أحلام جديدة مع المجلس الصحى المصرى.. ولكن
ADVERTISEMENT
تابعت على مدار الأيام الماضية، الحالة المصرية المصاحبة لتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى على قانون المجلس الصحى المصرى، وخاصة مصاحبتها لأجواء تفاؤلية كبيرة وطموحات أكبر من ذوى الشأن فى الحكومة ممثلة فى الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والقائم بأعمال وزيرة الصحة، وعلى المستوى النيابى وخاصة الأستاذ الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة الأسبق، ورئيس لجنة الصحة بمجلس النواب الحالى.. لا شك أن هذه الحالة ما ويصاحبها من تفاؤل يعطى لنا الطموح الأكبر كمصريين فى أننا سنكون أمام منظومة صحية فى مصر تتطور وتتنامى يومًا بعد الأخر وتتغلب على إشكاليات الماضى والذى أعتبره «ماضى سيئ» وخاصة فى ضوء تواجدى بالخارج لسنوات كثيرة وتعاملى مع مختلف المنظومات الصحية بالخارج.
تحيا مصر
القضية بالنسبة لى ليست قانون جديد أو بنود جديدة منقوله من تجارب خارجية، وإن كانت التجربة البريطانية هى الأقرب مع بعض التعديلات فى فلسفة وجود المجلس الصحى، لأن ما يشغلنا فى الأساس هو التطبيق والتنفيذ على أرض الواقع.. فعلى الورق نحن أمام تشريع جديد يحقق نقلة نوعية مختلفة فى منظومة الصحة المصرية سواء كان للأطباء أو مختلف أعضاء الفريق الطبى والصحى، حيث سيكون له دور فعال فى تأهيل أعضاء الفريق الطبى وتدريبهم ومنحهم شهادات مهنية من خلالها تؤهلهم لسوق العمل وتربطهم بتطوراته وتفاعلاته ومستجداته، وهذا أمر فى ظاهره جيد ولكن تنفيذه على أرض الواقع هو الفيصل.
لماذا أتحدث عن التنفيذ وأهميته بعيدا عن البنود الجميلة فى القانون؟
لأن أعضاء المنظومة الصحية يدركون بأن قانون المجلس الصحى المصرى ألغى الهيئة المصرية للتدريب الإلزامي للأطباء المنشأة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (210) لسنة 2016، وهى هيئة كانت حديثة وكانت الآمال عليها كبيرة فى أن نكون أمام طبيب مؤهل ومرتبط بسوق العمل، ولكن رغم مرور 4 سنوات على إنشائها تم إلغائها بل بالأدق ضمها للقانون الجديد الخاص بالمجلس الصحى المصرى على أن تشمل عملية التدريب والتأهيل لجميع أعضاء الفريق الصحى.. ورغم أنها لم تحقق النتائج إلا أن الأمل لايزال قائما فى أن نكون أمام مجلس صحى من خلالها يتم وضع برامج تدريبية تؤهل الأطباء وتدربهم وأيضا باقى أعضاء الفريق الصحى.
باختصار؛ المجلس الصحى المصرى من خلاله سيخضع كافة أعضاء الفريق الطبى والصحى لبرامج تدريبية وتأهيلية من خلالها سيحصل على الدرجات العملية التى تؤهله للترقيات وسيتم إلغاء درجات الماستر والدكتوراه لجميع أعضاء الفريق الصحى، وستكون الدرجات العلمية أو ما سيطلق عليها الشهادات المهنية كل 5 سنوات، بمعنى أن الطبيب سيتخرج بعد 5 سنوات دراسة نظرية وعامان (امتياز) ويخضع لاختبار مزاولة مهنة وتخصص، على أن يكون مطالب كل 5 سنوات بالحصول على شهادة مهنية تؤهله لاستمرار مزاولة المهنة وهو أمر غير مقتصر على الطبيب ولكن سيكون شاملا جميع أعضاء الفريق الصحى.
أحلام جديدة مع المجلس الصحى المصرى.. ولكن
هذه الخطوة من شأنها أن تساعد أعضاء المنظومة الصحية على التطوير دائما ومتابعة تطورات السوق الطبى والصحى وأيضا ستحل جزء امن هجرة الأطباء للخارج وخاصة من يرغب فى السفر للخارج من أجل التدريب.
أتصور بإتقان التطبيق لهذا القانون الهام مع نجاح منظومة التأمين الصحى الشامل، سيتحقق حل لكثير من إشكاليات ضعف التدريب والتأهيل للفرق الطبية وحل مشكلات تدنى الأوضاع المالية، ومن ثم سنكون أمام منظومة صحية متطورة وموفرة لكافة الاحتياجات المالية لأعضائها، ولكن تبقى الآمال والطموحات معلقة على جدية التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع، وألا تذهب هذه الآمال نحو الأدراج، وخاصة أن عادتنا كمصريين أن تتغير السياسات مع تغير الوزراء فى الحكومة، وبالتالى نأمل أن تستمر هذه السياسة التى تقضى على أوضاع الأطباء المالية السيئة وأيضا تدريبهم وهو ما يصب فى النهاية لصالح الوطن والمواطن.
أطمئن كثيرًا لما تضمنه القانون بالنص صراحة على إنشاء مجلس جديد يُسمى "المجلس الصحي المصري" يكون تابعا لرئيس الجمهورية، والتبعية هنا فى صالح تحقيق التأثير المطلوب لنكون أمام تحركات مختلفة مثلما يعودنا الرئيس السيسى، ومن ثم سنكون أمام تحركات واضحة لتطوير جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، بداية من اتباع المعايير الدولية في تدريب الفريق الطبي، والعمل على رفع كفاءته لمواكبة التطورات السريعة في ذلك المجال، وسنكون أمام معايير وإجراءات جديدة لتدريب خريجي الكليات الطبية والصحية المختلفة والإشراف على امتحاناتهم للتحقق من استيفائهم للتأهيل الكافي للممارسة الطبية والصحية الآمنة التي تؤهلهم للحصول على ترخيص مزاولة المهن الصحية بالتنسيق مع الجهات المختصة، وللوصول إلى المستهدف تحقيقه من استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) التي تهدف إلى تحقيق العدالة والكفاءة في الرعاية الصحية لكل المصريين دون تمييز، وتحسين كفاءة وفاعلية المنظومة الصحية واستثمار القوة البشرية من خلال تطوير منظومة التعليم الطبي والمهني، واختيار أفضل البرامج العلمية التدريبية التخصصية.
أخيرًا النوايا فى القانون والجهود التى تبذل من أجل المنظومة الصحية فى مصر صادقة، وأنا كمواطن مصرى أعيش بالخارج ألمس تنامى هذا الوضع وأراقبه من الخارج ولكن كما ذكرت فى بداية المقال التنفيذ على أرض الواقع هو المعيار الأهم، واللائحة التنفيذية المنتظرة لابد أن توضح كافة التفاصيل سواء للامتحانات أو الرسوم أو غيرها من الضوابط التى تساعد الأطباء وكافة أعضاء الفريق الصحى والطبى أن يكونوا جزءًا أساسيا من التطوير والنهوض وليس الهجرة والهروب فى بعض الأحيان للخارج.