمة أو محرقة، إلى مناطق المعالجة ثم المدافن، ويوجد نحو 200 محرقة للنفايات الطبية في مصر.
وتدعم وزارة البيئة طريقة فرم وتعقيم النفايات قبل وضعها في مدفن صحي آمن صحيا وبيئيا، وتعتبرها الطريقة الأفضل لمعالجة النفايات الخطرة مقارنة بالطريقة الثانية وهي الحرق التي تزيد من الانبعاثات الغازية. لذلك، أنشأت وزارة البيئة محطات معالجة جديدة وتتم كافة الخطوات وفقا لنظام تحكم إليكتروني ومتابعة دقيقة من وزارتي الصحة والبيئة للكميات والمسار الذي تسلكه النفايات الخطرة.
ورغم أن الوعي بهذه القضية وتداعياتها يشهد زخما متزايدا وفي أعلى مستوياته سواء محليا أو عالميا إلا أن كميات النفايات بشكل عام، والطبية منها بشكل خاص، مازالت في ارتفاع مخيف! ويبدو العالم الآن بحاجة ماسة إلى التخلص من المنتجات غير الضرورية أو التي تنطوي على مخاطر شديدة على صحة الإنسان، وأن تتبنّى الحكومات سياسات لتحفيز المصنّعين على إعادة الاستخدام وإعادة التدوير وإزالة المواد المضافة الخطرة. بذلك فقط يمكن تقليل حجم النفايات التي تدخل محيطاتنا بأكثر من 80 % بحلول عام 2040 وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 25 % وخلق نحو مليون فرصة عمل في مجالات الاقتصاد الجديد أو الأخضر خاصة في الدول النامية.. والأهم منح فرص الحياة في سلام للبشرية!